الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

كنيسة الرّوم الكاثوليك والموسيقى البيزنطية مقال دجوني ألقسّيس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دون الشماس دجوني القسيس واصفا العلاقة بين كنيسة الروم الكاثوليك والموسيقى البيزنطية قائلا تميّزت كنيسة الرّوم الكاثوليك الأنطاكيّة منذ نشأتها في القرن الثامن عشر بتمسّك شديد باللّيترجيا البيزنطيّة بشكل عام (تيبيكون الخوري فيليبس ملّوك الّذي اعتمد عليه المرحوم رزق الله عرمان لكتابة كتاب التيبيكون الخاص به) وبالموسيقى الكنسيّة بشكل خاص(نجدُ مثلًا في دير مار يوحنّا في الخنشارة مخطوط موسيقيّ بالكتابة الكوكوزيليّة أيّ أنّ الرّهبان في ذلك الوقت كانوا يُجيدون قراءة هذه الكتابة أمثال الأب ميخائيل حكيم الّذي أصبح في العام ١٧٦١ بطريركًا باسم مكسيموس الثّاني حكيم والأب إغناطيوس كربس الّذي أصبح مطرانًا على حلب في العام عينه و"قد فاق أهل عصره في علم البصلتيكا الشّريف")



فنجدُ مثلًا أنّ أولى الكتب الموسيقيّة المطبوعة بخط البصلتيكا بدأت بالظهور في أوائل القرن العشرين في إكليريكيّة القديسة حنّة في القدس التي كان يُديرُها الآباء البيض (خدمة صلاة الغروب ١٩١٩) والّذين كان أشهرهم الأب Abel Couturier الّذي ألّف أوّل كتاب لتعليم الموسيقى البيزنطيّة باللّغة الفرنسيّة (Petite méthode de musique byzantine). وتتالت الإصدارات الموسيقيّة العربيّة واليونانيّة مع إنشاء المطبعة البولسيّة( خدمة عيد القديسين بطرس بولس، خدمة عيد الميلاد المجيد، صلاة الغروب ١٩٤١، خدمة الفصح المجيد ١٩٤٤، وخدمة الأسبوع العظيم ١٩٤٩) والمطبعة المخلصيّة(خدمة الميلاد المجيد ١٩٣٠ خدمة سحر السبت العظيم ١٩٣٦ ترانيم الخورس في القداس البيزنطي ١٩٤٥، خدمة الأسبوع العظيم المقدس ١٩٦٦


إنّ هذه الغزارة في الإنتاج الموسيقيّ لما كانت لتحصل لولا طغمة من الآباء الّذين استمعوا وقرأو لسنين طويلة ما تيسّر لهم من المراجع اليونانيّة وحاولوا نقلها بأمانة إلى اللّغة العربيّة حتّى ولو كانت نسب نجاحاتهم متفاوتة في بعض الأحيان.


ومن هؤلاء الآباء الموسيقيّين نذكر على سبيل المثال لا الحصر: الأب أنطون حبيب البولسي، الأبوين كيرلس حداد ويوسف نخلة المخلصيّين الأبوين إغناطيوس صاد وباسيليوس قسيس المخلصيّين، الأبوين جبرائيل أبو شديد وبطرس جريجيري الشويريّين الأب يوحنا خوام الحلبي، الأب أنطون هبّي الأب باسيليوس خوري والأب إلياس جدعون صاحب الأداء البيزنطي الإستثنائي.

٢- بدايات الأزمة ومحاولات المعالجة: النّهضة اللّيترجيّة

مع رحيل هؤلاء الآباء بدأت مرحلة من الإنحطاط اللّيترجي في كنيسة الرّوم الكاثوليك، بدأت تباشير زوالها في العام ١٩٨٥ مع اللّجنة اللّيترجيّة الّتي ترأّسها النّائب البطريركي في القدس لطفي لحّام ( البطريرك غريغوريوس الثّالث فيما بعد) الّذي باشر باقتراح تعديل كتاب الليترجيات الإلهية وبتنقيح كتاب الأنثولوجيون الّذي تحوّل فيما بعد إلى مجلّدات "الصلوات الطقسية لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك على مدى السنة".
ومع توحيد الألحان ووضع الكراريس الملحّنة إبتداءً من العام ٢٠٠٥ الصادرة عن اللّجنة الليترجية البطريركيّة بإشراف كلّ من الإيكونموس إيليّا شتوي،والأب مكاريوس هيدموس المخلّصي الّذين لا يزالان يُجاهدان في عمليّة التّلحين الشاقّة حتّى يومنا هذا، يمكننا القول أنّ مرحلة الإنضباط اللّيترجي قد ابتدأت في كنيستنا.

-٣- واقعٌ مرير:

إلاّ أنّ هذا لا يعني أن الأمور اللّيترجيّة في كنيستنا تجري على ما يُرام. فبالرغم من وجود كتب الصّلوات الملحّنة وغير الملحّنة وبالرغم من المراسيم اللّيترجيّة الواضحة والمُسهبة(راجع المرسوم البطريركي الصادر في دمشق ١٥ شباط ٢٠٠٥)، هناك هوّةٌ عميقة بين القاعدة والممارسة.
ففي كاتدرائيّة إحدى الأبرشيّات قام كاهن بالإحتفال باللّيترجيا الإلهيّة مع مجموعة من المرنّمين الّذين يعزفون على الغيتار والّذين ضربوا بعرض الحائط هيكليّة القداس الإلهي فسمحوا لأنفسهم أن يستبدلوا طروباريّات الأحد والشيروبيكون ونشيد والدة الإله بأناشيد أقلّ ما يقال فيها أنها أغانٍ لا قيمةَ فنيّة لها بحجّة أنّه قداس الشبيبة.
أي أنّنا نريد شبيبة بعيدة كل البعد عن تراثها وكنيستها نجتذبها بأمور لا تليق بقدسيّة الصّلاة الجماعيّة.
فضلًا عن ذلك، تغزو صفحات التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة لبعض المرنّمين بمناسبة الأسبوع العظيم والفصح المجيد.
اللّافت في هذه المقاطع أنّها مصوّرة مع video clip وحركات في الأيدي والجسم لا مبرّر لها ولا معنى مرافقة مع آلات موسيقيّة وتوزيع موسيقي هابط. فهل أصبح المرتّلون وجوهًا إعلاميّة تسعى وراء النجوميّة؟
هل هناك توجّه صريح في كنيستنا للتخلّي عن تراثنا الذي حافظنا عليه بجهود رجالات اكِفاء؟ أو على الأقلّ تراخٍ في الأمور اللّيترجيّة؟