الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

قاهرة المعز 2.. الحلم الذي تحقق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتفرد مدينة القاهرة بسحر خاص، تجذب إليها القلوب قبل العيون، عجز المؤخرون والمستشرقون على وصفها، فكل من يأتى إليها يأبى الرحيل، وكأنها "النداهة" التي تشدو بصوتها العذب لتجذب إليها كل من تخطو قدمه عليها، فهى مزيج من العبقرية والجنون، أما لياليها فلها مذاق خاص، التجوال في شوارعها حتى مطلع الفجر، فهى المدينة التى لا تنام.
وعلى مدى شهر رمضان المبارك سنروى حكاية تلك المدينة الساحرة، أم المدن، «القاهرة» سنتحدث عن مساجدها، وكنائسها ومبانيها، وحكايات أشخاص عاشوا فيها، وغزاه وأحباب سنروى حكايتها منذ نشأتها.
«قاهرة المعز(2)».. قصرًا لـ«المعز»
بعد أن وصل القائد المنتصر "جوهر" إلى مدينة الفسطاط، واستقر بالسهل الذى كان خاليا من البناء إلا بضعة مبان ملحقة ببساتين الكافور، ودير فسيح اسمه "دير العظام"، وكان يشغل مكان مسجد الأقمر حصن صغير يسمى "قصر الشوك".
ووقتها وضع "جوهر" مخططًا لموقع القصر الذى قرر أن يستقبل فيه "المعز"، وحينما أتي أعيان الفسطاط في الصباح التالي لتهنئته وجدوا أنه وضع أسس البناء الجديد، بل وقام بحفر الأساسات أيضًا، وبنى "جوهر" سورًا خارجيًّا من اللبن على شكل مربع طول كل ضلع من أضلاعه 1200 ياردة، وكانت مساحة الأرض التى حددها هذا المربع 340 فدانًا منها نحو 70 فدنًا بني عليها جوهر القصر الكبير وخمسة وثلاثين للبستان الكافورى، ومثلها للميادين والباقى تم توزيعه على الفرق العسكرية في نحو عشرين خطة بجانبي قصبة القاهرة.
أما عن القصر الذى بنى خلسة في الليل فوجده "جوهر" مائلًا، وبالرغم من ذلك قد تركه على حاله وقال:" قد حفر في ليلة مباركة وساعة سعيدة"، وفى اليوم الذي خط جوهر مدينة "القاهرة" أخذت كل قبيلة من قبائل الشيعية التى تألف منها جيشه، فاتخذت زويلة، واختطت جماعة من برقة الحارة البرقية واختط الروم حارتين البرانية والجوانية بالقرب من باب النصر.
وكان غرض "جوهر من إنشاء القاهرة في أن تكون معقلًا حصينًا لرد القرامطة عن مدينة مصر الفسطاط ليقاتلهم من دونها فأدار السور اللبن على معسكرات قواته وأنشأ من داخل السور جامعًا وقصرًا وحفر خدنقًا من الجهة الشمالية ليمنع اقتحام جيش القرامطة إلى القاهرة ومصر.
أما القصر الذى بناه جوهر إلى مولاه حتى يكون هو وأعوانه وجيوشه بمعزل عن عامة الشعب، ومع تتبع حدود سور "قاهرة المعز" فقد كانت القاهرة محاطة بمجموعة من الأبواب، وهى باب النصر من الشمال، وباب زويلة من الجنوب، ومن الجهة الشرقية باب البرقية والباب المحروق المواجهتين للمقطم، ومن الجهة الغربية باب سعادة المطل أو المحاذى لخليج أمير المؤمنين.
ولما فرغ "جوهر" من بناء قصر الخليفة "المعز لدين الله " أقام حوله السور، وسميت المدينة في أول الأمر بـ "المنصورية" تيمنًا باسم مدينة "المنصورية التى أنشأها خارج القيروان المنصور بالله والد المعز بتونس، واستمر هذا الاسم حتى قدم المعز إلى مصر، فأطلق عليها "القاهرة" وذلك بعد مرور أربع سنوات على تأسيسها.
وعن لحظة وصول المعز لدين الله للقاهرة حكايات أخرى من ليالى القاهرة، فبعد أن وضع القائد "جوهر" أساسات قصر المعز وتخطيط المدينة الجديدة في الليل، ستأتى ليال أخر عاصرتها مدينة القاهرة سنتحدث عنها في الحلقات القادمة.