الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

إميل سيوران.. نزاع الإنسان والهوية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفي الأوساط الثقافة والفنية، غدًا الخميس، بذكرى ميلاد الكاتب والفيلسوف الروماني إميل سيوران، أحد أبرز الأدباء الرومان، والذي لاقت أعماله الأدبية في البداية إقبالا محدودا؛ ولكن قاعدة قراءه توسعت بعد وفاته، فظهرت كتبه وترجمت العديد من أعماله من الرومانية والفرنسية إلى العربية، ورغم الأحداث التاريخية اللاحقة على ذلك والراسخة فينا، يظل سيوران بمثابة بصيص النور في ظل العتمة المحيطة بنا، لأنه نجح في حل النزاع الراسخ أيضًا في هويته الرومانية أي الشرق أوروبية، وذلك عبر الكلمة والفكر مغامرا في لغة ليست لغته الأم وهي "الفرنسية"، تائها في مدينة ليست مدينته أيضا وهي "باريس"، غارقا في بحر إضفاء المعنى على الحياة.
عاش سيوران في مرحلة تتحدث عن الحداثة وما بعدها، ولكنه اختار البعد عن الزمن، فقد سعى إلى تحطيم المعنى من أجل خوض تجربة اللامعنى، وفضَّل شكل الكتابة المقطعية، والاعتراف، والحكمة المختزلة، على الخطاب المتماسك زورًا وزيفًا، وكما يقول: "يمكننا تحمل الشر وليس مفهمته ولا معرفة لديه إلا عبر الحواس"، أي أن كل تجربة عميقة تصاغ بعبارات فيسيولوجية؛ لذلك اختار الشعر والموسيقى على مستوى فلسفته وفكره، حيث مثل الشاعر الذي يخاتل شكوكه ليتعاطى الكلمة ويحول اللاواقع إلى واقع صيغي، أراد الغربة في أعماقه حتى لا ينتمى إلى أي ارض ويحافظ على وعيه بالطابع الانتقالي المؤقت لحياة أي إنسان.
من بين الأعمال الأشهر للكاتب والفيلسوف الراحل كتابه "التاريخ واليوتوبيا" والذي ترجمه الشاعر آدم فتحي للعربية، حيث "تمثل كتابة سيوران في حد ذاتها حدثًا فريدًا من نوعه في تاريخ الأدب الفرنسي خلال النصف الثاني من القرن العشرين"، حسب قول فتحي.
يتناول كتاب سيوران مجموعة من المقالات المطولة، التي بحث من خلالها عن الدوافع الخفية وراء مختلف الأنظمة السياسية بالطريقة ذاتها، التي اتبعها في دراسته عن جوزيف دي ميتر، والتي تعتمد على أن الأيديولوجيات التي تختلق فراديس في الزمن على أن يكون أما في الماضي النشأة أو في المستقبل، وذلك حسب الرغبة في الدعوة إلى الحنين للماضي، أو إلى عبادة التقدم. ويبدو الكتاب "حدثا داخل الحدث"، وفق مترجمه؛ فهو أثر نحن في أشد الحاجة إليه اليوم وغدًا، لأنه "يحمل فكر ما بعد الوفاة حسب عبارة نيتشه"، أي أنه جاء ليملأ الفراغ الناتج عن موت المؤلف البيولوجي وصمته الإبداعي على حد سواء. يقول المترجم: "يبدو سيوران مرجعا أساسيا لنا في مغامرة البحث عن هويتنا المبعثرة وعن إمكانية تصالحنا مع الحضارة الغربية التي أسقطنا عليها ما زرعته فينا من الشعور بالحرمان والإحساس بالنقص خلال الفترة الاستعمارية من جهة".