الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وقت الإصلاح السياسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قدر الجيل الحالي أن يصلح ما أفسده السابقون، ولا يقدر على اقتحام ملف الإصلاح السياسي إلا السيسي الذي سيدخل التاريخ المصري بوصفه رجلًا انتشل البلاد من فوضى عارمة وخزينة خاوية وحروب على عدة جبهات، وتربص من الداخل والخارج، وعلاقات متوترة ومجمدة مع معظم دول العالم، وإرهاب يضرب بعمق في القلب المصري، ونجح بأقصى قدر ممكن من الجرأة المحسوبة بتنفيذ أعنف برنامج للإصلاح الاقتصادي، كان من سبقوه يخافون من مجرد ذكر عناوين ما شرع في تنفيذ تفاصيله..كما حدث في معركة تحرير الجنيه لكن للتنمية الاقتصادية من دون إصلاح سياسي حدودها. ففي خاتمة المطاف، لا يمكنكَ جذب الاستثمارات الأجنبية من دون وجود سلطة قضائية مستقلة، على سبيل المثال، تضمن أن تتاح للناس محاكمة عادلة عندما تحدث المنازعات. لا يمكنك محاربة الفساد من دون وجود صحافة حرة، أو نظام قضائي مستقل، أو برلمان قوي. لذلك عندما نتحدّث عن التنمية الاقتصادية في معزل عن الإصلاح السياسي فكأننا نقف طوال الوقت على قدم واحدة ولهذا فقد حان الوقت لتطبيق برنامج للإصلاح السياسي لأمة طال انتظارها وشوقها لهذا البرنامج خاصة وأن الأمة المصرية كانت الحارث الأمين على مؤسسات الدولة وحمايتها وسيثبت التاريخ أنه بين هذا المصير الذى لقيته ثورات الربيع العربى، كانت مصر هى التى نجت، فالملايين التى انتفضت في 25 يناير 2011 لإسقاط نظام مبارك هى نفسها، وأكثر منها التى انتفضت في 30 يونيو 2013 لإسقاط 'حكم المرشد أي أن هذه الأمة قادرة على تصحيح أخطائها لأن أصحاب الولاء الصادق، والانتماء الصحيح لا يجيدون التمثيل، همهم إظهار الحق والعدل والعمل والدولة المصرية قوية بما يكفي لبدء التحول نحو الديمقراطي وقوة الدولة باختصار شديد هي قدرتها على إنفاذ إرادتها، عبر مختلف أجهزتها، على كل مواطنيها، وعلي امتداد ترابها الوطني، وكذلك قدرتها على بسط الأمن، وكذلك الوفاء بتعهداتها والتزاماتها الإقليمية والدولية. وحتي في معمعة ٢٥ يناير ٢٠١١م، لم يحدث فراغ سلطة، وانتقلت السلطة إلى المجلس الأعلي للقوات المسلحة، الذي ملأ فراغ الرئاسة والبرلمان والدستور، وأدار - بكفاءة منقطعة النظير - عدة استفتاءات وانتخابات في كافة أنحاء البلاد وباستثناء العام٢٠١٢ - ٢٠١٣م الذي حكم فيه الإخوان فإن القول بضعف الدولة وهشاشتها والزعم بأنها في خطر هو مجرد مخاوف أو تخويفات لا دليل على صحتها. كما لا يجوز اتخاذ الأوضاع الإقليمية تبريرًا لتأجيل التحول الديمقراطي، فالدولة في مصر لا تُقارن بما يسمى دولًا من باب المجاز في المنطقة.
ومصر في سباق تلهث لتعويض ما عجز السابقون عن تحقيقه خاصة في هذا الزمن الذي لم يعد حجم الدولة كافيا ليصنع لها مكانة دون ظل يضاعف هذا الحجم في عالم لا يرى الا الظل حتى ولو كان لدولة أو دويلة صغيرة... الظل والهالة يصنعها إعلام وقوة ناعمة وتاريخ مصر القريب والبعيد يشهد بان قوتها في الإقليم والعالم تكمن في قواها الناعمة: إبداع وفن وصحافة وأدب وسينما وموسيقى وغناء ومسرح وأزهر وكنيسة والرأي العام الواعي. وربما تكون الظروف مهيأة تماما لتطبيق مواد دستور البلاد وحل الأحزاب الدينية القائمة، من أجل إرساء أساس إقامة حياة سياسية وحزبية نزيهة تقوم على فصل الدين عن السياسة، حفاظًا على قدسية الدين ومكانته، وحماية للسياسة من تلاعب من يوظفون الدين في السياسة. وهو في نفس الوقت تطبيق لنصوص دستور ٢٠١٤، فتجارب الشعوب في كل أنحاء العالم تقول إنه لا ديمقراطية في ظل خلط الدين بالسياسة، وإن أوروبا لم تعرف طريق التطور والديمقراطية إلا عندما قامت بالفصل بين الدين والسياسة. وهناك من يؤمن بأن التعليم هو بوابة المستقبل، ولم يحدث في العالم كله أي تجربة إصلاحية إلا وكان التعليم أساسًا لها؛ فهو مفتاح التقدم، وتحديث أجهزة الدولة ديمقراطيًا واقتصاد.