الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أزمة البحث العلمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يزال التحدي الأكبر لبناء دولة قوية هو العلم ، فبالعلم وحده يمكنك أن تخرج من دائرة الفقر والضعف ، إلى مدار الأقوياء أصحاب الكلمة في العالم الذي نعيش فيه الآن . خاصة أن لغة التكنولوجيا ، هي صاحبة السيادة في الواقع الحاضر، وفي المستقبل أيضا .
لن يخذلنا العلم إذا أردنا أن نتغلب على الفقر المائي الذي نعانيه منذ عقود، ويتضاعف مع تضاعف أعداد السكان ، الذي يزيد بشكل متسارع كل عام ، فبالعلم يمكنك أن تستمطر السحاب في المكان الذي تريد أن تزرع فيه القمح الذي تريد ، ويمكنك أيضا بالعلم أن تحلي مياه البحرين الاحمر والأبيض، بأقل كلفة من مال وجهد ووقت .
بالعلم وحده يمكنك أن تصنع دواءك ,وتعالج مرضاك دون أن تستجديه من الخارج ، بل يمكنك أن تزيد رفاهية شعبك اذا صدرت هذا الدواء للدول الصديقة ، بغرض تعزيز مصالحك معها ، وأن تزيد قدرات شعبك على العمل والانتاج ، بعد أن يصبح صحيح البدن نشيط الذهن .
بالعلم يمكن أن نصنع سلاحنا الذي ندافع به عن حياض الوطن ، ونردع به كل من تسول له نفسه الاعتداء على أرضنا وعرضنا ومائنا وسمائنا ، وننفذ أمر المولى "وأعدوا لهم ما استطعتم .." لارهاب من لا يرهبه سوى قوة السلاح , ولا تردعه إلا لغة القوة عن الاعتداء .
ولن يتحقق لدينا علم ولن يكون لدينا علماء، إلا إذا ضاعفنا ميزانية البحث العلمي في مصر ، فلن تتحقق نهضة علمية سوى بالإنفاق على العلم والتعليم بسخاء دون تقتير أو توفير .
فما زال البحث العلمي في مصر يتكلف أقل من 1% في حين تبلغ هذه الميزانية في اسرائيل أكثر من 4%وهو تقريبا ما يوازي قيمة انفاق الدول العربية مجتمعة . كما أن عدد الباحثين في مصر أقل كثيرا من المعدل العالمي .
ما زلنا نتعثر في طريق البحث العلمي بتشريعات عقيمة ، لا تسمح لنا بالتطوير والتطور كما يجب أن يكون ، وما زالت مدارسنا تفتقر إلى المعامل التي كانت في الستينات والسبعينات وهي القادرة على تأكيد المعلومة في ذهن الطالب ، وتعزيز قدراته وتنمي مواهبه . وما زالت معظم المدارس الفنية تفتقر إلى التعليم الفني الكافي ، لتأهيل خريج قادر على اقتحام سوق العمل بشكل جيد.
بل ان هذه المدارس الفنية لم يتم تأهيلها لكي تعبر تكون سوق العمل الحقيقية وتلبي احتياجاته ، وما زالت الكليات العملية تفتقر إلى المعامل التي تشبع رغبة الطالب في البحث والابتكار.
بل ان ميزانية البحث العلمي على ضآلتها الدستورية هي أقل في الواقع عن الـ1% بكثير رغم التحديات الصعبة التي تواجهنا في الوقت الحالي والمستقبل القريب رغم أن هناك زيادة كبيرة عما كان موجودا في التسعينات والالفينات .
وفي تقرير حديث للبنك الدولي أشار إلى أن صادرات الدول العربية مجتمعة تمثل 21% من إجمالي الشرق الأوسط، بينما تنفرد إسرائيل بـ 79% من إجمالي الصادرات، وهو ما كان نتيجة لإنفاق إسرائيل قرابة 4.7% من إجمالى الناتج المحلى على البحث العلمي والتطوير أى حوالى 9 مليارات دولار أمريكي، وفقًا للبيانات الحكومية ، بينما يصل متوسط الإنفاق على البحث والتطوير في الدول العربية مجتمعة إلى 3%.
وقد اتخذت الحكومة الجزائرية قرارًا برفع قيمة تمويل البحث العلمى من 4.5 مليار دينار إلى 20 مليار دينار خلال عام 2018 (176.1 مليون دولار امريكي) أى قرابة 1% من إجمالى الناتج المحلي، وستعطى الحكومة الأولوية للبحوث التي تقدم إضافة للاقتصاد الوطني خاصة المؤسسات الاقتصادية للمساهمة في التطور العلمي والتكنولوجي وكذا الاقتصادي للبلاد.
زادت الحكومة التونسية من حجم ميزانية وزارة التعليم العالى والبحث العلمى في الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد 2018 من 1361.8 مليون دينار إلى 1481.6 مليون دينار بنسبة أقل من 0.8% من إجمالى الناتج المحلي "أى تقريبا 619.8 مليون دولار أمريكي.