الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

76عامًا.. الجامعة العربية تحتفل بعيدها تزامنًا مع التجديد لأبو الغيط.. عهد جديد بدأ بتجاوز الخلافات العربية.. وجهود دؤوبة لتعزيز العمل المشترك

الجامعة العربية
الجامعة العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
76 عاما مضت على تأسيس بيت العرب ورمز وحدتهم.. تلك هى الجامعة العربية التى جسدت وعيا جديدا سرى في أوصال هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها بأن لسانها عربى، وثقافتها عربية، وشعورها وضميرها ووجدانها عربى".
تحديدا في 22 مارس من عام 1945، اتخذ العربُ قرارا تاريخيا بتأسيس بيت جامع يضمهم في رحابه، ونظام مؤسسى يُترجم الرابطة الحضارية التى يشعرون بها إزاء بعضهم البعض.. وقطعت المنظمة رحلة طويلة من التحديات، ومن الإنجازات والإخفاقات، لكنها ظلت تعبر عن صوت العرب الجماعى وجسدت دفاعهم عن قضاياهم ومقدراتهم "ما وسعهم جهدهم، وفى ضوء مُعطيات زمانهم".

ويأتي الاحتفال بعيد الجامعة العربية هذا العام متزامنا مع إعادة التجديد لأحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية لولاية جديدة تمتد على مدى خمس سنوات مقبلة، وكذلك التجديد للسفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية رئيس مكتب الأمين العام لفترة جديدة أيضا، لتسطر الجامعة العربية مرحلة جديدة من مهامها لتعزيز العمل العربي المشترك وتجاوز الخلافات العربية التي عصفت بالمنطقة السنوات الماضية، لتبدأ حلقة جديدة من سلسلة حلقات متواصلة من الجهد والعمل الدؤوب الذي تقوم به الجامعة بقيادة ابو الغيط في ظل تحديات جمة سياسية وأمنية واقتصادية بالإضافة إلى تداعيات جائحة كورونا التي تعصف بالعالم أجمع.
نشأة الجامعة العربية
بالتزامن مع نهاية الحرب العالمية الثانية عرف العرب مدى أهمية الوحدة العربية في عالم تسوده التكتلات السياسية، فكان لزامًا عليهم التقارب والتعاون ليتسنى لهم الحصول على ظهير قومي ودعم حقيقي في سبيل استكمال مسيرة الاستقلال والتحرر، وعلى صعيد آخر تعززت الحاجة إلى الوحدة مع الوعي بمخاطر الحركة الصهيونية وتقاطر الهجرات اليهودية إلى فلسطين بشكل استوجب توحد العرب في مجابهتا من أجل دعم فلسطين.
حيث جاءت من هنا فكرة إنشاء جامعة الدول العربية والتي نادى بها عدد من الزعماء العرب مثل مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر، والأمير عبد الله حاكم الأردن في حينه.
حرص رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس على الأخذ بزمام المبادرة ودعا كلا من رئيس الوزراء السوري (جميل مردم) ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخوري للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة "إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنضمة لها".
وقد كانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح، وبدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلي كل من العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر.
وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن في الفترة 25/9 إلى 7/10/1944 رجحت الاتجاه الداعي إلى وحدة الدول العربية المستقلة بما لا يمس استقلالها وسيادتها. كما استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لهذه الوحدة بـ "جامعة الدول العربية" وآثرته على مسمى "التحالف" و"الاتحاد" كون الأول يشير إلى علاقة عارضة والثاني يعبر عن علاقة تجب الاختصاصات المتفق على تحويلها للمنظمة العربية الناشئة. وفي ضوء ذلك تم التوصل إلى بروتوكول الإسكندرية الذي صار أول وثيقة تخص الجامعة، ولقد مثّل هذه البروتوكول الأساس لميثاق جامعة الدول العربية.
وقد تألف ميثاق الجامعة من ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق خاصة: الملحق الأول خاص بفلسطين وتضمن اختيار مجلس الجامعة مندوبًا عنها للمشاركة في أعماله لحين حصولها على الاستقلال. والمحلق الثاني خاص بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالي غير المشتركة في مجلس الجامعة. أما الملحق الثالث والأخير فهو خاص بتعيين السيد عبد الرحمن عزام الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة لمدة عامين. وأشارت الديباجة إلى أن الدول ذات الصلة وافقت على الميثاق بهدف تدعيم العلاقات والوشائج العربية في إطار من احترام الاستقلال والسيادة بما يحقق صالح عموم البلاد العربية.
وتم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية في 22/3/1945 من قبل مندوبي الدول العربية، وحضر جلسة التوقيع ممثل الأحزاب الفلسطينية وأصبح يوم 22 مارس من كل عام هو يوم الاحتفال بالعيد السنوي لجامعة الدول العربية.
ورغم تعاقب الأحداث وتغير الأنظمة والسياسات في الدول العربية على مر 75 عامًا، كان من الملاحظ تمسك كافة الدول الأعضاء بالانتماء إلى هذه المنظمة، ودفعها لتضطلع بالدور التكاملي الذي نشأت من أجله، فاستمرت المنظمة في التوسع والتطور واستمرت الدول العربية في الانضمام إليها كلما حصلت دولة منهم على استقلالها، لتصبح جامعة الدول العربية هي بيت العرب الجامع لكل أعضائه والحامل لآمال وطموحات شعوبه.

هيكل الجامعة
تتكون جامعة الدول العربية من عدة آليات هي:
يعتبر مجلس جامعة الدول العربية بمثابة الجهاز الرئيسي في جامعة الدول العربية وهو المسئول عن اتخاذ القرارات، ويتكون من ممثلي الدول العربية كافة، ويجتمع المجلس على عدة مستويات ليتباحث المسئولون العرب في شتى القضايا المعروضة عليهم، وقد بدأ باجتماع للمندوبين الدائمين، ثم أصبح يجتمع مرتين في العام اجتماعا دوريا على مستوى وزراء الخارجية، ليتسنى التباحث حول القضايا السيادية وسرعة اتخاذ قرار فيها، ثم، ولتحقيق تكامل وتنسيق أعلى، أصبح يجتمع المجلس على مستوى الملوك والرؤساء العرب مرة في العام، فيما يعرف باسم "القمة العربية". تنظم اجتماعات مجلس الجامعة في مقر الأمانة العامة، أما القمة العربية فتتبادل الدول الأعضاء استضافتها ورئاستها كل في دوره حسب الترتيب الهجائي.
أما الأمانة العامة فتعد القلب النابض في جسد منظومة العمل العربي المشترك. الأمانة العامة هي الجهاز المعنى بتنسيق العمل العربي المشترك، من حيث تجهيز الوثائق والأوراق التي تعرض على مجلس جامعة الدول العربية والمجالس الوزارية المتخصصة، كما تتابع تنفيذ اتخاذ القرارات الصادرة عن تلك المجالس، إضافة إلى ذلك فإن الأمانة العامة هي "بيت الخبرة العربي" بالنظر إلى ما تحمله من خبرات متراكمة منذ نشأة الجامعة العربية، مما يجعلها مرجعا هاما للدول الأعضاء لدى مناقشة الشأن العربي العام. يرأس تلك المؤسسة "أمين عام" يختاره مجلس الجامعة، وتتكون الأمانة العامة من عدد من القطاعات كل منها معنية بمجال محدد من مجالات العمل العربي المشترك، مثل القطاع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وغيرهم.
ومن بين المهام التي أوكلها الميثاق إلى الأمين العام: تنظيم أعمال الأمانة العامة ومتابعة تنفيذ قرارات المجلس وعرض البيانات والتقارير التي يطلبها المجلس، إعداد ميزانية الجامعة وإقرارها من المجلس، توجيه نظر المجلس إلى المسائل التي يقدر بخبرته أهميتها، تمثيل الجامعة لدى المنظمات الدولي والتحدث باسمها.
الأذرع الفنية لجامعة الدول العربية وأجهزتها المتخصصة:
المجلس الاقتصادي والاجتماعي: يمثل العمل الاقتصادي والاجتماعي جزءً أساسيًا من التكامل بين الدول العربية التي تجمعها وحدة اللغة والثقافة والشكل الاجتماعي، من هذا المنطلق نشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بموجب "معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية" التي أقرت عام 1950، ليتسنى للوزراء العرب المعنيين بالشئون الاقتصادية والاجتماعية الاجتماع بشكل دوري سريع لمناقشة وبحث الموضوعات التي تنهض بالعمل التنموي العربي. وفي عام 2009، تقرر عقد قمة عربية دورية تخصص فقط للمسائل التنموية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتقوم الأمانة العامة على إدارة شئون هذا المجلس.
المجالس الوزارية المتخصصة: من أجل تحقيق تكامل أعلى في شتى المجالات، يجتمع الوزراء المتخصصين في شتى المجالات في اجتماعات دورية، تتولى الأمانة العامة تنظيمها ومتابعة تنفيذ ما يصدر عنها من قرارات.
يبلغ عدد المجالس الوزارية حتى الآن 15 مجلس، تقوم أمانة فنية متخصصة في إطار الأمانة العامة بتنظيم كافة شئونها، من تحضير لاجتماعاتها ومتابعة تنفيذ قراراتها، وهي:
(وزراء الإسكان والتعمير العرب - وزراء الشئون الاجتماعية العرب - وزراء النقل العرب - الوزاري العربي للسياحة - الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة - وزراء الإعلام العرب - وزراء الداخلية العرب - الوزاري العربي للكهرباء - وزراء الشباب والرياضة العرب - المجلس الوزاري العربي للمياه - وزراء العدل العرب - وزراء الصحة العرب - الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات - الوزراء العرب المعنيين بشئون الأرصاد الجوية والمناخ - المجلس العربي للسكان والتنمية).
المنظمات العربية المتخصصة: هي الأذرع الفنية للجامعة وبيوت الخبرة العربية التي تقدم المشورة والخبرة والنصيحة في شتى القضايا والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمالية، وتقوم بدور محوري لتحقيق طموحات الدول العربية في التعاون والتنسيق في جميع مجالات تخصصها التي تتصل بالمواطن العربي، يبلغ عدد المنظمات المتخصصة 14 منظمة إضافة إلى عدد من مؤسسات التمويل، تتمتع كل منها بهيكل إداري ومالي مستقل تماما عن الأمانة العامة. من بين تلك المنظمات (الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري - اتحاد إذاعات الدول العربية - المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم - منظمة العمل العربية - الهيئة العربية للطيران المدني - منظمة المرأة العربية - الهيئة العربية للطاقة الذرية ).
البعثات والمكاتب الخارجية: نشأت المكاتب والبعثات الخارجية للجامعة العربية كمكاتب إعلامية بالأساس ثم أصبحت تقوم بمهام سياسية ودبلوماسية، بغية نشر المواقف والأفكار العربية وحشد التأييد الدولي اللازم لها، كما أن عددا من تلك المكاتب موجود في دول عربية ليكون مصدر دعم مباشر لتلك الدول، ومن ذلك مكتب الجامعة في ليبيا، ومكتب الجامعة في الصومال.
ويبلغ عدد مكاتب وبعثات الجامعة العربية في الخارج حتى الآن سبع وعشرون، وتقع مسئولية إدارة شئونها على عاتق الأمانة العامة.
آليات ومؤسسات أخرى: نشأت في الجامعة العربية عدد من الآليات المتخصصة الأخرى، منها:
البرلمان العربي
محكمة الاستثمار العربية
اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان:
المحكمة الإدارية
منتديات التعاون العربي-الدولي
دور الجامعة العربية
تمكنت جامعة الدول العربية طوال تاريخها من القيام بعدد من الأدوار التي نص عليها الميثاق، كان أول تلك الأدوار صيانة استقلال الدول الأعضاء، فمن ناحية يعد الاتحاد قوة دفاعية تمكّن الدول المشتركة فيه من مجابهة الإخطار التي تتعرض لها.
وتطلعت الجامعة بدور كبير ومهم في مجال تقديم كل عون ممكن لمساعدة البلاد العربية في صراعها ضد الاستعمار، وثانيها التعاون في الشئون الثقافية والاجتماعية والصحية، من أجل دفع التقدم الاجتماعي وتحقيق التنمية، وثالثها النظر في شئون البلاد العربية ومصالحها، وهو جزء من استجابة الجامعة للرأي العام في جميع الأقطار العربية وكان آنذاك يعني الدعم السياسي للدول الطامحة إلى الحصول على استقلالها والانضمام إلى الجامعة.
وقد تطورت أدوار الجامعة العربية وتوسعت، في إطار نصوص الميثاق الأصلية، فمن أجل دعم الدول العربية سياسيا والدفاع عن القضايا والمصالح العربية في الخارج كان لازما تطوير العلاقات مع العالم الخارجي، فنشأت منتديات التعاون العربية الدولية، مثل منتدى التعاون العربي الصيني، ومنتدى التعاون العربي الروسي وغيرها، ووقعت اتفاقيات التعاون مع عدد من المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، كما عقدت الجامعة العربية عدد من القمم المشتركة التي تهدف إلى تعميق التعاون الدولي على أعلى المستويات، مثل القمة العربية الأوروبية، القمة العربية الأفريقية، القمة العربية مع دول أمريكا الجنوبية، وغيرها.
كما توسعت الجامعة العربية في إنشاء المنظمات المتخصصة، وفي ضم الاتحادات المهنية تحت مظلتها مثل اتحاد الأطباء العرب، اتحاد المحامين العرب، وخلافه، من أجل تعميق التعاون بين الدول العربية على كافة الأصعدة، الرسمية وغير الرسمية، السياسية والعملية.