السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

رحيل نوال السعداوي.. محطة أخيرة لحسم قضية حياتها «ختان الإناث».. «الشيوخ» يوافق على مشروع قانون بتغليظ العقوبات للسجن المشدد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ومع رحيل نوال السعداوي كانت المحطة الأخيرة لحسم قضية حياتها "ختان الإناث".. مجلس الشيوخ يوافق على مشروع قانون بتغليظ بعض أحكام قانون العقوبات لتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن سبع سنين في حالة العاهة المستديمة والسجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنين إذا أفضى للموت.
نستعرض رواية "السعداوي" عن واقعة ختانها وكيف دفعت ثمن الدفاع عن تلك القضية بفصلها من وظيفتها كطبيبة. 
اليوم 21 مارس عيد الأم وسبقه يوم المرأة العالمي 8 مارس، وسيلحقهما تاريخ مهم، وهو اليوم 21 مارس 2021 حيث وافق مجلس الشيوخ اليوم خلال جلسته العامة اليوم برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق نهائيا، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات فيما يخص تغليظ عقوبة ختان الإناث.
ويعد هذا مكتسبا جديدا تحصل عليه المرأة المصرية ولطالما نادت بها النسويات على رأسهم الدكتورة نوال السعداوي، النسوية التي جعلت قضية "ختان الإناث" على رأس أولوياتها، وليتصادف هذا القرار مع ذكرى رحيلها اليوم، وهي القضية التي حاربتها.

تعديل بعض أحكام قانون العقوبات
قدم المستشار عبد الله الأعصر، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشيوخ، تقرير اللجنة البرلمانية المشتركة عن مشروع القانون، مؤكدا أن التعديلات تهدف لمواجهة ظاهرة ختان الإناث، التى تعد من أبشع الظواهر الاجتماعية، مشيرا إلى أن جريمة الختان تمثل انتهاك لحرمة الجسد الذي لا يجوز المساس به في غير دائرة الحق، وهو ما يؤثر سلبا على المقومات الأساسية والأخلاقية التي يقوم بها المجتمع.
ويستهدف مشروع القانون المقدم من الحكومة تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، لتقرير عقوبة رادعة حيال جرائم ختان الإناث.
وتضمن مشروع القانون استبدال المادة 242 مكررا من قانون العقوبات بحيث تنص على "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختانا لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئى أو تام أو إلحاق إصابات بتلك الأعضاء فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن سبع سنين أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنين".
كما نص التعديل، في هذه المادة، على أن تكون العقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيبًا أو مُزاولًا لمهنة التمريض، ونشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المُشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 15 سنة، ولا تزيد على 20 سنة.
وتقضى المحكمة فضلًا عن العقوبات، المتقدم ذكرها، بعزل الجاني من وظيفته الأميرية، مدة لا تزيد على 5 سنوات إذا ارتكبت الجريمة بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته، وحرمان مرتكبها من ممارسة المهنة لمدة مماثلة، وغلق المنشأة الخاصة التي أُجرى فيها الختان، وإذا كانت مُرخصة تكون مدة الغلق مُساوية لمدة المنع من ممارسة المهنة، مع نزع لوحاتها ولافتاتها، سواء أكانت مملوكة للطبيب مُرتكب الجريمة، أو كان مديرها الفعليّ عالمًا بارتكابها، وذلك بما لا يخل بحقوق الغير حسن النية، ونشر الحكم في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار وبالمواقع الإلكترونية التي يُعينها الحكم على نفقة المحكوم عليه.
كما تضمن مشروع القانون تعديل المادة " 242" مكررا (أ) لتنص على "يُعاقب بالسجن كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه، على النحو المنصوص عليه بالمادة (242 مكررا)، كما يُعاقب بالحبس كل من روّج، أو شجع، أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة (171) لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر".
"المرأة والجنس" الذي كلف نوال فصلها من عملها
في عام 1972 نشرت نوال السعداوي كتاب بعنوان المرأة والجنس، ناقشت فيه جميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة كالختان وكشوف عذرية الفتاة التي تقام في الريف، وعلى اثر ذلك الكتاب فصلت نوال من مركزها في وزارة الصحة، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط فكلفها أيضا منصبها كرئيس تحرير مجلة الصحة، وكأمين مساعد في نقابة الأطباء.

كيف روت نوال السعداوي ختانها في السادسة من عمرها؟
في يوم رحيلها الذي يصادف الموافقة على مشروع القانون وتغليظ العقوبة ضد منفذ هذا الجرم، نستعرض رواية الكاتبة النسوية الدكتورة نوال السعداوي عن حادثة ختانها في السادسة من عمرها والتي جعلتها تتبنى تلك القضية قلبا وقالبا، وهو ما أعاد إلى الأذهان لقاءاتها التي استماتت فيها في الدفاع عن البنات من الختان.
وبدأت نوال سرد واقعة ختانها قائلة: «كنت في السادسة من عمرى، نائمة في سريرى الدافئ أحلم أحلام الطفولة الوردية، حينما أحسست بتلك اليد الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء، تمتد، وتمسكنى، ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمى، وتطبق عليه بكل قوة لتمنعني من الصراخ، وحملوني إلى الحمام، لا أدرى كم كان عددهم، ولا أذكر ماذا كان شكل وجوههم، وما إذا كانوا رجالًا أم نساء؟».
وتابعت: أصبحت الدنيا أمام عيني مغلقة بضباب أسود، ولعلهم أيضًا وضعوا فوق عينى غطاء، كل ما أدركته في ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التي أمسكت رأسي وذراعي وساقى حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أو الحركة، وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدي العارى، وأصوات مجهولة وهمهمات يتخللها صوت اصطكاك شيء معدني ذكرني باصطكاك سكين الجزار، حين كان يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد، وتجمد الدم في عروقي، ظننت أن عددًا من اللصوص سرقوني من سريري، ويتأهبون لذبحى، وكنت أسمع كثيرًا من هذه القصص من جدتي الريفية العجوز، وأرهفت أذني لصوت الاصطكاك المعدني وما إن توقف حتى توقف قلبي بين ضلوعي، وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس ومغلقة العينين أن ذلك الشيء يقترب منى، لا يقترب من عنقي، وإنما يقترب من بطني، صرخت من الألم رغم الكمامة فوق فمي، فالألم لم يكن ألمًا، وإنما نار سرت في جسدي كله وبركة حمراء من دمى تحوطني فوق بلاط الحمام، لم أعرف ما الذى قطعوه منى، ولم أحاول أن أسأل، كنت أبكى، وأنادى على أمي لتنقذني، وكم كانت صدمتي حين وجدتها هي بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم، وتبتسم لهم وكأنهم لم يذبحوا ابنتها منذ لحظات، وحملوني إلى السرير.

حادثة الطفلة بدور في 2007 تثير آلام نوال السعداوي لتجدد المعركة
في 2007 توفيت الطفلة بدور أثناء عملية الختان، وهو ما جعل معركة ونداءات نوال السعداوي تتجدد، فهي أيضًا طبيبة قبل أن تكون مدافعة عن حقوق السيدات، حيث طالبت الأطباء ورجال الدين بعدم قطع الأعضاء التناسلية، مؤكدة أنها كطبيبة وناشطة في مجال حقوق الإنسان ترفض تمامًا ختان الذكور والإناث، وتؤمن أن الأطفال جميعًا ذكورا وإناثا يجب حمايتهم من هذا النوع من عمليات الختان، مضيفة: "عملية قطع جزء من الأعضاء التناسلية للأطفال، سواء ذكر أم أنثى المعروف بالختان أو الطهارة أمر خاطئ، وليس له علاقة بالدين ولا الأخلاق".