الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس "CEMO" يرد على بيان الدول الـ31 بمجلس حقوق الإنسان: البيان مكتوب بـ "حبر إخوانى".. الانتهاكات المزعومة أكذوبة إخوانية مولتها جمعيات مشبوهة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
** ماذا كان سيحدث للسلام العالمي إذا سقطت مصر وضرب الإرهاب المنطقة؟
** عبرنا عصر الإخوان بأكثر من ألف عملية إرهابية خلفت أكثر من أربعة آلاف شهيد من الجيش والشرطة والمدنيين من المسلمين والمسيحيين
** العديد من المنظمات في الغرب تستقي معلوماتها حول حقوق الإنسان في مصر من كوادر الجماعة الهاربين للخارج والمحكوم عليهم بأحكام قضائية تؤكد تورطهم في عمليات قتل وسفك للدماء


أصدر عبدالرحيم على، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس "CEMO" والخبير المتخصص في شئون الحركات الإسلامية، بيانًا شاملًا للرد على مغالطات البيان الموقع أمس الأول، من 31 دولة بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ضد مصر، وقد سبق له أن عقد ندوة ونشر عدة حوارات ومقالات حول ذات الموضوع في صحف ومواقع فرنسية منها أطلانتيكو وفاليري لاكتويل وكوزور، وجاء نص بيان عبدالرحيم على رئيس المركز كالتالى:



بمنتهى الوضوح، نستطيع أن نقول بصدق، إن البيان الصادر من ٣١ دولة بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ضد مصر مكتوب بـ"حبر إخواني"، ويستقي معلوماته المغلوطة من منظمات حقوقية تابعة للتنظيم الإرهابي وتستهدف مصر دائما.. فهل ينحاز العالم للإرهاب والتطرف؟
إن الدفاع عن حقوق الإنسان هو القيمة التأسيسية للغرب خلال فترة ما بعد "النظام الشمولي"، كما يعد أحد الأسس الفلسفية لعصر التنوير والثورة الفرنسية، التي أطلقت الإعلان الشهير لحقوق الإنسان والمواطنة عام ١٧٨٩، إلا أن هذا المفهوم النبيل غالبًا ما يجري الإفراط في استخدامه، بل أحيانا تشويهه، من قبل عدد من الحركات والجهات الفاعلة التي لا علاقة لأجندتها الحقيقية بقيم حقوق الإنسان، ولكنها تسعى في الحقيقة إلى تحقيق أهداف سياسية تخريبية تحت هذه الذريعة.
إن أفضل مثال على هذا الاستغلال المؤسف، هو ما يُنفَّذ في فرنسا وأماكن أخرى في الغرب، من قِبَل العديد من المنظمات اليسارية المتطرفة المعادية للغرب، والتي يُطلق عليها: "اليساريون الإسلاميون"، والتي تهاجم الأنظمة العربية بشكل دائم، مثل مصر، تلك الدولة التي تقف على خط المواجهة ضد التنظيم المتعصب للإخوان المسلمين الأب الروحي والمحرك الرئيسي للإرهاب، الذي أشعل النار وأراق الدماء في العديد من الدول منذ ما سمي بـ"الربيع العربي"، والثورات التي أعقبت تلك الفترة.

وعلينا أن نتذكر جميعًا أن تعبير حقوق الإنسان يستخدم بشكل منهجي من قبل جماعة الإخوان المسلمين، التي تقود حملة مكثفة انطلاقًا من أوروبا وقطر، وكذا دوائر الديمقراطية الأمريكية و"تركيا التي يتحكم فيها أردوغان"، من أجل شيطنة الدولة المصرية، وإثارة الرأي العام العالمي والغربي ضدها، وباعتباري مواطنًا مصريًّا وخبيرًا متخصصًا في شئون الحركات الإسلامية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين والحركات الجهادية بشكل عام، ومؤمنًا أيضًا بالدفاع عن العلمانية، التي تعني وقوف الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان، لا يسعني إلا أن أؤكد أن حملة التنديد التي تطلق عليها تلك الجماعات، مصطلح "انتهاكات حقوق الإنسان في مصر"، لا تفيد إلا المتشددين والجماعات الإرهابية.
وفي الحقيقة، هؤلاء الذين يشنون هذه الحملات ضد القاهرة يسهمون، طوعًا أو كرهًا، باعتبارهم "بلهاء" أو ساذجين، في إبطاء جهود مصر على طريق محاربة الإرهاب، ويسعون بشتى الطرق إلى التعتيم على أهمية الدور الذي يقوم به هذا البلد من أجل استعادة الأمن والاستقرار في الوطن العربي، وعلى مستوى العالم.
والغريب أن العديد من المنظمات في الغرب تستقي معلوماتها بشأن حقوق الإنسان في مصر، من كوادر جماعة الإخوان الهاربين للخارج والمحكوم عليهم بأحكام قضائية، تؤكد تورطهم في عمليات قتل وسفك للدماء، واعتداء على منشآت ارتُكبت في مصر منذ عام ٢٠١٣، وأودت بحياة المئات من الأبرياء في الشوارع والمساجد والكنائس والمنشآت الأمنية والعسكرية، وأتذكر هنا، أنه في الوقت الذي قام فيه المدافعون الزائفون عن حقوق الإنسان بالهجوم على مصر ورئيسها السيسي، الذي قضى على تأثير تنظيم الإخوان المسلمين في المنطقة بالكامل، لم يسلم مكان في مصر ولا منشأة من اعتداء إرهابي طوال السبع سنوات الماضية.. أكثر من ألف عملية إرهابية خلفت أكثر من أربعة آلاف شهيد من الجيش والشرطة والمدنيين من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.

تلك هي الطريقة التي يستخدمها قادة الإخوان دائما، وفي مقدمتهم مرشدهم العام إبراهيم منير، الذي يستخدم "لندن" كمنصة إطلاق لعملياته، تلك العاصمة الأوروبية التي أصبحت منذ فترة طويلة الملاذ الآمن للتنظيم الدولي للإخوان.. وشن إبراهيم منير ورفاقه من هناك معركة دولية، حول حقوق الإنسان، ضد مصر ورئيسها، في نفس الوقت، الذي كان يستخدم فيه مسلحو الجماعة كحركة حمس وغيرها من الجهاديين، في شن هجمات في الداخل، الغريب أن هؤلاء الذين ألقي القبض عليهم من قبل الشرطة المصرية أثناء أو بعد تنفيذ تلك العمليات يحلو للبعض في أوروبا للأسف أن يطلق عليهم مصطلح "السجناء السياسيين"؛ في محاولة كبرى للتضليل الإعلامي.

إن تنظيم الإخوان الدولي قدم من العواصم الغربية، ليس فقط لندن، ولكن أيضًا من بروكسل وبرلين وستوكهولم، معلومات مغلوطة وكاذبة إلى العديد من نشطاء حقوق الإنسان ونشطاء اليسار المتطرف أو "اليسار الإسلامي" الذين يقومون بتداول أطروحات جماعة الإخوان الإرهابية في وسائل الإعلام، وكذا البرلمان الأوروبي.
لقد قطعت مصر شوطًا طويلًا، في محاربة الإرهاب، وكان على أوروبا والعالم أن يقدم لها المساعدة بدلًا من عرقلة جهودها الرامية إلى القضاء على الإرهاب.. وغالبًا ما تنسى أوروبا والغرب وناشطوه للأسف تلك الفترة، عند الهجوم على مصر؛ لقد عرفت القاهرة ثورتين كبيرتين؛ الأولى: شهدت خطف جماعة الإخوان المسلمين للبلاد في يونيو ٢٠١٢. والثانية: شهدت انتفاض الشعب المصرى ضد حكم الجماعة في يونيو ٢٠١٣ وما تلاها بوصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى السلطة في يونيو ٢٠١٤، بعد أن أصيب أكثر من ٣٠ مليون مصري بالرعب جراء السياسة الفوضوية وقمع الحريات التي اتبعتها جماعة الإخوان، ليقوم الجيش في النهاية بالانحياز إلى الشعب، وتنفيذ مطالبه بعزل الرئيس السابق مرسي الذي أراد إقامة دولة إخوانية متشددة في مصر.. وعندما أنتُخِب الرئيس السيسي لاحقًا من قبل أغلبية شعبية كاسحة، كان الاقتصاد المصري على وشك الانهيار، والفوضى تعم المجتمع، وكان الإرهاب يغزو العاصمة والبلدات والقرى.. وكان من الضروري إعادة بناء مصر بالكامل، وإعادة الانضباط إلى الشارع وإخراج البلاد من الركود الاقتصادي والمالي؛ لذلك كان على البرلمان المنتخب في أكتوبر ٢٠١٥ أن يتبنى قوانين تحد في بعض الأحيان من بعض الحقوق السياسية، مثل حرية التعبير والتظاهر، وكذلك الحق في التقاضي أمام القاضي الطبيعي، وبخاصة للمدنيين. ولكن في ظل ظروف الحرب على الإرهاب وحالة الطوارئ التي كانت تمر بها البلاد جرى اللجوء لقوانين الطوارئ، ونذكر هنا بأن أقدم الديمقراطيات الغربية نصت في دساتيرها وقوانينها على استخدام حالة الطوارئ وتقييد بعض الحريات عند الضرورة؛ وذلك حتى تتمكن من مجابهة أي خطر على المجتمع واستئصاله، وهذا هو ما فعلته مصر.
دعونا نوجه سؤالاً لأعضاء البرلمان الأوروبي سواء الخضر منهم أو اليساريين وغيرهم ممن صوتوا في نوفمبر الماضي لصالح قرار ضد مصر: ماذا كانوا سيفعلون إذا انهارت مصر وأصبحت مثل ليبيا، التي أصبحت "ثقبًا أسودَ جيوسياسيًّا"، وجرى التخلي عنها ليرتع فيها الإرهابيون والمافيا وأولئك المتاجرون بالمهاجرين معتمدين على مبدأ النفي الجماعي لملايين من البشر المرعوبين والفقراء؟ ما الذي كان سيتبقى من حقوق الإنسان والمواطنة إذا أفلست البلاد بالكامل، وأصبحت مثل دول الساحل الأفريقي بعد سقوط القذافي، والتي باتت مركزًا للإرهاب في أفريقيا والبلدان العربية؟ وماذا كان سيحدث للسلام العالمي إذا سُمِح للإرهاب بضرب استقرار المنطقة، من خلال زعزعة أمن واستقرار أكبر دولة عربية وأكثرها سكانًا؟.. وماذا كان سيحدث لأوروبا إذا امتد نفوذ المهووس رجب طيب أردوغان، عرّاب الإخوان المسلمين والإرهابيين والداعشيين، الباحث عن الخلافة المزعومة، وسيطر على جميع أنحاء ليبيا، ماذا كان سيحدث وقتها إذا تصادف أن كانت مصر في حالة ضعف عام أو غير قادرة على الوقوف في وجهه، خاصة أنها لم تقم فقط بحماية نفسها عندما تصدت له في الآونة الأخيرة.. وإنما حمت في نفس الوقت جيرانها من العرب، وكذلك أوروبا وشعوبها ضد الإمبريالية التركية العثمانية الإخوانية؟!

سؤال آخر أوجهه لبعض "التقدميين" ونشطاء حقوق الإنسان الغربيين الذين يدافعون عن نشطاء وكوادر الإخوان المسلمين الذين سُجنوا في مصر منذ عام ٢٠١٣ على خلفية قضايا إرهاب.. أولئك الذين يقدمونهم على أنهم "سجناء سياسيون" متذرعين بأن الإخوان قاموا بإنشاء حزب سياسي (حزب الحرية والعدالة)، فاز مرشحه في انتخابات الرئاسة عام ٢٠١٢: هل تعلمون أن عبدالله عزام، مؤسس القاعدة أستاذ أسامة بن لادن، كان أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين؟ وهل تعلمون أن سيد قطب صانع الأيديولوجية الإخوانية وتلميذ حسن البنا هو "الأب الروحي" للمنظمات الإرهابية والمرجع الأساسي لمنظري القاعدة وداعش وحتى آية الله الخميني؟ وأن يوسف القرضاوي، أحد الشخصيات البارزة في جماعة الإخوان المسلمين في العالم والمؤسس المشارك لمعظم جمعيات الإخوان المسلمين الرسمية في أوروبا، هو المسئول عن مئات الفتاوى التي تدعو إلى شن هجمات انتحارية ضد الأوروبيين والأمريكيين واليهود والمسيحيين والقوميين العرب والزعماء العلمانيين باعتبارهم جميعًا من الكفار، المرتدين، وأنه يأمر مسلمي أوروبا بعدم الاندماج في تلك المجتمعات، بل يصل الأمر إلى دعوتهم لغزو القارة العجوز، وغزو روما عاصمة الكنيسة الكاثوليكية، مثله مثل تنظيم القاعدة وداعش؟

وعلى ذكر "القرضاوى"، ما رأى الذين اعتادوا المغالطة، فيما اتخذته فرنسا من إجراءات، وما سنته من قوانين، بعد تزايد الأعمال الإرهابية على أرضها؟
فرنسا "وهى محقة تمامًا"، لجأت لإعداد مشروع القانون المعروف إعلاميًا بـ"الانفصالية"، وقد وافق عليه البرلمان الفرنسى "الجمعية الوطنية"، وتجرى مناقشته النهائية حاليًا في مجلس الشيوخ. وفى إطار مكافحة التطرف ينص مشروع القانون في بعض مواده على "تجريم الكراهية والتحريض ضد قيم الجمهورية على شبكات التواصل".. ذلك أن هذه الكراهية وهذا التحريض لا يمثلان فكرًا لكنهما يمهدان الطريق للأعمال الإرهابية، فما بالكم بمن يرتكب جريمة إرهابية ويسفك الدماء ويقتل الأبرياء؟ هل مطلوب من مصر أن تتعامل معه بمنتهى "الحنية" لترضى عنا تلك الدول الموقعة على البيان؟
هل تدرك منظمات حقوق الإنسان "المعادية للفاشية" التي تدافع عن الإخوان بدعوى أن البعض من تلك الجماعة يفضل العمل السياسي "الديمقراطي" على العنف حقيقة تلك الجماعات؟ هل يعرفون حقا أن الإخوان كانوا معجبين بهتلر على سبيل المثال؟ وأن مفتي القدس أمين الحسيني، تلميذ حسن البنا ورفيقه في تأسيس الجماعة كان أكبر المتعاونين مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وقد رحب به الإخوان المسلمون بوصفه بطلًا في القاهرة عام ١٩٤٥ عندما هرب من سجنه بفرنسا بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في محكمة مناهضة النازية في نورمبرج؟ هل سيسامح المناهضون للفاشية من الأوروبيين والغربيين الفاشيين الإسلاميين وما يروجونه من الأكاذيب والانتقادات للقادة الأوروبيين الوطنيين أو للقادة القوميين؟
كنا سنُقدر أشد التقدير لو أن المدافعين عن حقوق الإنسان المهتمين بما أسموه "القمع" في مصر والدفاع عن الإخوان المسلمين- الإرهابيين المسجونين منذ ٢٠١٣ على ذمة قضايا إرهابية، قد ذكروا تلك الإنجازات والتقدم غير المسبوق الذي أحرزه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولكن للأسف، نلاحظ أن عددًا من جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، التي مُوِّلت بشكل مشبوه، حاولت منذ سنوات، بحجة "حقوق الإنسان الدولية " تحقيق أهداف أخرى استفاد منها الإخوان المسلمون من أجل تخريب الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
إزاء هذا الوضع، نهمس في أذن من يتهمون مصر وينتقدونها تحت ذريعة التدخل باسم حقوق الإنسان: هل تريدون منا من أجل إرضائكم أن نضحي بتماسكنا الاجتماعي وسيادتنا الوطنية، وأن نوافق على آرائكم الموجهة، ونسهم في إشاعة الفوضى في بلادنا؟ إن مصر دولة ذات سيادة، تقود بمفردها تقريبًا الحرب ضد الإرهاب نيابة عن العالم، ولن تتوقف حتى تحقق النصر الشامل، وأن الشعب المصري وحده هو صاحب السلطة المطلقة في مساءلة حكامه، وليس البرلمان الأوروبي أو غيره من المنظمات الدولية.
على هؤلاء أن يعلموا أن أجندة أو أيديولوجية الإسلاميين لا علاقة لها بقيم حقوق الإنسان والمواطنة وليس لها علاقة بأفكار كحرية الرأي والتعبير وحرية العقيدة الموقف من المرأة وغير المسلمين، وقد استخدم الإسلاميون سلاح حقوق الإنسان سواء في الغرب ضد الانظمة العربية والإسلامية لأغراض سياسية بحتة وتنفيذًا لأجندتهم الخاصة.