"لكي تكتب مقالا نقديا جيدا، لا بد أن ترى عملا فنيا جيدا يلهمك هذا المقال" هكذا قال وآمن بذلك الناقد المسرحي فؤاد دوارة، الذي يحل ربع قرن على رحيله اليوم الإثنين، فهو يعد أحد أهم دعامات النقد التطبيقي والبحوث المسرحية، وأخصب النقاد إنتاجا وأكثرهم مواظبة على على متابعة الأنشطة المسرحية بالموضوعية واحترام قيم الفن الجاد، وكذلك الاهتمام بالمضمون الفكري والاجتماعي للعمل الأدبي.
قال الكاتب المسرحي ألفريد فرج عنه: "إن ناقد فؤاد دوارة تميز نقده بالنزاهة والحياء والموضوعية المطلقة، حتى حين تختلف معه لا تختلف حول مصداقيته وأمانته النقدية، لقد ترك فراغا كبيرا برحيله في عالم النقد".
له دراسات عميقة في مسرح توفيق الحكيم، ويرجع اهتمامه بالمسرح والدراسات الأدبية إلى فترة مبكرة من شبابه متأثرا بشقيقيه الأديبين محمد، وسعد دوارة، حيث كرس اهتماماته الأدبية للدراسات المسرحية والمقالات النقدية التي نشرت في العديد من الصحف منذ أواخر الخمسينات، ومتابعة مسرحيات ودراسات عن أعلام المسرح العربي والغربي، والتيارات والمذاهب الأدبية والفنية، فقد بلغ رصيده الأدبي ثلاثين كتابا، بالإضافة إلى تسعة عشر كتابا مترجما، إلى جانب دراساته وأبحاثه النقدية.
وصفه الأديب توفيق الحكيم ب" الناقد الجاد"، والجدية عنده قد بلغت حدا يمكن وصفه بالفدائية، ففي دنيا الأدب هم جماعة من الفدائيين الذين يكرسون حياتهم وجهودهم في سبيل عمل وهدف مما يرونه ضروريا ونافعا، ومن هنا يوضح نجله الدكتور عمرو دوارة، أن هذا الوصف جاء دقيقا على لسان حكيم خبير ومتمرس لا ينطبق على جهده وبحثه الدؤوب لدراسة وتحليل أدب الحكيم أو اكتشاف مسرحياته المجهولة فقط.
استطاع "دوارة"، من خلال الإشراف على مجموعة الأعمال الكاملة للكاتب الكبير يحيى حقي، فبذل جهدا كبيرا ليس فقط في تصنيفها وتبويبها وكتابة المقدمات لها، بل عكف أيضا على تجميع تلك المقالات التي كان يكتبها يحيى حقي أسبوعيا في إحدى الصحف المساء، والتعاون، ووطني، وكانت جميعها معرضة للضياع والتلف، فقد استكمل "دوارة" نواقصها وأن يقوم بتبويبها حتى استطاع استصدار اثنى عشر كتابا جديدا تضمنت تلك المقالات وأضيفت إلى مجموعة الأعمال الكاملة في خزانة مكتبته.
