الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

كيف تحولت ليبيا إلى ملاذ آمن للإرهاب؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت في السابع عشر من شهر فبراير الحالي، الذكرى العاشرة لاضطرابات الربيع العربي، التى ضربت ليبيا، وحولتها بين عشية وضحاها إلى دولة فاشلة منهارة، تبحث عن شيء من الاستقرار والأمن فلا تجد.
وعلى مدى عقد كامل قضاه الليبيون بعد انهيار نظام الرئيس الراحل، العقيد معمر القذافي، عانى كل شبر في هذا البلد مترامى الأطراف من تراجع لكل مظاهر الدولة المركزية، وأحكمت ميليشيات الإرهاب الموالية لتركيا وجماعة الإخوان قبضتها على ما يقرب من نصف أراضى الدولة غربا بما فيها العاصمة طرابلس.
الأوضاع في ليبيا مثلت عبئا كبيرا على الأمن القومى المصري، خلال تلك الفترة، خاصة مع تزايد الأطماع التركية، وسعى أنقرة إلى استغلال سيطرتها على جماعة الإخوان، في عموم الوطن العربي، وليبيا بشكل خاص، لتمرير أجندتها الاستعمارية غرب الدولة المصرية.
الاستقرار وإطالة عمر الفوضى
وكان ٢٠١١ عاما فارقا في تاريخ ليبيا، إذ سرعان ما تلاشت مظلة الأمن والاستقرار، وتحولت الأراضى الليبية إلى مرتع للإرهابيين، وملاذا آمنا للجماعات المسلحة التى انتشرت كالنار في الهشيم، بدعم من بعض الدول الغربية، الساعية لهدم النظام الليبى ونهب ثروات تلك الدولة الغنية.
وأطلق العنان للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، الذى تم مدّه بالسلاح وتوفير الإمكانات العسكرية له، بما يسمح له بتحقيق أهدافه التى هى أصلا أهداف القوى الاستعمارية الطامعة في ثروات الشرق الأوسط بأسره.
وفى عام ٢٠١١ وابتداء من ٩ مارس، قادت فرنسا بمباركة أمريكية وبريطانية، ومساعدة قطرية تركية، حملة عسكرية مدبرة لإسقاط ليبيا، وتسليمها إلى الجماعات الإرهابية وعلى رأسها داعش والإخوان.
ولعبت هذه القوى، وغيرها ممن اختاروا العمل في الخفاء، دورا خطيرا في دعم تلك الجماعات الإرهابية بالسلاح والمال وتوفير مراكز التدريب التى تعتبر البوابة الخلفية لعبور الدواعش إلى الأراضى الليبية.
ومع اندلاع الاضطرابات تزعمت تركيا الميليشيات المسلحة، وشاركت مع قطر في صناعة أول ميليشيا بليبيا، قادها الإرهابى المهدى الحاراتي، الذى يشارك الآن عبر تركيا في إرسال الإرهابيين إلى طرابلس من سوريا.
وأشرفت أنقرة على عقد شراكة أبرم بين شركة "سادات" التركية الأمنية، التى يديرها الجنرال عدنان تانريفردي، المقرب من المخابرات التركية، وبين شركة أمنية خاصة يديرها الإرهابى الإخوانى فوزى بو كتف، ربيب قطر، لتدريب الميليشيات الإرهابية التى تستخدم كواجهة سياسية للمخطط الإرهابى الإخوانى برعاية قطرية تركية.
وبفضل تركيا وقطر أصبحت لغة السلاح هى التى تحكم كل شيء على الأراضى الليبية.
ولأن السحر دائما ينقلب على الساحر، كان للدول الغربية نصيب من بطش الجماعات المسلحة، استغلالا للفوضى التى تضربت ليبيا، فتلقت القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازى ضربات موجعة في ١٢ سبتمبر ٢٠١٢، أدت إلى مقتل ٤ أمريكيين، بينهم سفير واشنطن لدى طرابلس، جون كريستوفر ستيفنز، كما تلقت المصالح الفرنسية ضربات مماثلة في ٢٣ أبريل ٢٠١٣، حيث تعرضت السفارة الفرنسية لهجوم بسيارة ملغومة، أدى إلى إصابة مدنيين وإلحاق أضرار مادية جسيمة بالمبنى.
وفى عام ٢٠١٤ تمكن تنظيم داعش من تحقيق أقصى تمدد له في ليبيا، مستثمرا الفوضى التى تعيشها البلاد، ففرض سيطرته على مدينة درنة، ورفع رايته فوق أبنيتها الحكومية، وحولها إلى معسكرات تدريب لأعضائه، لتبدأ بعد ذلك خلاياه في السيطرة على المدن المجاورة، ومنها مدينة سرت التى طالب التنظيم سكانها بمبايعة زعيمه أبى بكر البغدادي، قبل مقتله، وذلك بعد أن استولى على الإذاعات الخاصة هناك، كما توغلت عناصره في مدن صبراتة، ومصراتة وغيرها.
وشهدت هذه الفترة من سيطرة داعش، مجازر بشعة ارتكبت بحق الليبيين، ووثقها التنظيم عبر فيديوهات لبث الرعب في القلوب والنفوس، من بينها ذبح مواطنين ليبيين، بينهم موظفون حكوميون، سقطوا أسرى في أيدى التنظيم، بالإضافة إلى عمليات إعدام جماعية بالرصاص، نفذها الدواعش في منطقة الفقهاء، كما أقدم التنظيم على قتل ٢٢ جريحا في مدينة سرت، أغلبهم من قبيلة الفرجان، وغيرها من المجازر الشنيعة.
وكان للمقيمين في ليبيا نصيب من هذه المجازر، حيث وثق التنظيم فيديو مماثل لذبح أقباط مصريين، كانوا يبحثون عن لقمة العيش في ليبيا، في واقعة اهتزت لها القلوب واقشعرت لها الأبدان.
ونشطت الجماعات المتطرفة التى اتخذت الدين ذريعة لركوب الموجة والوصول إلى السلطة من خلال إثارة الفتن بين الليبيين باستخدام مبدأ فرق تسد.
حرب بالوكالة
ويتفق الخبراء والمحللون على أن ليبيا كانت مسرحا لحرب بالوكالة دخلتها القوى الدولية، ما أدى إلى تدمير كل شيء، وإشاعة الفوضى والتهديد لمصالح الجميع، حتى أن رؤساء الدول الأوروبية التى باركت الهجوم أعربت عن الندم على ذلك.
وجاء الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، على رأس المعترفين بالخطأ مقرا بخطيئة التدخل في ليبيا.
أوباما اعترف أيضا بأنه سقط ضحية خداع الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزى له، كما وصف رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بأنه كان شارد الذهن ولم يستطع أن يفيده بالنصيحة.
ويرى الدكتور فتحى العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجى بجامعة الزقازيق، أن ليبيا تعرضت بالفعل لحرب بالوكالة، استهدفت تنفيذ أجندات القوى الطامعة في نهب ثروات ومقدرات الدول العربية، ومنها ليبيا.
ولفت إلى أنه لولا تدخل مصر الحاسم، وإعلانها عن الخطوط الحمراء التى لن تسمح بتجاوزها، لأصبحت ليبيا نموذجا حقيقيا للدول التى دمرتها الحروب بالوكالة، ولما أمكن الحفاظ على ما تبقى منها.
وطالب العفيفى جميع الأطراف الليبية باستغلال الفرصة الحالية لإنهاء الخلاف، حتى يمكن إنقاذ الدولة واستعادة أمنها واستقرارها، قبل أن تجهز عليها القوى الاستعمارية بشكل نهائي، وتذهب بها إلى انهيار لا رجعة فيه.
ويتفق الخبراء والمحللون على أن ليبيا كانت مسرحا لحرب بالوكالة دخلتها القوى الدولية، ما أدى إلى تدمير كل شيء، وإشاعة الفوضى والتهديد لمصالح الجميع، حتى أن رؤساء الدول الأوروبية التى باركت الهجوم أعربت عن الندم على ذلك