الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وترجل «البدرى» بدرى!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وصف كثيرون جنازة نائب الشعب البدري فرغلي، بأنها واحدة من أكبر الجنازات التاريخية في مصر، بعد جنازة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وجنازة أم كلثوم وعبدالحليم حافظ عليهم جميعا رحمة الله.
لم يكن البدري فرغلي سوي نائب عرف واجباته وأتقنها،وأحب وطنه،ودافع عن شعبه وأرضه ومصالحه العليا وما دونها، فأحبه خلق الله في أرض المحروسة،ونعوه وودعوه كأب أو أخ أو ابن لهم.
ويأبي الرجل الذي اشتهر بمعاركه داخل البرلمان وخارجه، الا أن يقدم المثل والنموذج والقدوة، لمن يأتي بعده من ممثلي الشعب تحت قبة البرلمان، فكان صوتا لمن لم يجدوا الوسيلة لإسماع صوتهم، لدى الحاكم والحكومة.
فيشاء القدر أن يجعل من رجل بسيط كان عاملا في الشحن والتفريغ في ميناء بورسعيد،نجما تحت قبة البرلمان، بما امتلكه من ضمير حي،ووجدان نقي، ممتلئ حبا وغراما بالوطن والمواطنين.
فالرجل الذي كان بسيطا في مظهره وجوهره،اعتاده الناس بنظارته السوداء التي تخفي عينيه،بما فيها من علل،لكنه امتلك بصيرة نافذة، وإحساسا ناضجا،بآمال وآلام الملايين التي أحبته ووثقت فيه، ومنحته صوتها،وأنفقت على دعايته الانتخابية من قوتها البسيط، لتجبره قسرا على الترشح للنيابة عنها في البرلمان، ثقة فيه وإيمانا بنزاهته وقدرته.

استطاع البدري فرغلي أن يكون نجما مضيئا في سماء الحالمين بقيم العدل، في وطن يعاني من أباطرة الفساد الذين أصبحوا أصحاب سطوة ومنعة بالقانون وبغيره، منذ بدأ عهد الانفتاح، فقويت جذورهم،واشتد عودهم، على مدي يقترب من نصف قرن، حتى أصبحوا أصحاب قرار في كل شيء،باعوا فيه كل ما كان يصعب تصور بيعه.

الوطن بحاجة إلى عشرات من البدري فرغلي، ليكونوا صوت البسطاء والشرفاء والفقراء،الذين أعيتهم السبل، وأنهكتهم مسارب الحياة التي ضاقت بهم،بعدما ضاقوا بضيق العيش فيها.

البدري فرغلي الذي لم يترشح للبرلمان في العقد الاخير، أدرك أن أداءه في البرلمان الذي قضي تحت قبته سنوات طوال،يمكن أن يستمر ايضا دون المقعد النيابي،خاصة أن وسائل الإعلام تسعي دائما،لأخذ رأيه السديد في كثير من القضايا التي تهم الرأي العام.

البدري فرغلي الذي عاش بسيطا،رحل ملهما لمن بعده،وقدوة لمن يريد السير على نهجه، آثر ألا يرحل في صمت،خاصة أنه قضي حياته صاحب الصوت الaاعلي في البرلمان وخارجه،وصاحب الرأي الأكثر جسارة،و الأكثر جرأة في الحق وبالحق،بصوته المميز وصورته الجادة،التي انطبعت في اذهان الملايين من محبيه.

البدري الذي امتلك تركيبة خاصة جمعت بين أصوله الصعيدية،وحياته في مدينة ساحلية لها طبيعة خاصة هي بورسعيد،وجمع ما بين عمله كعامل بسيط في الشحن والتفريغ في الميناء،استطاع أيضا أن يكون كادرا في حزب التجمع، وأن يكون نائبا عنه في مجلس الشعب لعدة دورات،فتثقف سياسيا كما يجب أن يكون الكادر العمالي،المدرك لمصالح طبقة العمال،والمدافع المخلص عنها.

نحن وفي بداية عمل مجلس النواب الحالي بحاجة إلى ان يستلهم النواب روح هذا النائب الجسور المقاتل في سبيل الحق، حتى أصبح بطلا شعبيا بامتياز،في وقت ندرت فيه هذه النماذج الشعبية القائدة،بعد أن أصبح المال السياسي أهم أدوات النائب للوصول إلى كرسي البرلمان، وأصبحت الرشاوي السياسية واقعا أساء إلى صورة الحياة السياسية في البلاد، وتسبب في حالة غضب مكتوم، يهدد بانفجار يصعب توقع نتائجه الفادحة في أي وقت.