الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمود أمين العالم.. مفكر يستحق التكريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أقتربت مئوية ميلاد المفكر والفيلسوف المصرى والصحفى الناقد وأحد قادة أقطاب اليسار المصرى محمود أمين العالم الذى ولد في ١٨ فبراير ١٩٢٢ بالجمالية.
حيث مدرسة النحاسين بالقاهرة وكان رحمة الله عليه مفكرًا من طراز ونسيج خاص حيث تقلد العديد من المواقع المهمة في بلادنا نظرًا لكفاءته وقدراته العلمية ونزاهته.
حيث تم اختياره ليكون رئيسًا لمجموعة من المؤسسات الوطنية المهمة وفى فترات زمنية متعاقبة.. منها رئاسة مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الصحفية – مؤسسة المسرح والموسيقى والفنون الشعبية – الهيئة العامة للكتاب ولجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة.
وعلى المستوى الجامعى عمل استاذًا جامعيًا بقسم الفلسفة آداب القاهرة كما كان زميلا في كلية القديس انطونى وجامعة اكسفورد بانجلترا.
كما عمل مدرسًا للفكر العربى المعاصر بجامعة باريس فضلا عن عضويته نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب ويضاف لذلك أدواره المهمة في الحركة اليسارية المصرية وبالمنظمات الشيوعية مدافعًا عن تقدم الوطن ضد التخلف والرجعية والاستبداد ناشرًا لثقافة التنوير والإبداع والبناء.
وقد دافع فاتورة كفاحة ومعتقداته السياسية بسنوات في الاعتقال والفصل من الجامعة بعد أن سجل درجة الدكتوراة حول " الضرورة في العلوم الإنسانية " ولم يحصل عليها.
لقد ترك الأستاذ محمود العالم ثروة معرفية بكتبه وأبحاثه ومؤلفاته الفلسفية والفكرية منها "معارك فكرية – فلسفة المصادفة – هربت ماركيوز فلسفة الطريق المسدود – الوعى والوعى الزائف – مفاهيم وقضايا إشكالية – الفكر العربى والخصوصية – بين نقد الفكر الحاضر إلى إبداع المستقبل ".
ومع بداية عمله الذى نال عليه درجة الماجستير برسالة مهمة عن فلسفة المصادفة في الفيزياء ودلالاتها الفلسفية.
أما أعمال "العالم" الثقافية والإبداعية فقد كانت عن الثقافة والثورة وتأملات في عالم نجيب محفوظ الإبداع والدائل – والوجه والقناع في المسرح العربى المعاصر وتوفيق الحكيم مفكرًا وفنانًا و٤٠ عامًا من النقد التطبيقي، فضلا عن ثلاثية الرفض والهزيمة للأديب صنع الله إبراهيم "تلك الرائحة – نجمة أغسطس – اللجنة" وكتاب "الإنسان موقف" كما أصدر ديوان شعر "أغنية الإنسان".
ولعل السلوك الإنسانى الراقى هو الذى كشفت في حواره مع الكاتبة فاطمة ناعوت عن كيف كان يعامل السجان أثناء الاعتقال وتكسير الأحجار في المعتقل الذى كان يعامله بخشونة صباحًا كل يوم بينما كان العالم "المسجون" يحنو على السجان ليلًا ويعلمه القراءة والكتابة معللا ذلك في إنسانية مفرطة أن السجان يقوم بوظيفته التى يتعايش منها من رؤسائه الذين علموه بأننى مجرم وضد الدولة فما ذنبه!! أى إنسانية وسلوك راق لهذا الرجل العالم.
وأذكر هنا حينما وافق ببشاشة وجه وابتسامته الهادئة حين وافق على نشر مقال لى شخصيًا كان عن "اليسار وانتخابات مجلس الشعب" بعد أن قرأ المسودة بتأمل ودقة عالية ووافق على نشرها في كتاب قضايا فكرية الذى كان يشرف عليه وقام من قبل بتحفيزى عن كتابى الأول "خبايا وأسرار المجالس المحلية في مصر " عام ١٩٨٨ والذى صدر ضمن سلسلة المكتبة الشعبية عن دار الثقافة الجديدة وبتوزيع جريدة الأهرام وقد قال لى مبتسمًا ومشجعًا "إن موضوع المحليات مهم ولا يكتب فيه إلا القليل رغم أنه مدخل لتنمية بلادنا.. وياريت يكون ذلك محور اهتمامك ".
لقد تم تكريم الأستاذ "العالم" بجائزة الشيخ مصطفى عبد الرازق وقد حصل على شهادات تقدير متعددة من مؤسسات عربية وأجنبية.
وكان رحمة الله عليه نموذجًا للعطاء والعمل المثابر المحب للحرية والتقدم ومعارضًا للاستبداد والإرهاب والتعصب والظلامية.
وبعد ألا يحق لنا أن نطالب القيادة السياسية ووزارة الثقافة وكافة المؤسسات والمنظمات والهيئات والجامعات والأفراد الذين تعلموا ونهلوا من فكره وعلمه ألا يستحق "محمود العالم" القامة التكريم خصوصًا وأن الذكرى المئوية لميلاده ستكون في ١٨ فبراير القادم ٢٠٢٢ أى بعد عام من الآن وتلك فترة كافية للتحضير للاحتفال والتكريم الذى يستحقه هذا المفكر المصرى والمحب للوطن ورافع شعار التنوير والتقدم لبلادنا.