الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

حلقات يكتبها إسلام عفيفي «5».. «البوابة نيوز» تعيد نشر اعترافات الراحل كرم زهدي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
امتدت لقاءاتنا ساعات.. أسأل ويجيب، أنصت بشدة لتجربة أكثر فصولها مريرة، سالت فيها الدماء وتناثرت خلالها الأشلاء في مواجهات دامية بين الجماعة الإسلامية والدولة والمجتمع كله. استحلال واغتيالات وسطو على محلات الذهب وتكفير المجتمع مسلميه ومسيحييه. حكى إمام التائبين كرم زهدى فصول حياته، نشأته، مشاركته في الفرق المسرحية في صباه وكيف تحول ابن المنيا إلى أحد أهم مؤسسى الجماعة الإسلامية التى رفعت السلاح وحاولت الاستيلاء على الحكم وفرض رؤيتها المتشددة والضيقة للدين بالقوة وبالفتوى والتكفير والإرهاب، وكثيرًا ما ردد: «إحنا اضحك علينا واحنا صغيرين». وانتقل الحديث بيننا إلى مرحلة السجن وسداد فاتورة العنف، وكيف بدأت المراجعات الفكرية والفقهية بقناعة كاملة من مجلس شورى الجماعة إلا بعض القيادات (منهم عاصم عبد الماجد)، التى استفادت من مكاسب المراجعات بالخروج من السجن دون التخلى عن أفكار العنف وحمل السلاح. لم يكن الرجل يميل في حديثه للانتقام من رفاق سلاح ضلوا، ولم يكن انتقاميًا وهو يسرد تفاصيل، لكنه عندما تحدث عن الإخوان لم يكتم شهادة وقال خالفوا طريق الله وتلقوا تمويلات وما حدث لهم «نهاية حتمية» بعد أن ظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، استغلوا إرهابيى سيناء للضغط على الجيش، وتحالفوا مع المتطرفين، وأقصوا كل من ليس إخوانيًا، واعتقدوا أنهم سيبقون 500 سنة.. كان الحوار كاشفًا وفاضحًا لأدعياء الدعوة وسماسرة الدين دون افتراء أو مبالغات أو اتهامات بلا سند.. شهادة هى وثيقة نضعها أما الأجيال من رجل شجاع اعترف بخطئه وتراجع وحاول الإصلاح ما استطاع إليه سبيلًا. وإلى صفحات ما رواه الراحل كرم زهدى ونشرته «البوابة» في 2015.. شهادة تفضح المتاجرين وتكشف خطايا أمراء الإرهاب.
كشف الشيخ كرم زهدى رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية السابق تفاصيل مهمة، فيما يتعلق باغتيال الرئيس الراحل، منها أن عبدالحميد عبدالسلام، هو القاتل الأساسى للرئيس السادات، نافيًا ما تردد عن نجاح حسين عباس في قنص السادات من أعلى السيارة الحاملة للمدفع، وأشار إلى أن الشيخ نصر الدين الألبانى أفتى بحرمة استهداف السادات، معتبرًا إياه فتحًا لباب الفتنة، مشددًا على أن شباب الجماعة الإسلامية لم يكونوا يتراجعوا عن اغتيال السادات، حتى لو اعترض الدكتور عمر عبدالرحمن. فهم كانوا مصممين على القيام بالعملية مهما كانت الظروف.

السادات ومبارك أثناء العرض العسكرى
■ من المؤكد أن قضايا الجهاد الكبرى واغتيال السادات، تضمنت أيضًا عددًا من التفاصيل التى لا ينبغى تجاهلها في هذه الشهادة التاريخية؟
- قبل الاغتيال بعدة أسابيع قامت جامعة أسيوط، باستكمال الحرم الجامعى، وتم سد جميع الثغرات الأمنية لقطع الطريق على كوادر الجماعة الإسلامية التى كانت تستخدم الجامعة والمدينة الجامعية في العمل الدعوى، مما أبعدنا عن الجامعة حتى لا نكون صيدًا سهلًا لأجهزة الأمن، ومن هنا انتقلت إلى مدينة نجع جمادى، وتحديدًا منزل الشيخ على الشريف الذى احتضن عددًا من رموز الجماعة، وبعدها تمت مهاجمته، وتم القبض عليه وترحيله لمركز شرطة نجع حمادى، ولا أخبرك عن حجم الضربة التى وجهت إلينا بتغييب على الشريف حيث كان شجاعًا ومقدامًا.
■ كيف تعاملت مع عملية القبض على الشيخ الشريف الكبير، كما كنتم تطلقون عليه؟
- قمت بجمع الإخوة، ورسمنا خطة لتحريره بداخل سيارة كبيرة كنا نستخدمها في أسواقنا الخيرية، وعدنا بها لنجع حمادى من أسيوط، واتفقنا أن ندخل زيارة للشيخ الشريف بمقر الأجهزة الأمنية، ثم يجرى اختطافه، وبالفعل نجح مخططنا ودخلنا وسلمنا على أحد الصولات، وحدث ما اتفقنا عليه، وأسرعنا به لخارج القسم، وكان معنا بعض الإخوة يحملون طبنجة ومسدسًا ليس بهما أى رصاص كانت فقط للتهويش.
■ وهل نجحت العملية بالكامل، أم استطاع الأمن استعادة الشريف مجددا؟
- بعدها هربنا داخل الأراضى الزراعية، والتقينا هناك داخل الزراعات ونجا الشيخ على من الحبس، وخرجنا وعدنا مرة أخرى للمنيا وبعد العودة فوجئنا بقرارات التحفظ.
■ لا شك أن صدور قرارات التحفظ، أربك خططكم، فماذا كانت خططكم لمواجهة الأمر؟
- لجأنا في البداية لمنازلنا بقرى المنيا، للاختباء بها، فلم يكن يدور بخلدنا أن قوات الأمن ستكتشف تورطنا، في عملية تحرير الشيخ على الشريف، وعدنا بسرعة من نجع حمادى، وبعد العودة بساعات تم إبلاغنا باعتزام قوات الشرطة شن حملة خلال الفجر على منازل قيادات الجماعة الإسلامية.
■ ماذا كان رد فعلكم، عندما تلقيتم هذه الأخبار؟
- تركنا المنيا وقررنا أن نختبئ بسوهاج عند بعض الإخوة، وبالتحديد ببلد تسمى «الغنامية» بحضن الجبل الغربى، اختبأنا نفس الليلة التى كان يلقى فيها السادات خطابه الذى تحدث فيه عن الشيخ المحلاوى، مؤكدًا أنه لن يرحمه قائلًا «أهو مرمى زى الكلب في السجن»، وقتها أخذنا الغضب فكيف له أن يقول مثل تلك الكلمة.
■ هل كانت الجملة قاسية لهذه الدرجة لكل المنتمين للتيار الإسلامى لدرجة أن البعض أكد أن قرار اغتياله صدر في تلك اللحظة؟
- نعم، عم الغضب الجميع، وتأثر عدد كبير من الإخوة بهذا الكلام، وقتها كنا نملك سيارة بالغنامية دفع رباعى، وقتها كنا نجلس أنا والشيخ فؤاد الدواليبى وبعض الإخوة في بيت صديقنا بالغنامية، وفوجئنا بالباب يفتح علينا فجأة، ووقف أمامنا ضابط يحمل بيده مسدسًا ومجموعة من العساكر ويريد القبض علينا، وكل ما دار في تفكيرنا وقتها «إحنا لو اعتقلنا، عملية الاغتيال لن تتم لأن العملية تعتمد على معظم الحاضرين الآن»، ففى لحظات نظرت للأخ فؤاد فأشار لى بنعم، وبالفعل قفزنا من ارتفاع ٦ أمتار، وكانت هناك أراضٍ زراعية مزروعة بالذرة الشامية.
■ لا بد أن هذه القفزة الطويلة قد عرضتك لإصابة بالغة في كلتا قدميك، فكيف تمكنت من الهرب؟
- وبسبب طول السور حدث جزع في قدمى، ولكنى قمت بالجرى سريعًا، ونزل ورائى العساكر، ولكن لم يكملوا، فلديهم عرف أن من يدخل في الزراعات لا يدخل وراءه أحد، لأننا نعلم الأرض جيدًا، ولكنهم لا يستطيعون التمييز، فمن السهل أن يضيعوا بالداخل، اضطروا للعودة مرة أخرى وبعدها تم القبض على الشيخ فؤاد، وبدءوا بتفتيش المنزل، حينها نظر الشيخ فؤاد لأعلى المنزل وقال «اضرب نار..اضرب نار»، كنوع من أنواع إلهاء العساكر، وبالفعل جروا أمامه فاستطاع أن يقفز من السور هو الآخر واختبأ في الزراعات.
■ تمكنتم من الفرار والتجمع مرة أخرى، أقصد من صدر ضدهم قرار التحفظ، فماذا كان قراركم؟
- التقينا مرة أخرى داخل الزراعات، وساعدنى الدواليبى في المشى، وأقمنا في سوهاج ٣ أسابيع، وتقابلنا هناك مع الدكتور ناجح إبراهيم.
■ ولكن الإقامة في سوهاج أبعدتكم عن دائرة التأثير، ودفعتكم للبحث عن وسيلة للوصول للقاهرة؟
- وصلنا للقاهرة حيث عرضت خطة الاغتيال بحضورى والشيخ عبدالسلام فرج وباركناها.
■ في ظل وجود يقين لدى الأجهزة بأن البلاد تنتظر حدثًا كبيرًا، لماذا لم تتخذ تدابير لمنعه؟
- اللواء فؤاد علام أكد بعد حادثة الاغتيال أنه أرسل للنبوى إسماعيل لإلغاء العرض العسكرى، واتخاذ تدابير لتأمين الرئيس، في ظل وجود معلومات مؤكدة أن هناك محاولة اغتيال في العرض العسكرى، ولكن حين نرى الأمر بأعيننا اليوم وفى هذه السن لم نتوقع إمكانية أن يحاول بعض الطلبة التفكير في مثل تلك العملية باعتباره من المستحيلات.
■ غير أن الأقدار لعبت دورًا كبيرًا في تسهيل مهمة الإسلامبولى وإخوانه أليس كذلك؟
- قبل الاغتيال بدقائق أثناء العرض العسكرى، توقفت إحدى المدرعات أمام المنصة، وعطلت فخرج منها الضابط وأعطى التحية للسادات وعاد مرة أخرى للتحرك، وكان خالد قد قال لمن معه في سيارته، لو لم تتوقف السيارة أمام المنصة سأجذب الفرامل، فتصور كل الموجودين أنه سينزل لتحية السادات، وأن تلك التحية ضمن العرض العسكرى، ولكن فوجئ الجميع بأنه ألقى القنابل على المنصة، وأخذ سلاحه وفى هذا التوقيت قفز عبدالحميد وعطا طايل من فوق السيارة.

■ هذا عن الثلاثة، فماذا كان دور حسين عباس في عملية الاغتيال؟
- حسين عباس أثناء اشتعال الفوضى، فوجئ بتعطل بندقية الإسلامبولى، فما كان منه إلا أعطاه بندقيته وغادر ساحة العرض على قدميه لمنزله، وكان في نفس اليوم عقيقة ابنه، وبالفعل حضر العقيقة وعاش يومًا طبيعيًا ولم يعرف عنه أحد شيئًا.
■ ولكن هناك تقارير تؤكد أن عباس القناص الماهر هو من أطلق الرصاصة القاتلة على السادات من أعلى المدفع؟
- هذه الرواية غير دقيقة رغم مشاركة عباس في إطلاق النار على السادات، ولكن الثابت لدىّ أن عبدالحميد عبدالسلام –رحمه الله –هو قاتل السادات.
■ إذا كان عباس قد غادر العرض مستغلًا حالة الفوضى، فكيف تم القبض عليه؟
- حين ألقت المخابرات القبض على خالد وعبدالحميد احتالوا عليهما وقالوا لهما «الجثة الخاصة بزميلكم الرابع مش عارفين نعطيها اليوم لمن يدفنها، فأخبرهم خالد وعبدالحميد عن عنوان بيته، وذهبت المخابرات ووجدوه يحتفل بعقيقة ابنه وألقوا القبض عليه».
■ من المؤكد أنك تقابلت مع خالد الإسلامبولى مجددًا بعد القبض عليكم ؟
- نعم التقينا في السجن الحربى، وأتذكر أنه حين تقابلنا لم نكن مقتنعين بأننا ما زلنا أحياء، أذكر في بداية، حين تم القبض علينا في أحداث أسيوط أودعونا في سجون مدنية «ليمان واستقبال طرة».
■ لا بد أن الأمر لم يخل من سخرية وقفشات؟
- بالفعل كانوا يسألوننى اسمك إيه...أقولهم كرم محمد زهدى سُليمان.. كانوا يقذفوننى بالشتائم، ويقولون في حاجة اسمها سُليمان أنت هاتكلمنا بالنحوى..فنطقت اسمى بالعامية فقال لى وهو يضربنى أنت كمان بتتكلم عادى.
■ من الثابت أن هذه الأجواء المتوترة انعكست على سير التحقيقات؟
- التحقيقات استمرت لفترة طويلة حتى أوائل نوفمبر ١٩٨١ داخل سجن استقبال طرة، وفى أحد الأيام بعد نقلى للاستقبال، فوجئت بأحد الضباط يفتح الباب، ويقول لى «مساء الخير»، قلت له «ياااه أنا ماسمعتش الكلام هذا من فترة طويلة أنا متشكر أوى على الكلمة دى» فهل لك أن تتخيل أن هناك من يقول لك «مساء الخير» وسط الجحيم الذى كنا نعيش فيه.
■ إلى الآن لم تتطرق لدور الشيخ عمر عبدالرحمن في القضية، رغم أنه من أصدر الفتوى بجواز قتل السادات؟
- الشيخ عمر عبدالرحمن كان معنا في استقبال طرة، حيث تم القبض عليه في الفيوم بعد عملية الاغتيال، وكان هو صاحب فتوى جواز اغتيال الرئيس، وكان الشيخ عمر يدخلونه من الباب «جرى» وكان معنا أحد الإخوة كان وزنه ثقيلًا جدًا، كان يمسك في الشيخ عمر، ليهرب معه من شدة الضرب، فكان يشل حركة الشيخ.
■ هل تطلعنا على الأجواء التى أحاطت بصدور فتوى الشيخ عبدالرحمن بجواز قتل الرئيس، وماذا عن صداها داخل الجماعة؟
- بمنتهى الصراحة كل الإخوة لم يكونوا في حاجة إلى فتوى لإباحة القيام بتلك العملية، فقد جلسنا كثيرًا نتناقش قبل الأحداث لنتأكد هل يجوز القتل أم لا. وكانت هناك اجتماعات تدار بين أعداد كبيرة من الجماعة، وكنت أجتمع أنا ومحمد عبدالسلام في بنى سويف للمناقشة بشأن تلك الفتوى، ومعنا بعض الإخوة وأرسلنا بعضنا إلى المغرب لنأخذ فتوى من أحد كبار المشايخ هناك بشأن هذا الأمر.
■ بماذا رد عليكم العالم المغربى، وما صحة ما تردد عن لجوئكم للشيخ الألبانى؟
- ما أذكره أننا أرسلنا أيضا للشيخ الألبانى في السعودية لنستفتيه في المسألة، ولكنه حرم تلك المسألة لعدم وقوع الفتنة وتجنب الصدام، ولكن رغم كل ذلك قادتنا الظروف إلى إتمام ما اجتمعنا عليه، وكان الشيخ عمر عبدالرحمن أمير الجماعة كلها الذى توفى يوم ١٨ فبراير٢٠١٧، وهو من أفتى بإجازة القتل. المهم أننى وبعد عملية الاغتيال فوجئت بإحالتى للقضاء العسكرى رغم أننى مدنى ولا صلة لى بالجيش وتم نقلى للسجن الحربى لاستكمال التحقيقات.

■ طالت مدة المحاكمات المدنية والعسكرية بشكل أتاح لكم فرصة للالتقاء، وهل تم تقييم ما أقدمتم عليه؟
- نعم كنا نلتقى داخل السجن، أما بالنسبة للحديث بيننا فكان في الفسحة التى كانت تستمر نحو نصف ساعة لكل زنزانة، وكنا نتبادل السؤال عن الحالة العامة في ظل وجود توافق على جدوى ما أقدمنا عليه.
■ هل تكشف لنا أسماء من رافقوك في الزنزانة خلال المحاكمتين؟
- كنت أنا وصالح جاهين وطارق المصرى «البدين» والشيخ عمر عبدالرحمن.
■ وصفت طارق المصرى بالبدين، لماذا؟
- الأمر مرتبط بقصص فكاهية. فقد كان الأخ طارق المصرى عندما يحب أن نعمل له تدليك كان يقول لنا «قفوا فوق ظهرى»، وكان بدينًا جدًا، ونحن أجسامنا بالنسبة له مثل الناموسة، وكانت الحياة في السجن الحربى على الرغم من كل المآسى، أفضل بكثير من السجن المدنى، ففى الأخير إما يتم التحقيق معك أو أنك تسمع أصوات من يتم التحقيق معهم، فكانت الحالة النفسية صعبة جدًا، ولكن في السجن الحربى كانت التحقيقات انتهت، وكنا وقتها على ذمة المحاكمة، فكنا نتلقى معاملة جيدة لاسيما أن قضيتنا كانت مهمة وعالمية.
■ وماذا عن أجواء المحاكمة الخاصة بقضيتى الجهاد الكبرى واغتيال السادات؟
- كنا نتصور أنها محاكمة ديكتاتورية، ولكن حين رأينا بعدها المحاكمات التى حدثت في قضايا أخرى، تأكدنا أنها كانت ديمقراطية عادلة، فالقاضى كان اسمه الدكتور سمير فاضل، كان يتعامل معنا برقة شديدة، لدرجة أننا حين ذهبنا لسجن جديد اشتكينا من قلة الطعام، فقام بإعطاء كل منا «باكو شوكولاتة»، وضحكنا معه على أساس أن هذا الباكو لن يغطى جوعنا، وقال للأخ طارق المصرى أنت عاوز فتة علشان تشبع فكانت المعاملة تعتبر راقية جدًا بالنسبة لما يحدث في بلاد كثيرة من العالم تحاكم أناسًا اغتالوا رئيس جمهورية.
■ غير أن العقوبات كانت قاسية ما بين الإعدام والمؤبد؟
- استمرت المحاكمة لحين صدور الأحكام على ٥ منا بالإعدام، وهم الإخوة الأربعة الذين كانوا أمام المنصة، والخامس كان محمد عبدالسلام فرج، الذى حوكم مثلما حوكم شكرى مصطفى على الفكر، وأيضًا كان محمد عبدالسلام محرضًا فكريًا بسبب كتاب «الفريضة الغائبة»، وتمت إعادتنا مرة أخرى إلى السجن المدنى في ليمان طرة، وتم نقلى أنا ومجموعة السادات كلها فيما عدا الخمسة التى تم الحكم عليهم بالإعدام فظلوا في السجن الحربى حتى تم تنفيذ الحكم فيهم.
■ بعد صدور الأحكام المشددة ضدكم، كيف كانت المعاملة في ليمان طرة؟
- كانت المعاملة في ليمان طرة جيدة، ورغم ذلك قمنا بعمل إضراب عن الطعام وقتها، وأرسلوا لنا اللواء صفوت مدير السجن، وكان من بلدى بالمنيا وتجاوب مع مطالبنا، وبدءوا في فتح الزنازين لنا يوميًا للساعة ١٢ ظهرًا، وزادت إلى الثانية ومن ثم الرابعة عصرًا، وكنا نقوم بعمل ندوات ودروس مراجعة مع الشيخ عمر عبدالرحمن في الأمور الفقهية.
■ هل استمرت هذه الامتيازات لفترة، أم توقفت تحت تأثير أحداث هنا أو هناك؟
- ذات يوم فوجئنا بتجاهلنا وعدم فتح الأبواب كالمعتاد، وحين سألنا عن السبب قالوا الإخوة في سجن الاستقبال، قاموا بعمل مشكلات مع الإدارة، فتم ترحيلهم لطرة، قمنا بعدة مفاوضات مع الإدارة لعودة الحياة لطبيعتها، ولكن كان من الواضح أن هناك نية مبيتة لهم، وكان هناك شاويش يدخل يضرب الإخوة في الزنازين، حاولنا معهم أن يفتحوا لنا الباب رفضوا، انتظرت إلى أن فتحوا ليدخلوا لنا الأكل وأمسكت بالشاويش وقلت له «إنت بتضربهم ليه» فقال لى «وأنت مالك» فانتابتنى غضبة على هؤلاء الإخوة فركلته وأصيب بنزيف في أنفه، فقاموا سريعًا بحبسنا مرة أخرى، وفى دقائق جاء عدد كبير من الأمن وأخرجونى من الزنزانة.
■ ماذا كان رد فعلهم على ما قمت به من الاعتداء على الشاويش؟
- سألونى عن سبب اعتدائى عليه فقلت لهم «بيضرب الإخوة من غير ذنب وإحنا كلنا واحد»، فقاموا بضربى ضربًا مبرحًا بالعصى، وهناك شىء اسمه «الفلكة» وضعوها في رجلى وقاموا بتكديرى، وفى الليل أخذونى على الترحيلات، وذهبوا بى إلى سجن القلعة، وكان شديد الحراسة قبل أن يتحول اليوم لمزار سياحى، وحين وصلنا للقلعة كانت المعاملة جيدة رغم كم التعذيب الذى رأيته.
■ ما مظاهر هذه المعاملة الجيدة داخل هذا السجن المعروف بقسوته؟
- يكفى أنهم أعطونى مرتبة أنام عليها، وأنا لم أكن أحلم ببطانية حتى، وقالوا «هنا شغل طرة لا يصلح هنا.. هنا آخرك رصاصة ونخلص منك»، وتمتعت بعلاج طبى لقدمىّ المكسورتين ناهيك عن رعاية إنسانية واجتماعية، فهم كان يعتبرونه سجنًا سياسيًا، وليس جنائيًا. فالمعاملة تختلف نهائيًا عن طرة، وأمضيت فترة في القلعة، وبعدها تم ترحيلى لطرة، وفى سيارة الترحيلات كان معى الشيخ ناجح إبراهيم وأيمن الظواهرى، وهذا كان أول لقاء بينى وبين الظواهرى.
■ هل اقتصر اللقاء على الظواهرى أم امتد إلى آخرين؟
- عدنا مرة أخرى إلى ليمان طرة، وهناك التقيت مع الشيخ نبيل نعيم للمرة الأولى، لذا يقول دائمًا حين يسألونه عنى «كرم حبيبى من زمان».
■ ما تفاصيل ما دار بينك وبين الظواهرى؟
- كان تعارفًا عاديًا، وبعد ذلك ذهب في حجرة غير التى كنت فيها ونقلونا بعد ذلك من سجن الاستقبال إلى ليمان طرة، وبدأنا حياة جديدة داخل السجن المدنى، وتم فتح الزنازين وإعطاء الفرصة لنا بعمل المحاضرات والفتاوى الشرعية وممارسة الرياضة.
■ خلال هذه الفترة وجهت لك تهمة بتكليف أفراد بسرقة الأحراز الخاصة بقضية الجهاد الكبرى، واغتيال السادات وتم ترحيلك لسجن القلعة مجددًا؟
- تم ترحيلى لسجن القلعة متهمًا في قضية تكليف أشخاص قاموا بسرقة الأحراز الخاصة بقضيتنا، لتفسد القضية، وقلت لهم: كيف لى وأنا داخل السجن المشدد أن أصدر مثل تلك الأوامر، وفى ليلة أخرجونى من الزنزانة في الواحدة صباحًا، وكان في انتظارى اللواء فؤاد علام وأمرهم أن يزيلوا من على عينى العصابة، مما أثار غضبهم لأنهم يرفضون أن أراهم ولكن قاموا بتنفيذ الأمر في صمت.
■ هنا واجهك علام بالتهمة الموجهة إليك بالتحريض على سرقة الأحراز؟
- لقد بادرنى اللواء علام «أنت عارف أنا مش بخاف، بس أنت عرفنى الموضوع» فأخبرته أننى لا علاقة لى بشىء، ولا أعلم عنه شيئًا، وإن ثبت عكس ذلك فافعل ما تشاء، والحقيقة أنه كان ذكيًا، وله نظرة في الشخص الذى أمامه يستطيع أن يعرف إذا كان صادقا أو عكس ذلك، وأخبرته أننى أرغب في العودة مرة أخرى للزملاء في طرة، وبالفعل وافق، وفى النهاية اتضح أن هناك «صول» في المحكمة هو الذى يقوم بفتح الأحراز كل يوم ويفك الشمع الأحمر، ويرجعه كما كان ويأخذ بندقية يوميًا ليبيعها في الخارج.