الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

وطن بين الاصطفاف والاستقطاب.. 3 أقاليم وجماعات متطرفة ومرتزقة.. والقاهرة فرضت الخط الأحمر ولا مجال للعودة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد ليبيا والسودان وفلسطين من الدوائر المهمة المتفاعلة مع مصر، والمؤثرة فيها والمتأثرة بها، لذا فإن أي أحداث أو تداعيات في أيٍ من تلك الدوائر المتداخلة والمتأثرة ببعضها تجد صداها في العمق المصري والعكس صحيح تمامًا.


وفيما يخص الشأن الليبي يقول الدكتور محمد أمين عبد الصمد الباحث المتخصص في الشأن الليبي تعي مصر جيدًا أن استقرار ليبيا يعني استقرارها هي، والتركيز في خططها التنموية وهو ما يستلزم عدم وجود أية مشكلات أو صراعات في جانبها الغربي - الذي يمثل أحيانًا وبصدق جناحها الغربي- وذلك بسبب التداخل الديموجرافي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، بين البلدين: مصر وليبيا، فأي انفجار أو حدث في درنة أو البيضاء في ليبيا سيكون صدى هذا الحدث في دلتا مصر، وأحداث طرابلس ذاتها تجد صداها في العريش.
ولمعرفة مصر العميقة بالأخت الجارة ليبيا فهي تعلم أن هناك عدة قضايا تحتاج إلى حل مرضٍ حتى يتم حل المشكلة الليبية من جذورها وعودة أو خلق التجانس بين أطياف الشعب الليبي، ويرصد الدكتور محمد أمين عبد الصمد عدة قضايا في هذا الصدد قائلا القضية الأولى: هي قضية القبلية والتي لها حضور مؤثر وفاعل في الاستقطاب والاصطفاف في الدولة الليبية، ويتضح ذلك في اختيار السياسيين التنفيذيين أو التشريعيين الذي يتأثر بالانتماء القبلي.
والقضية الثانية: هو البعد الجهوي وهو الانتماء إلى أي من الأقاليم الثلاثة المكونة لدولة ليبيا ولكل إقليم خصائصه الثقافية التي تعد ترجمة لعلاقات الإقليم مع ما يحيطه من تنويعات ثقافية تشكلت على مر التاريخ. فإقليم برقة شرق ليبيا وإقليم فزان في جنوب ليبيا وطرابلس غرب ليبيا، ولكل إقليم خصائصه الثقافية وحقوقه وحقوق أبنائه والتي يرى أغلب أبناء الأقاليم بأهمية مراجعتها وإعادة النظر فيها وذلك بحثًا عن التوزيع العادل للثروة والتنمية العادلة لكل شبر في ليبيا.


ومن القضايا المهمة التي حاولت مصر المساعدة في حلها قضية توزيع الثروات بين الأقاليم الثلاثة بعدالة، خاصة إذا علمنا أن معظم الدخل الليبي يعتمد على عوائد النفط، وهو ما يمثل قضية مهمة سواء على مستوى البحث عن العدل أو البحث عن تنمية حقيقية.
ومن قضايا التراث التاريخي الليبي التي ما زالت مؤثرة في العلاقات بين مختلف الأقاليم الليبية هي الثأرات التاريخية والتي يعود بعضها إلى مائتين عام مضت ولكنها ما زالت حية في وجدان الليبيين يدعمها تراث ثقافي قبلي شديد الإنحياز للذات والتمركز حولها. لذا تعي مصر أهمية تجاوز فواتير الثأرات التاريخية التي لن ينتج عنها سوى المزيد من الصراعات.
وزاد تعقد المشهد الليبي بظهور بؤر للجماعات المتأسلمة المتطرفة التي تتبنى أيديولوجية متشددة ضد المجموعات والأبعاد الأخرى، مستخدمة السلاح مستندة لأيديولوجية عقائدية تدعم فعلهم وتزكيه.


ولعلم مصر التام بالملف الليبي وما فيه، وبعد الصراع العسكري الأخير والذي واجه فيه الجيش الوطني الليبي جماعات متطرفة مدعومة من قوى خارجية لا يهمها سوى الاستيلاء على مقدرات الشعب الليبي وثرواته، بغض النظر عن حقوق مواطنيه، لذا كان قرار رسم (الخط الأحمر المصري) الذي أوقف اجتياح الشرق الليبي من قوات حكومة الوفاق المدعومة من تشكيلات مرتزقة من خليط من الجنسيات، أكثرها مشاركة المرتزقة السوريين والذي جلبتهم جميعًا دولة تركيا لتحقيق مطامعها في الثروات الليبية، وسرقة مقدرات الشعب الليبي، لذا كان (الخط الأحمر المصري) سببًا في وقف الاقتتال الليبي وكذلك نزع فعلي لفتيل حرب دولية كان من الممكن أن تكون مسرحًا لحرب عالمية متعددة الأطراف.
لذا كانت التحركات المصرية الناضجة مثالًا يُحتذى به لإنقاذ شقيقتها ليبيا من (صوملة) أو (أفغنة) كانت قريبة جدا، ومدعومة من قوى خارجية لا تبغي لليبيين إلا كل فرقة حتى تستمر في سرقتها لمقدرات الشعب الليبي، تحت دعاوى الاتفاقيات القانونية، والحقوق التاريخية المزعومة.
الدكتور وائل صالح الأستاذ المساعد في معهد مونتريال للدراسات الدولية بجامعة كيبيك بمونتريال بكندا يقول: أثبتت الأيام أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تسعى بالفعل إلى الحفاظ على وحدة التراب الوطني الليبي وإلي توافق يشمل مختلف الأطياف السياسية الليبية. وأكدت مصر في أكثر من مناسبة على أنها على أتم الاستعداد لمساعدة الليبيين على حل الأزمة السياسية ولتسخير كافة إمكاناتها من أجل المساهمة مع الليبيين في إعادة بناء دولة حديثة قوية تتمكن من إرساء دعائم الأمن والاستقرار في كافة أنحاء ليبيا. من جانب آخر لم تطمع مصر في ليبيا كما طمعت تركيا في سوريا، فالدور المصري لا ينطلق إلا من احترامه لقيم الإخاء بين الدول والشعوب العربية، وقيم حسن الجوار، وحرص مصر على أمن وازدهار الشعب الليبي وعلي سيادته على كامل أراضيه وعلي حماية مقدراته. وأكد صالح أن مصر تولي أهمية كبيرة لعودة الاستقرار إلى ليبيا من خلال دعم بناء المؤسسات الوطنية بالدولة وتعزيز تماسكها والتأكيد على أن الليبيين فقط هم من يملكون حق تقرير مصيرهم وعلى قدرتهم على التغلب على التحديات وعلى رأسها مجابهة كافة أشكال التدخل الأجنبي في ليبيا وإعلاء المصلحة الوطنية الليبية فوق أية مصالح أيدولوجية ضيقة.