الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عالم ما بعد كورونا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأمر المؤكد أن العالم بعد كورونا لن يكون كما كان، وستكون هناك أولويات مختلفة تماما عما كانت غيّر هذا الفيروس الخطير العالم بالفعل، وسيستمر في تغييره بشكل أعمق في المستقبل، وسيعيد ترتيب أولويات العالم من جديد، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا وغيرها من المجالات، وهو أمرٌ لا يمكن إنكاره وسيكون السباق مستقبلًا وفق الأولويات الجديدة للعالم الجديد، عالم ما بعد «كورونا». بدأ في التشكل الآن.. عالم مختلف عما نعرفه اقتصاديا وسياسيا، باختصار المسقبل بدأت تتضح معالمه ولا طريق لللحاق به سوى بالتعليم وفقط التعليم الجيد قيم مثل الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان لم تعد شئون داخلية للدول بل أصبحت قيما عليا للمجتمعات الحديثة مثل حق المأكل والحياة... فالعالم لن يتقبل ممارسات العصور الوسطى، الآن عالم جديد يولد يحتاج أدوات ومهارات جديدة وإبداعا، ومن المتوقع تشغيل الإنترنت الفضائي المجاني للعالم كله في نهاية ٢٠٢٣.. حيث سيغطي كل بقاع الكوكب مما يعنى إفلاس شركات النت والمحمول المحلية.. وانتعاش شركات الإتجار الأونلاين والاقتصاد الرقمي ونهاية الرقابة الحكومية على النت. فمثلا أمازون أكبر شركة تبيع منتجات في العالم لا تملك محلا واحدا وينافسها موقع "على بابا" الصيني الذي باع في يوم واحد فقط (يوم العزاب) بضاعة بـ 56 مليار دولار موقع واحد على النت باع في يوم واحد فقط نص ميزانية مصر كلها في سنة كاملة وأوبر أكبر شركة مواصلات في العالم لا تملك سيارة واحدة. وairbnb أكبر شركة فندقة في العالم لا تملك غرفة فندقية واحدة.. وكلها شركات تكسب مليارات الدولارات بفضل تكنولوجيا الأون لاين و٩ من أكبر عشر شركات في العالم هى شركات تكنولوجية... ليست صناعية أو نفطا... بينما من ٦ سنوات فقط كان هناك ٩ شركات للطاقة من أكبر عشر شركات في العالم. ولم يعد أحد في العالم كله الآن يبنى مبانى ضخمة للوزارات والهيئات والبنوك والجامعات.. إنهم يكتفون بمبانٍ صغيرة محلية، وتحويل كل الخدمات أونلاين أرخص وأسرع وأكفأ.. وكل الخدمات والمصالح عن طريق المحمول يستوي في هذا أمريكا وأوروبا ودول الخليج بل وأفريقيا كما في رواندا وجنوب أفريقيا. بأن التحول الأسرع إلى الروبوتات والذكاء الاصطناعي سيساعد في عزلهم ضد أمراض القوى العاملة في المستقبل والصدمات الوبائية، هذه المتغيرات توفر فرصة نادرة لصياغة نظام عالمى جديد أكثر عدلا؛ إذا إن التفاوض في هذه الحالة لن يكون بين منتصر ومهزوم، كما كانت الحال عند صياغة النظام العالمى الحالى، بل سيكون بين مهزوم ومهزوم جدا. هذا الوضع يوفر فرصة نادرة للعالم النامى للضغط لصياغة نظام دولى أكثر عدلا من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية. تقف البشرية اليوم على مفترق طرق حيث ستحدد خياراتها في مواجهة الفيروس شكل الحياة التي ستعيشها، ورغم عدم وجود وصفة جاهزة يُمكن تبنيها من قبل جميع الدول إلا أنه لا يمكن لدولة ما أن تنتصر في معركتها مع الفيروس بمعزل عما يدور حولها، فالجوائح تجسد العولمة بمفهومها الحرفي، لذلك لا يُمكن مواجهتها إلا بتعزيز قيم التضامن سواء داخل الدولة القطرية أو على مستوى العالم بعيدا عن محاولات النجاة الفردية التي تتبناها مُعظم الدول التي هرعت إلى الانكفاء على الذات وأصبحت تكيل الاتهامات لبعضها البعض في محاولة للتنصل من مسئوليتها عن الفشل الذي ما زلنا نعاني منه في مواجهة الفيروس.لقد جاء هذا الفيروس ليذكرنا بضعفنا وقلة حيلتنا، فرغم الإنجازات الكبيرة التي حققها العلم خلال السنوات الماضية إلا أننا وجدنا أنفسنا ضعفاء ومرتبكين أمام مخلوق متناهٍ في الصغر أعادنا إلى أساسيات الصحة العامة وبديهيات أسس العدالة الاجتماعية.