الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الشعر يجمعنا.. "سأقول لك أحبك" قصيدة نزار قباني

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "سأقول لك أحبك" للشاعر السوري نزار قباني، وذلك احتفاءا بعيد الحب.

سأقول لك "أحبك"
حين تنتهي كل لغات العشق القديمة
فلا يبقى للعشاق شيءٌ يقولونه أو يفعلونه
عندئذ ستبدأ مهمتي
في تغيير حجارة هذا العالم
وفي تغيير هندسته
شجرةً بعد شجرة
وكوكبًا بعد كوكب
وقصيدةً بعد قصيدة
سأقول لك "أحبك"
وتضيق المسافة بين عينيك وبين دفاتري
ويصبح الهواء الذي تتنفسينه يمر برئتي أنا
وتصبح اليد التي تضعينها على مقعد السيارة
هي يدي أنا
سأقولها عندما أصبح قادرًا
على استحضار طفولتي، وخيولي، وعساكري،
ومراكبي الورقية
واستعادة الزمن الأزرق معك على شواطيء بيروت
حين كنت ترتعشين كسمكةٍ بين أصابعي
فأغطيك، عندما تنعسين
بشرشفٍ من نجوم الصيف
سأقول لك "أحبك"
وسنابل القمح حتى تنضج بحاجةٍ إليك
والينابيع حتى تتفجر
والحضارة حتى تتحضر
والعصافير حتى تتعلم الطيران
والفراشات حتى تتعلم الرسم
وأنا أمارس النبوه
بحاجةٍ إليك
سأقول لك "أحبك"
عندما تسقط الحدود نهائيًا بينك وبين القصيدة
ويصبح النوم على ورقة الكتابة
ليس الأمر سهلًا كما تتصورين
خارج إيقاعات الشعر
ولا أن أدخل في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرف أن أتهجاه
كلمةً كلمة
ومقطعًا مقطعًا
إنني لا أعاني من عقدة المثقفين
لكن طبيعتي ترفض الأجساد التي لا تتكلم بذكاء
والعيون التي لا تطرح الأسئلة
إن شرط الشهوة عندي، مرتبطٌ بشرط الشعر
فالمرأة قصيدةٌ أموت عندما أكتبها
وأموت عندما أنساها
سأقول لك "أحبك"
عندما أبرأ من حالة الفصام التي تمزقني
وأعود شخصًا واحدًا
سأقولها عندما تتصالح المدينة والصحراء في داخلي
وترحل كل القبائل عن شواطيء دمي
الذي حفره حكماء العالم الثالث فوق جسدي
التي جربتها على مدى ثلاثين عامًا
فشوهت ذكورتي
وأصدرت حكمًا بجلدك ثمانين جلدة
بتهمة الأنوثة
لذلك لن أقول لك "أحبك" اليوم
وربما لن أقولها غدًا
فالأرض تأخذ تسعة شهورٍ لتطلع زهرة
والليل يتعذب كثيرًا ليلد نجمه
والبشرية تنتظر ألوف السنوات لتطلع نبيًا
فلماذا لا تنتظرين بعض الوقت
لتصبحي حبيبتي.