الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا السيارة الكهربائية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استطاع لوبي مصالح الاستيراد أن يجعل بلادنا مجرد سوق لسلع الغرب, التي يستوردون نفاياتها ,ويبيعونها للمواطن المصري بأغلي الاسعار, ولم يستثن هؤلاء أي سلعة استراتيجية ,للتكسب منها علي حساب الاقتصاد المصري, بل والمواطن المصري.
فمافيا القمح التي كانت تستورد أردأ الأنواع بأسعار وتبيعه للدولة بأسعارمرتفعة ,كانت تشتري أجود أنواع القمح من المزارع المصري, بأسعار أقل كثيرا من أسعار القمح المستورد من الخارج, وهي أنواع من الأقماح غالبا ما كانت تكون مليئة بمواد وحشائش غريبة, فضلا عن احتوائها علي كميات من القوارض النافقة.
ولولا انتباه الدولة المصرية مؤخرا لهذه المافيا الجهنمية, لاستمر الحال علي نفس الدرجة من الخيانة ,التي تمت في السابق ,وعرضت الاقتصاد المصري لخسائر فادحة ,من العملة الصعبة التي كلفت الخزانة والمواطن المصري مليارات من الدولارات ,لصالح فئة فقدت ضمائرها, واستساغت نهب مال الشعب .
نفس الأمر الذي جري في مجال القمح لعقود طويلة ,انسحب أيضا علي المافيا التي تستورد السيارات ,وكان لها يد طولي في اغلاق مصانع السيارات "نصر" .التي كان يعتمد عليها السوق المصري, في ستينات وسبعينات واوائل ثمانينات القرن الماضي.
مافيا الاستيراد التي نجحت في اغلاق مصانع السيارات المصرية ,التي كانت تبيع السيارة "نصر" ,الملائمة للبيئة المصرية والمستهلك المصري ,من حيث قوة الهيكل ورخص السعر وتوافر قطع الاستيراد ,استطاعت هذه المافيا إهدار صناعة وطنية ,استطاعت ان تحرز خطوات ناجحة في مجال صناعة سيارات الركوب الجماعي, والسيارات الخاصة ,بالاضافة الي سيارات النقل ,وظلت هذه السيارات التي تم انتاجها في فترة الستينات قادرة علي التواجد بالسوق المصري حتي الان .
وكان لهذه المافيا القدرة علي النفاذ لوسائل الاعلام المختلفة ,لاقناع صانع القرار والمستهلك, بأن السوق المصري لا يستطيع تحمل استيعاب كميات اقتصادية قادرة علي تشغيل صناعة سيارات محلية, بادعاء ان القدرة الشرائية للمستهلك المصري لا تستطيع خلق سوق ملائم لتشغيل مصانع السيارات .
وفي الوقت الذي كانت فيه مافيا الاستيراد, تمارس ضغوطها علي صانع القرار المصري لاقناعه بعدم وجود جدوي اقتصادية لتوطين صناعة السيارات في مصر, كانت دولة المغرب الشقيق تصنع مجدها, في مجال صناعة السيارات, وتوطينها لديها ,وتصدير الفائض للخارج ,مستفيدة من الاتفاقيات الخاصة ,بعدم وجود جمارك ورسوم بينها وبين الدول العربية ,لكي تصبح الدول العربية خاصة مصر أكبر مستورد للسيارات المصنعة في المغرب.
وفي خلال العقد الاخير استطاعت مملكة المغرب, أن تجعل من صناعة السيارات ,أكبر دخل قومي للعملة الصعبة ,وفيه يتم تشغيل الالآف من الأيدي العاملة, ومنه يتم توفير أهم مصادر العملة الصعبة في البلاد, وتستهدف المغرب هذا العام أن يبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة الواعدة نحو 10 مليار دولار .
ولعل انتباه الحكومة المصرية لتصنيع السيارات الكهربائية مؤخرا ,هو تصحيح لمسار خاطيئ ,خضنا فيه كثيرا بغير هدي, وكان اختيار نوع السيارات الكهربائية اختيارا موفقا , لما تتميز به السيارات الكهربائية من نظافة للبيئة ,وهو أمر في غاية الأهمية لانعكاس ذلك علي الصحة العامة للمواطنين ,فضلا عن أن السيارات الكهربائية قليلة التعرض للاعطال الميكانيكية ,التي تستنزف كثيرا من دخل صاحب السيارة.
فالسيارة الكهربائية هي سيارة المستقبل, التي ستكون سيدة السوق قريبا, خاصة بعد أن بدأت اليابان وقف صناعة السيارات العادية في بلادها مؤخرا ,لصالح السيارات الكهربائية, وتحفيز المواطن الياباني لشراء السيارات الكهربائية, بدلا من السيارات التي تسير بالبترول .
والمطلوب أن يتم توفير هذه السيارات بسعر معقول يناسب دخول المصريين, وأن يتم توفير الخدمات اللوجستية الخاصة بمحطات الشحن ,علي كافة الطرق , فضلا عن توفير وحدات شحن منزلية ,تمكن صاحب السيارة من شحنها ,وهي متوقفة في منزله ,توفيرا للوقت .كما يجب توفير قطع الغيار الاساسية خاصة البطاريات القابلة للشحن ,بجودة عالية تمكن السيارة من السير مسافات طويلة, دون الحاجة للشحن مجددا .فبهذا يمكن أن نعيد توطين صناعة حيوية, مثل صناعة السيارات مرة اخري في بلادنا .