الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الدكتور ﭽورﭺ شاكر يكتب: مـعـنـى الـحـب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفل بلادنا هذه الأيام بعيد الحب، وكم يكون رائعًا لو جسدنا قيمة الحب كل أيام العمر في سلوكنا اليومي.
نعم ! ما أجمل عاطفة الحب فهي إلهية المنبع، وأمومية العواطف، وكما أن قارورة الطيب هي خلاصة مجموعة كبيرة من الورود والزهور بعد أن يتم تقطيرها بطريقة علمية وكيميائية معينة، هكذا الحب هو باقة كبيرة من العواطف الحلوة الجميلة، والمشاعر الرقيقة النبيلة، والقيم السامية، والفضائل الرائعة ممثلة في قيمة واحدة هي قيمة " الحب ".
ولعل هذا يذكرني بما قالته الزوجة العجوز في حوار تليفزيوني، وكان قد مر على زواجها أكثر من خمسين سنة، عندما سُئلت عن معنى "الحب"، فقالت: أول مرة سمعت فيها هذه الكلمة عندما كنت طفلة صغيرة، وكانت أمي تضعني في سريري، وتحكي لي قصة قبل النوم وتقبلني وتتركني لأنام في هدوء وسلام، وعندما استيقظ في الصباح كان أبي يضمني إلى حضنه ويقول لي: " أحبك " وهنا عرفت أن الحب هو الرعاية والاهتمام والحضن الواقي الدافئ، والعطاء الذي بلا حدود أو قيود.
وعندما وصلت إلى سن المراهقة، كان زميلي في المدرسة يقول لي كلامًا حلوًا جميلًا، وفي يوم من الأيام صرّح لي قائلًا: "أحبك" وكدت أطير من الفرح في ذلك الوقت إلا إن والديّ قالا لي: أن الحب هو ميل وانجذاب طبيعي إلى الجنس الآخر، لكن لكل شيء وقت، وهنا عرفت أن الحب هو غريزة وطاقة مقدسة وضعها الله في تكويننا.
ومرت الأيام وتقدم لخطبتي أحد الزملاء في العمل، وكانت أول عبارة يقولها لي " أحبك، وما أجمل قصة حبنا " وهنا علمت أن الحب هو أشواق وطموح وهدف وإرادة.
وفي حفل زواجنا، وزوجي يضع خاتم الزواج في إصبعي قال لي: وهو في قمة السعادة "أحبك" وقلت له وأنا أيضًا " أحبك " وأيقنت أن الحب فرحة عارمة، وغرام غامر، ومسئولية والتزام.
وعندما تأخرت في الإنجاب، لمست في زوجي الصبر والاحتمال والمؤازرة والمواساة، وغمرني بمزيد من الحنان، وعلمت أن الحب هو المشاركة الوجدانية، واللمسة الحانية، والمشاعر الرقيقة، والتماس الأعذار.
وعندما رزقنا الله بطفلنا الأول، رأيت زوجي بجوار سريري يمسك بيدي، ويقول لي:" أحبك " فأدركت أن الحب هو شكر وامتنان وعطف وحنان، وهكذا فعل معي عندما أعطانا الله طفلنا الثاني.
ودارت الأيام وعند زواج الأبناء كان في كل مرة ينظر إلىّ ويقول لي " أحبك " أنت أجمل زوجة في كل الدنيا في نظري، فقلت لنفسي إن الحب إعجاب صادق، وغزل جميل لا يعرف التوقف.
وعبر مشوار حياتنا كنا إذا اختلفنا في رأي معين نعبر عن اختلافنا بأسلوب رقيق، وبكل احترام وتقدير كل واحد منا لرأي الأخر، فكنا نختلف ونأتلف، وأدركت أن الحب هو حوار وتفاهم وخضوع وطاعة.
وعندما كنا نمر في أوقات بإحتياج خاص أو مشكلة معينة، كنا نرفع الدعاء إلى الله ونفكر معًا، وكنت أجده يطمئني ويشجعني برعاية وعناية الله لنا، وعندئذ أدركت أن الحب هو التعاون والتكاتف والمساندة والتشجيع.
ويمضي العمر ونتقدم في الأيام، وأصبحنا عجوزين بينما حبنا في ربيعه وفي أوج قوته، ينمو ويترعرع يومًا بعد الأخر، وأشعر أن روحي متعلقة بروحه، ولا يكف عن أن يقول لي " أحبك " ويناديني " يا حبيبتي " وأنا أناديه " يا حبيبي"، وأحس أن كل يوم جديد هو أول يوم في زواجي وارتباطي به، " ولقد أيقنت بما لا يدع مجالًا للشك أن الحب هو مودة، ووفاء، وإخلاص، وعطاء.