الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "لَعَمرُكَ ما قَلبي إِلى أَهلِهِ بِحُر" لشاعر العصر الجاهلي امرؤ القيس.
لَعَمرُكَ ما قَلبي إِلى أَهلِهِ بِحُر
وَلا مُقصِرٍ يَومًا فَيَأتِيَني بِقُر
أَلا إِنَّما الدَهرُ لَيالٍ وَأَعصُرِ
وَلَيسَ عَلى شَيءٍ قَويمٍ بِمُستَمِر
لَيالٍ بِذاتِ الطَلحِ عِندَ مُحَجَّرِ
أَحَبُّ إِلَينا مِن لَيالٍ عَلى أُقَر
أُغادي الصَبوحَ عِندَ هِرٍّ وَفَرتَنى
وَليدًا وَهَل أَفنى شَبابِيَ غَيرُ هِر
إِذا ذُقتُ فاهًا قُلتُ طَعمُ مُدامَةٍ
مُعَتَّقَةٍ مِمّا تَجيءُ بِهِ التُجُر
هُما نَعجَتانِ مِن نِعاجِ تِبالَةِ
لَدى جُؤذَرَينِ أَو كَبَعضِ دُمى هَكِر
إِذا قامَتا تَضَوَّعَ المِسكُ مِنهُم
نَسيمَ الصَبا جاءَت بِريحٍ مِنَ القُطُر
كَأَنَّ التُجارَ أُصعِدوا بِسَبيئَةٍ
مِنَ الخِصِّ حَتّى أَنزَلوها عَلى يَسَر
فَلَمّا اِستَطابوا صُبَّ في الصَحنِ نِصفُهُ
وَشُجَّت بِماءٍ غَيرِ طَرقٍ وَلا كَدِر
بِماءِ سَحابٍ زَلَّ عَن مُتنِ صَخرَةٍ
إِلى بَطنِ أُخرى طَيِّبٍ ماؤُها خُصَر
لَعَمرُكَ ما إِن ضَرَّني وَسطَ حِميَرٍ
وَأَقوالِها إِلّا المَخيلَةُ وَالسُكُر
وَغَيرُ الشَقاءِ المُستَبينِ فَلَيتَني
أَجَرَّ لِساني يَومَ ذَلِكُمُ مُجِر
لَعَمرُكَ ما سَعدٌ بِخُلَّةِ آثِمٍ
وَلا نَأنَإٍ يَومَ الحِفاظِ وَلا حَصِر
لَعَمري لَقَومٌ قَد نَرى أَمسَ فيهِمُ
مَرابِطَ لِلأَمهارِ وَالعَكَرِ الدَثِر
أَحَبُّ إِلَينا مِن أُناسٍ بِقِنَّةٍ
يَروحُ عَلى آثارِ شائِهِمُ النَمِر
يُفاكِهُنا سَعدٌ وَيَغدو لِجَمعِن
بِمَثنى الزِقاقِ المُترَعاتِ وَبِالجَزُر
لَعَمري لَسَعدٌ حَيثُ حَلَّت دِيارُهُ
أَحَبُّ إِلَينا مِنكَ فافَرَسٍ حَمِر
وَتَعرِفُ فيهِ مِن أَبيهِ شَمائِل
وَمِن خالِهِ أَو مِن يَزيدَ وَمِن حُجَر
سَماحَةَ ذا وَبِرَّ ذا وَوَفاءِ ذوَ
نائِلَ ذا إِذا صَحا وَإِذا سَكِر.