الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

علماني أسس الإكليريكية ومدارس الأحد.. "حبيب جرجس" رغب في الترشح بطريركا ورفض مطرانا للجيزة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوزكسية بــ"128" عاما على تأسيس الكلية الإكليريكية ولعل التعليم الكنسي القبطي يعود إلى رجل علماني صعيدي، ليس كاهنا أو راهبا رغم أنه كان يريد أن يكون بطريركا !!
"الأرشدياكون" (أي كبير الشمامسة ) حبيب جرجس سليل عائلة قبطية مشهورة في بلدة "أولاد إلياس، مركز صدفا، محافظة أسيوط". ومن أبناء هذه الأسرة الآن آباء كهنة ورهبان وعلماء.
جاء إلى القاهرة في عصر مظلم، لم يكن فيه وعاظ، ولا أساتذه للاهوت. وحتى "الايغومانوس" فيلوثاوس إبراهيم الذي كان بقية نور في تلك الأيام، لم تساعده صحته على إكمال رسالته، وانتقل من عالمنا.
في عام 1893 حينما وصل حبيب جرجس إلى القاهرة، وكان أول طالب يلتحق بالإكليريكية الحديثة التي لم يكن بها أي مدرسين متخصصين مجرد معلمي ألحان وتحفيظ للقداس،وتخرج حبيب جرجس وتعين مدرسا بالكلية ولأول مرة يقوم بتدريس اللاهوت والوعظ، ويضع الكتب الروحية. ووضع كتاب (أسرار الكنيسة السبعة)، وكتاب (الصخرة الأرثوذكسية)، وكتاب مارمرقس الرسول، وأخذ في إعداد مدرسين للدين.
وكان مبنى الإكليريكية متهالكا. فشعر حبيب جرجس أنها مسئوليته أن يبنى لها مبنى، وبكل غيرة، بدأ يدعو لهذا الأمر، ويطوف البلاد يجمع تبرعات، حتى اشترى أرضا مهمشة بالشرابية، والتي بها كنيسة العذراء الآن، وبنى مبنى الدراسة، ومبنى الداخلية، ومبنى معهد العرفاء، وأسس المكتبة، وبنى كنيسة العذراء التي كانت كنيسة لطلبة الإكليريكية في أيامه، قبل أن تفتح للشعب.
غيرته التي دفعته في كل هذه المجالات. غيرته التي بدأت معه وهو طالب، ثم وهو مدرس، ثم وهو ناظر للإكليريكية منذ سنة 1918.
وبهذه الغيرة استطاع أن يقدم للكنيسة آلافا من الوعاظ ومعلمى الدين، ومئات من الخريجين لسيامتهم كهنة في كل بلاد القطر.
جمع حبيب جرجس الأموال من مصادر كثيرة منها أنه أقنع عجوزا من جيرانه اسمها خرستا جرجس فأوقفت 6 أفدنه للإكليريكيه و3 أفدنة للجمعية الخيرية، كما قام بشراء نحو 365 فدانا بالمنيا للإكليريكية، وقام أيضًا بشراء المنازل المحيطة بها حتى أصبحت المساحة 5399 مترا مربعا، وهكذا استطاع البابا كيرلس الخامس أن يبنى ويفتح الإكليريكية يوم 29 \11\1893 م (وهو في نفس العام الذي رجع من منفاه في دير البراموس)، وتقدم حبيب جرجس وطلب أن يكون طالبا في الكلية فوافق البابا، والتحق حبيب جرجس في أول دفعة. وقد قام الأقباط بإنشاء المدارس القبطية والكلية الإكليريكية قبل أن تنشأ الحكومة المدارس العامة أو تنشئ أول جامعة أهلية مصرية بخمسه عشر عاما لأن أول جامعة أهلية مصرية أنشأت عام 1908.
واليوم لديها مبانٍ جامعية في الإسكندرية، والقاهرة، ونيوجيرسي، ولوس أنجلوس، حيث يدرس بها المُرَشَّحون لنوال سِرّ الكهنوت، والرجال والسيدات المؤهلون العديد من العلوم المسيحية كاللاهوت والتاريخ واللغة القبطية والفن القبطي.. بالإضافة إلى الترنيم والأيقنة (صنع الأيقونات) والموسيقى وصنع الأنسجة.

مدارس الأحد وبيوت الخدمات:
نشأت المدارس في عهد البطريرك رقم 112 البابا كيرلس الخامس «1874 – 1927".
لم تتوقف غيرته وعمله في التعليم على الكلية الإكليريكية بل أسس مدارس الأحد، ولم تكن هناك في تلك الأيام مدارس للتربية الكنسية، فشعر حبيب أنها مسئوليته أن يهتم بإنشاء مدارس الأحد.
وشجع الكثيرين على المساهمة في هذا المجال. وبكل حماس أخذ التعليم الدينى يشق طريقه إلى الأطفال وإلى القرى. وصار هناك آلاف من المدرسين. وكان حبيب جرجس هو نائب رئيس اللجنة العليا لمدارس الأحد.. ولم تكن هناك مناهج لتعليم الدين في المدارس. فشعر حبيب جرجس أنها مسئوليته الخاصة أن يضع كتبًا منهجية لكل مراحل التعليم، فوضع لذلك سلسلتين إحداهما (المبادئ المسيحية) والثانية (الكنز الأنفس). ولم يترك التعليم الدينى معوزًا شيئًا من المعلومات. بل طبع أيضًا الصور اللازمة. وأصدر مجلة (الكرمة) التي استمرت 17 عامًا كمدرسة متنقلة من بيت إلى بيت، على مستوى رفيع. وهي أول مجلة قدمت لنا ترجمة أقوال الآباء القديسين.
ثم تطورت لفصول حسب المرحلة الدراسية، وصولًا للأسرة والمتزوجين حديثًا.
وتصف موسوعة الأنبا تكلا جرجس بأنه «أبو الإصلاح الحديث في الكنيسة»، إذ يقول إن الإصلاح الكنسي لا يقوم على الهجوم أو النقد اللاذع للقيادات الكنسية، وإنما بالعمل الجاد مع الأطفال، إذ يصيرون أعضاء الكنيسة في المستقبل، ومنهم من يتسلم القيادات الكنسية، وصاغ ذلك في كتابه «الوسائل العملية للإصلاحات القبطية».
وعوض حبيب جرجس بالمدارس النقص الذي عانى منه المسيحيون في المدارس الحكومية في دراسة الدين، وكان حبيب جرجس عضوًا في المجلس الملي القبطي العام في لجنة الأحوال الشخصية التي وضعت لائحة 1938.
وساهم في الترجمة العربية للكتاب المقدس، ولم يقض جرجس رهبنة في أي دير، إلا أن أوساطًا حاولت ترشيحه للباباوية ـ حسب الاسقف العام لكنائس شرق السكة الحديد بالقاهرة الأنبا مارتيروس، وفي حين لم يقبل البابا يوساب الثاني (1946 - 1956 م) رسامة حبيب مطرانًا للجيزة، إلا أن البابا كيرلس الخامس كان يصفه بالراهب إذ لم يتزوج، وقال وقتها: «إن حبيب يجب أن يكون عضًوا بالمجمع، هو راهب مثلنا"».ٍ