الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل فهم العرب "عربية" القرآن؟!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قالوا لنا إن العرب أهل فصاحة وبلاغة, فافترضنا أن العرب الأوائل فهموا الكتاب لأنه جاء بلسان عربى ، ولم ندرك أنه جاء بلسان عربي (مبين)، فنمنا على ذلك الوهم قرونا عديدة ورددنا افهامهم وحفظنا تصوراتهم وما فهموه من المصحف وفقا لأرضيتهم المحدودة للغاية ولغتهم الشعرية ذات القوافي البائية والتائية المبنية علي المترادفات التي ظنوها متشابهة وهي في حقيقتها متباينة، ونذكر هنا تعبير ثعلب الكوفى عندما حاول أن ينبه لخطورة الترادف (ما تظنوه مترادفا هو في حقيقته متباين) واعتمادهم الطاغى والمفرط علي الترادف والمجاز قال (بن جنى) ما كل هذا المجاز في تلك اللغة التي فيها الحقيقي نادر قليل.
* ولكن للأسف لم ندرك أن عربية العرب بشرية وعربية المصحف صنعها رب الكون الصانع الأكبر لم ندرك الفرق بين عربية العرب وعربية الله، حيث ثبت أنهم لم يفهموا الدين، تعاملوا معه علي الترادف كعادتهم وتعاملوا معه بالاستقسام والاجتزاء واهملوا السياق والنظم ولم يلتفتوا إلى الدقة الجديدة، والتحديد الجديد للألفاظ، بل أفسدوا إنسانيته وعالميته وألبسوه ثوبا بدويا صحراويا عربيا وحولوا عاداتهم وتقاليدهم إلى دين مثل الدين، كما حولوه إلى دين محض محلي خاص بالعرب، وكل ذلك لأنه جاء بلسان عربي.
* لكننا لم نعى أن المصحف جاء بلسان عربى مبين.. (مبين)، فلم يفهم العرب ذلك اللسان العربى (المبين) الجديد المنضبط المحدد اللفظ الذي حدد الإحداثيات المعرفية لكل لفظ بدقة معجزة والمدلول أيضا وغير معانى الألفاظ من خلال وضعها واستخدامها في سياقات عديدة لم يفهموا اللغة العربية الربانية الجديدة بنظامها الدقيق الجديد بعد أن خلصها الله جل وعلى بقدرته اللا محدودة من عيوبها وضبط وفرق بين مدلولات الألفاظ فيها وحولها إلى لغة منضبطة للغاية.
* لكن العرب لم يفهوا اللغة العربية الجديدة للأسف لم يكن للعرب كتاب للقواعد ولا كتاب للبلاغة ولا كتب لعلوم اللغة فلقد قعد لهم ونحا الفرس وغيرهم والمسلمين من غير العرب.
* وهربنا نحن قرونا عديدة من مهمة البحث والتحرى والتدبر والسحر من أجل الفهم الرشيد وارتحنا لتكرار فهم الأولين فتسبب فهمهم فى كل هذا الإرهاب والذبح والترويع للناس كما تسبب في كل هذا التشويه للدين ولنبى الرحمة الخاتم، الذى رسموا له أسوأ صورة مسيئة عبر مروياتهم، وكتبهم التى رفعها البعض إلى مرتبة الدين المقدس بل تعدى الأمر ذلك فأصبحت تلك المرويات وحكايات أهل المغازى تلغى المصحف نفسه وتهزمه حيث تم نقل مركز الدين في أكبر عمليه تحريف تمت للدين عبر التاريخ الى كتب أخرى بشريه ما أنزل الله بها من سلطان أحازوا بها كتاب الله واستبدلوه بها.
* ووجدنا بعد كل ذلك انه علينا ان نواجه تلك الأزمة وأن نعتمد علي انفسنا وان نتدبر بأنفسنا وان نتخلى عن تلك القراءة الأولى لعرب القرن الثانى والثالث الهجري وأن نرد لديننا( المظلوم) انسانيته وعالميته ورحمته وروعته وأن نسقط تلك الرافعة النصية التى يتوسل بها الارهابيون فى كل الكوكب يعيثون في الأرض فسادا معتمدين عليها
ومن المعروف ان لكل لغة مميزات وعيوب ولقد خلص الله جل وعلي اللغة العربية عندما صنع كتابه بها خلصها من عيوبها وجعلها دقيقة للغاية ومحدده فخلصها من عدم القدرة على الإيجاز والتحديد والفصل وغلبه المجاز عليها أيضا، وقدمها في ثوب جديد
* فقال تعالي (امرأته وزوجه وصاحبته) ليفرق بين ثلاثة أوضاع للزوجة مع زوجها، وقال تعالي (الزوج والبعل) ليفرق بين وضعين للزوج مع زوجته، وقال تعالي (الوالدين والأبوين) ليفرق بين من أنجب ومن ربى، (والصلاة والصلوة) ، ليفرق بين الصلة بالله ورسوله وصلاه الظهر أو العصر مثلا و(الرحمة والرحمت) ليفرق بين وضعين للرحمة، و(جاء وأتى) ليفرق بين ما يأتى لك من خارج ادراكك الى داخله، وما ما يأتيك من داخل مدركاتك التى لديك أصلا ولم تكن تعيها بعد، و(الهبوط والنزول) ليفرق بين الانتقال من مكان الى آخر علي الأرض ومن مرحله الى أخرى في حياة الإنسان والذى هو معنى الهبوط في التنزيل الحكيم، والنزول الذى هو تحويل غير المدرك لك الى شيء يمكن ادراكه، والتنزيل الذى يأتى تاليا للإنزال.
* كما فرق الله جل وعلى بين (الخلق والجعل) حيث الخلق هو التصميم ( الديزين) والجعل التالي على الخلق ، ورجال وذكور، والبلاغ والابلاغ ليفرق بين مهمه الاعلام العام ومهمه العلام الخاصة الشاقة المضنية لكل فرد على حدة، والوفاه والموت ليفرق بين وفاة مشاعر وأحاسيس الميت وموت جسده، والعام والسنة والحول ليفرق بين أوضاع فلكية محددة، والقرية والمدينة ليفرق بين طبيعة للسكان في المكان هنا وهناك وهل هي احادية أم متعددة ، و(الإسراف والتبذير) ، ليفرق بين حالتين مختلفتين مدمن الخطايا المسرف والمستهتر فى إنفاق ماله المبذ، و(العباد والعبيد) ليفرق بين من يملك اردته ومن لا يملكها، والنبأ والخبر، ليفرق بين النبى والمخبر وبين النبؤة المستقبلية والحدث الفعلى فالنبوة غيبيات والخبر حضوري و(السيئة والذنب) ليفرق بين الخطأ فى حق الناس والخطأ فى حق الله ، و(البيان والبلاغ) ، ليفرق بين الإفصاح عن الشيء وعدم كتمانه وهو البيان وبين مهمه إبلاغه للأخرين، والتمام والكمال، ليميز بين اتمام الشئ المتقطع كمده الرضاعة للطفل، وبين اكمال الشيء غير المتقطع كيوم من أيام الصيام مثلا او الدين نفسه الذي جاء متقطعا فى وصاياه ثم فى شرائعه، فقال أكملت ولم يقل اتممت و(جمع وجميع) ليفرق بين القلة والكثرة فجمع تعبر عن قله ضعيفة وجميع تعبر عن كثره منتصرة او حاشده من الناس، و (الشهيد والشاهد) الذي حضر الواقعة حضورا كاملا ورأي بعينيه وسمع بأذنيه وبين الشاهد الذى غاب عنها واخذ رأيه فيما حدث ، و(البشر والانسان) ، ليفرق بين الخلق الأول ثم الحال بعد التسوية والعدل والنفخة للبشر و( الميثاق العهد) ليفرق بين وثيقه البنود وعمليه الاقرار بها والتعهد وتلاوتها امام الناس و(القراءة والتلاوة) وأنه اعجاز بلا حدود ودقه لم تحدث للعربية من قبل وضبط يعجز اهل الشعر علي الإحاطة به، انه انضباط لغوي رباني يفوق لغة البرمجة للكمبيوتر، فهل فهم العرب اللغة العربية في ثوبها القرآنى الجديد ؟!