السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الرقص ضد الذئاب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل سنوات طالب الكاتب الصحفى الكبير حازم منير بإنشاء عدة متاحف في المحافظات المختلفة توثق جرائم جماعة الإخوان الإرهابية التى ارتكبتها بحق المصريين منذ نشأتها حتى تظل حاضرة أمام الأجيال المتعاقبة؛ غير أن أحدًا لم يستجب رغم الأهمية السياسية والثقافية والاجتماعية بل والحضارية لوجود مثل هذه المتاحف.
وفى هذه السطور أطرح فكرة موازية تجعل من هذه المتاحف مدونة لتسجيل وتوثيق كل ما جرى من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مرت بها البلاد منذ اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو، ولأنها كانت ثورة داخل العقل المصرى لإنقاذ واستعادة هويته من براثن جماعة الإخوان، وعلى كل ما روجته من أفكار وأوهام دينية على مدى ما يقرب من 90 عامًا، أقترح أن تأخذ هذه المتاحف شكل الكرنفالات الشعبية ذات الطابع الاحتفالى ليشارك جميع المصريين في صناعتها والاحتفاء بها.
لأسباب بعضها معلوم فشل الإعلام في صناعة رسالة متكاملة تضاهى في نضجها نضج المصريين عندما خرجوا يدافعون عن هويتهم في يوم الثلاثين من يونيو 2013، وتعبر عن ثورة اقتصادية واجتماعية غيرت وجه البلاد الحضارى؛ لكن أمة بحجم الأمة المصرية لن تعزوها الوسائل البديلة حتى يفيق الإعلام من غفوته اللا إرادية.
لدينا تراثنا وفلكلورنا الشعبى الذى كان دائمًأ بمثابة مدونة لتاريخنا بما فيه من أفراح وأطراح وأحلام وآمال وانتصارات وهزائم.
الفكرة ببساطة تعتمد على الاستعانة بأبطال ونجوم الفرقة القومية للفنون الشعبية وفرقة رضا بما لديهما من تاريخ طويل يمتد لأكثر من 60 عامًا قدموا من خلاله مئات الاستعراضات الراقصة والغنائية التى نقلت إلينا تراثنا وفلكلورنا الشعبى الثرى بتنوعه بين سكان الريف والحضر، في الوجهين البحرى والقبلى، وبين سكان السواحل، وأهالينا في البوادى المصرية شرقًا وغربًا.
بدعم مادى حقيقى من وزارة الثقافة والشئون المعنوية بوزارة الدفاع، وصندوق تحيا مصر، تستطيع هاتان الفرقتان العمل على إنتاج استعراضات غنائية راقصة تتنوع بحسب تراث كل إقليم من حيث طبيعة الرقصات والإيقاعات واختلاف اللهجات تروى كل منها ما جرى في هذا الإقليم وعموم البلاد من لحظة اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو وحتى الآن موثقة الجرائم الإرهابية وتضحيات الشهداء، وما شهده هذا الإقليم من إنجاز عمرانى وزراعى وصناعى.
على سبيل المثال تستطيع أى من الفرقتين عمل أوبريت استعراضى يحمل اسم شهداء البطرسية بكاتدرائية العباسية ومسجد الروضة في بئر العبد الذين استهدفتهم يد الإرهاب الغادرة، بينما كانوا يؤدون صلاواتهم، وأعمال أخرى توثق جرائم هذه الجماعة الخائنة في كل محافظة وإقليم.
بدعم حقيقى نستطيع إنشاء فرق موازية في كل محافظة وإقليم تقوم بعمل عروض وأبوريتات غنائية راقصة تجوب بها ميادين وساحات المحافظات في حالة كرنفالية تشحذ سيوف وحراب أقوى أسلحتنا الناعمة في معركة الوعى التى لا بديل عن الانتصار فيها.
انتشار هذه الكرنفالات في ساحات وميادين المحروسة بعروض غنائية راقصة هى أشبه بلوحات الفن التشكيلى يشيع حالة من البهجة تستطيع مقاومة مساعى أهل الشر الدائمة لبث روح اليأس والاكتئاب وهى فوق ذلك توثق جرائم أم جماعات الإرهاب، وتستعرض حقائق الإنجازات بلغة بسيطة تتناسب مع طبيعة سكان كل إقليم، والأهم أنها تخلق إحساسًا بالحرية والانطلاق والقدرة على التعبير بشتى الوسائل؛ فليس أجمل من أن يرقص الإنسان على إيقاعات مخزونه الثقافى والفنى المتوائم مع بيئته.
ثم أن الرقص والغناء على هذا النحو يهذب النفس ويحيط العقل والقلب بسياج من الوعى والإحساس المختلف الذى يحميه من نوازع التشدد والتطرف للأفكار السياسية والدينية ويغذى روح الانتماء والتسامح وهذا ما يؤدى في النهاية إلى خلق مجتمع قادر على ممارسة السياسة بشكلها الصحيح والمعتدل.
الشعوب التى ترقص وتغنى محبة للحياة ولا تنتج إلا كل ما هو خير، تجنح للسلام وترفض العنف وإن حاربت فهى تقاتل ببسالة من أجل الحياة بسلام، لذلك هى تتمتع بمناعة طبيعية ضد كل فكر متطرف أو سلوك عنيف ذلك أن أصحاب ذلك الفكر غالبًا ما تكون لديهم نزعات اكتئابية، وعلى أية حال لنا في الطرق الصوفية المثل الأعلى، فالتمايل أو حتى رقصة التنورة التى تمنح الحرية للروح والجسد لتتوحد الأولى مع تأملاتها هو من جعلها الأكثر اعتدالًا ورفضًا للتشدد واندماجًا مع المصريين دون باقى الحركات والتيارات الإسلامية سلفية الطابع التى تعيش غالبًا منذوية فيما يشبه بكانتونات اجتماعية منغلقة على نفسها.