"فراق الضنا أصعب شيء، لكن زى محمود ابنى ما قال لى قبل استشهاده بيومين الجنة تستاهل، وإحنا أمهات الشهداء متقاسمين مع أولادنا الشهادة؛ بعد الضنا نار، ربنا يصبر كل أم شهيد دفنت ابنها بأيدها بس الجنة تستاهل وعلى رأى الشهيد مصر برضو تستاهل، إحنا مش عاوزين حاجة سوى الآخرة اللى ولادنا علمونا الدرس صح، الجنة ثم الجنة ثم الجنة"، بهذه الكلمات التى امتزجت بالفرحة والعزة والدموع والشموخ عبرت غادة مختار أم الشهيد البطل النقيب محمود ناجى العواد، ابن محافظة جنوب سيناء الذي استشهد في فبراير عام ٢٠١٨ أثناء أدائه واجب الوطن بشمال سيناء ضمن العملية الشاملة للقضاء على الإرهاب.
أكدت أم الشهيد محمود ناجى في تصريح خاص لـ"البوابة" شعورها بالفخر والكرامة، بحمل لقب "أم الشهيد"، كما أكدت أن مشاعر الحزن على فراق فلذة كبدها، يبددها إيمانها بالله وعلمها علم اليقين أن ابنها حى عند ربه يرزق، في جنات النعيم.
واسترجعت أم الشهيد شريط الذكريات فقالت: "في ٢٥ مارس ١٩٩٤، بمدينة طور سيناء، التحق بمرحلة رياض الأطفال في مدرسة الأهرام الرسمية للغات، ثم انتقل إلى مدرسة على مبارك الابتدائية، ثم مدرسة الشهيد إبراهيم الرفاعى الإعدادية، ثم مدرسة الحرية الثانوية التى سميت بعد ذلك باسمه مدرسة الشهيد النقيب "محمود ناجي" تخليدا لذكراه وتكريما له، ثم التحلق بالكلية الحربية عام ٢٠١٢، وتخرج فيها عام ٢٠١٥، وجرى تعيينه في اللواء ٦٩ بالسويس والتي سميت بعد استشهاده لواء الشهيد النقيب البطل المقاتل محمود ناجى أحمد مصطفى، حيث جرى عمل نصب تذكارى في كتيبته، كما جرى إنشاء قاعة اجتماعات داخل اللواء باسمه أيضا، مؤكدة أن ابنها الشهيد كان بارا بوالديه وأهله وجيرانه وأصدقائه وكل من تعامل معه يؤكد أنه كان شابا خلوقا عرف بالأدب والأخلاق الحميدة وهو أمر يتفق مع المكانة التي حصل عليها الآن من منزلة كبيرة للشهداء.
وفى لحظات عادت إلى ذكرياتها، وقالت: عندما جاء الشهيد وأخبرنى أنه سيشارك في إحدى العمليات على البؤر الإرهابية بسيناء حضنته وكنت أشعر أنه آخر حضن وقال لى يا ماما وأنا ضابط جيش أنت فخورة بي وعندما أنول الشهادة ستكونى فخورة بى قلت له: "يا حبيبى ولكل أجل كتاب". قال لي: يا ماما لا تخافى هؤلاء فئران ليس لديهم عقيدة ومرتزقة ونحن أقوياء بربنا وأقوياء بالجيش. مضيفة أن الشهيد أوصى عند استشهاده بأن يخبر الجيش أخواله لأن الصدمة ستكون كبيرة على أمه، وبالفعل حدث ذلك، موضحة أن ابنها استشهد بعد حرب ضارية بينه وبين الإرهابيين، في الحسنة القصيمة في العملية الشاملة ٢٠١٨، فهو والشهيد محمد لاشين كانا يجذبان نيران العدو وكان يلقب بـ "أسد جبل الحلال"، وهذا ما قاله العميد الغنام حيث أشاد بدوره أمام الرئيس "السيسي" في تكريم يوم الشهيد في ٩ مارس، ووصف شجاعته وأنه الذى أنقذ التشكيل كله وضحى بنفسه، وفى نهاية المعركة استشهد الشهيد، مشيرة إلى أن جنازته كانت أشبه بالعرس، احتشد فيها أهالي مدينة طور سيناء على بكرة أبيهم كبار، وصغار، وشباب ورجال ونساء، في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة، خرجوا جميعا بالزغاريد لتودع ابن من أبر أبنائها.
واختتمت أم الشهيد "محمود ناجي" حديثها قائلة: إنها فخورة بنجلها ولو كان لديها ١٠ أبناء ستلحقهم بالجيش المصري، وأنها راضية بقضاء الله وقدره واحتسبت نجلها عند ربنا من الشهداء.
