الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ابن بطوطة.. «الغرورى» بالفيوم.. 300 عام في صناعة الفخار الفرعونى.. والمهنة تواجه الاندثار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من قلب الفيوم إلى أسواق إيطاليا وأمريكيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من بلدان العالم تخرج هذه المنتجات الفخارية ذات الأحجام الكبيرة، تجدها فقط بقرية الغرورى وهى إحدى قرى مركز طامية، تنتشر على جوانب طرقها هذه القدور الكبيرة والصغيرة، أوان فخارية مزهريات وأباريق تتراص متجاورة لتشكل لوحات فنية أبدعتها أنامل فنانى القرية، التى يبدأ العمل بها منذ السادسة صباحا وينتهى يومهم بالسابعة مساء، ولا يميلون إلى السهر. 

صناعة الفخار

“الغروري”.. تقع هذه العزبة الصغيرة على بعد نحو ٤٥ كيلو مترا من محافظة الفيوم، وتستغرق مدة نحو ساعة ونصف للوصول إليها، من مدينة الفيوم والقاهرة أيضا وهى تتبع قرية فانوس بمركز طامية الذى يمتد حدوده إلى صحراء وجبل كوم أوشيم اتجاه القاهرة، وهى الأولى في صناعة الفخار على مستوى العالم،والتى يبلغ تعداد سكانها نحو ١٥٠٠ مواطن ومساحتها لا تتعدى ٥ فدادين متر مربع، وصناعة الفخار مهنتهم الأساسية يتوارثونها جيلا بعد جيل وهى صنعة يرجع تاريخها لأجدادنا منذ ٣٠٠ سنة وأقدم قرية في الفيوم تصنع الفخار بالأشكال الفرعونية وتصدرة عالميا...فهو أمر يتطلب دعمهم لتطوير صناعتهم ومضاعفة إنتاجتهم، بما يحفظ هذه الصناعة من الاندثار، والبعض منهم يعمل في مجال الزراعة والعمل بالأرض، ونسبة التعليم بها أقل من المتوسط، وأهلها بسطاء ليس لهم ميول سوى حب العمل لتوفير قوت يومهم. وبجولة بسيطة بكاميرا «البوابة» في العزبة المشهورة عالميا بحرفتها النادرة، يبدو مشهد غالبية الشوارع كمثيلتها في القرى الأخرى، فهى مليئة بالمطبات، وغير مرصوفة، وبنيتها التحتية متهالكة، وتفتقد القرية لتوفر خدمة الصرف الصحي، بسبب تعطل مشروع إنشاء شبكة الصرف الصحى بها، ومع ذلك تعد القطع الفنية الفاخرة والمتميزة بمطلع القرية عند اتجاهك إلى القاهرة ترى منظرا يبهج النظر وأيضا في بعض شوارعها، شيء لافت للنظر، فضلا عن أن الديكورات وأبراج الحمام وبعض الأشكال المنزلية، مصنوع على التراث الفرعوني، كما يغلب على القرية الطابع الريفى البسيط وحرفة صناعة الفخار. رصدت الجولة وجود مدرسة ابتدائية واحدة فقط وانتقال أبنائها بمدارس بقرى مجاورة لها لاستكمال تعليمهم الإعدادى والتجارى والثانوى وغيرها، وتفتقر القرية إلى وجود وحدة صحية يعالجون أطفالهم ويقضون حاجتهم الصحية داخلها إلا عن طريق الوحدات الصحية المجاورة لهم بقرية فانوس القرية الأم لهم، ولا يوجد أى نشاط رياضى مثل مراكز شباب أو مكتب بريد أو بيت ثقافة لأطفالهم أو وحدة إسعاف أو وحدة امومه وطفوله، علما بأن طلاب وأساتذة كلية التربية النوعية وغيرهم يأتون إلى أصحاب الورش ليتعلموا فن المعمار الفرعوني. وعندما تصل إلى العزبة الصغيرة بسكانها تجدها هادئة بسيطة ريفية الهوي.. السيدات يعملن بالحقول الزراعية والأخريات يخدمن أولادهن وأزواجهن وأخريات تنتقل إلى سوق القرى المجاورة لبيع الطيور والخضار والبيض والجبن من إنتاج أراضيهن ومن صنع يدهن، ويغلب على العزبة الحرف اليدوية حيث هناك أكثر من ٢٠ ورشة لتصنيع الفخار بكافة أشكالة وأنواعه تنتشر بقرية الغرورى لتنتج أكثر من ١٠٠ نوع من أجود وأجمل أنواع الفخار، فعلى الرغم من انتشار صناعة الفخار في الكثير من قرى الفيوم فإن ما يميز منتجات الغرورى عن غيرها من منتجات القرى الأخرى هو كبر حجمها بعضها تصل أطول إلى مترين، تنتج بأدوات وطرق بدائية، ولكنها تعطى القطع المنتجة صلابة تميزها بحيث تكتسب طابع خاص بها.

شيخ الفخارين

«نصدر لدول العالم كأيطاليا وهولندا وبريطانيا وقبرص وفرنسا وهم من أهم ٥ الدول التى نصدر لها هذه المنتجات «هكذا بدأ قال أحمد الأباليشي، ٧٣ عاما، صاحب أول ورشة فخار بالغرورى والفيوم ويطلق عليه “شيخ فخارين الغروري”، مضيفا أن في هذا الوقت الحالى نعانى من قلة الإنتاج لضعف العمالة وعدم وجود إمكانيات، مشيرا إلى أن بوجودها نغزو بصناعتنا جميع العالم. فالقرية تضم ٢٠ فرنا للعمل بهذه المنتجات، وعن طريق مراحل للحرق لملاحقة البيئة لأصحاب الأفران والورش، والعمل بالحرق في الفرن يوما بعد يوم، وسبب العجز في إنتاج أكثر هو استهلاك الغاز، لزيادة الإنتاج وتوسيع التصدير وحركة البيع محليا وعالميا. فهناك نحو ٢٥ محترفا لهذه الصنعة في ٢٠ ورشة ويعمل بداخل الورش نحو ٤٥ عاملا، وكان أكثر من ذلك قبل ذلك، وتحتاج صناعتنا إلى دعم من الدولة لنا لحماية هذه الصناعة من الانقراض، فنحن موهوبون وماهرون بتصميمات أى رسومات ونقش من أى دولة، ونحتاج نظرة لتطوير هذه الصناعة وحمايتنا من ملاحقة البيئة شبه يوميا بمحاضر وغرامات نعجز امامها لسدادها، ونحتاج لمد يد العون من المسئولين المتخصصين بالصناعة والحرف اليدوية ومسئولى البيئة ومحافظ الفيوم.، مشيرا إلى أن كثيرا من أطفال وكبار القرية يعانون من الالتهاب الرئوى والغسيل الكلوى وفيروس سى والربو والسكر والضغط وضيق التنفس، بسبب كثرة الأدخنة. وقال أحد العاملين بالمنطقه إن الصناعة تحتاج إلى تصدير وعمل إنتاج أكبر، وذلك عن طريق تطوير صناعتنا، وطرق الصناعة لدينا بدائية وهى بناء أفران بشكل تقليدى بالطوب الأحمر وللوقود نستخدم خشبا ونشارة ونقوم بإشعالها من السادسة صباحا حتى المساء والفرن الواحد يضم مائة قطعة، فهى مهنة شاقة للعاملين لعدم وجود معدات وتطوير بها، ونحتاج إلى حمايتها في تراث وفن أصيل ونادر.