الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الملك شاشانق يبحث عن أصوله و"الآثار نايمة".. نصب تمثال للملك المصري في مدخل تيزي وزو الجزائرية.. وجدل حول حكاياته التاريخية

الملك شاشانق
الملك شاشانق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حسين عبدالبصير: مثّل بداية الفرع الليبي "المتمصر".. ووحد البلاد في مدينتين حاكمتين
محمد رأفت عباس: لا توجد أدلة على انتصاره أمام رمسيس الثالث.. والليبيون اعتنقوا ديانات الفراعنة
فجر نصب تمثال للملك "شاشانق"، في مدخل مدينة تيزي وزو شرقي الجزائر، جدلا واسعا وصلت أصداؤه إلى مصر، وذلك بالتزامن مع إقامة احتفالات في شمال أفريقيا برأس السنة الأمازيغية الجديدة، والتي توافق هذا العام التقويم الأمازيغي عام 2971.
حيث اختارت المندوبية السامية للأمازيغية، وهي مؤسسة عامة بالجزائر مسئولة عن ترقية اللغة والثقافة البربرية، ولاية باتنة التي تقع على بعد 430 كلم جنوب شرق العاصمة، الجزائر، لاستضافة الاحتفالات الوطنية والرسمية، ما بين 09 و12 يناير 2021، أما في ليبيا فقد أعلنت الهيئة العامة للثقافة احتفاءها رسميًّا، برأس السنة الأمازيغية الجديدة، من خلال فعاليات ثقافية وفنية عدة.
وأثار هذا التمثال الذي صممه النحاتان الجزائريان حميد فردي وسمير سالمي على هيئة رجل فرعوني قوي البنية، جدلا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، حول أصول الملك "شاشانق "، الذي يجسده التمثال بمجرد انتشار صوره، إذ فتحت باب الجدل حول حكاياته الضاربة في أعماق التاريخ.
وتصدى العديد من علماء المصريات لما يتردد من أكاذيب حول هذا الأمر وقاموا بتفنيد ما قيل في هذا الصدد بينما لم تخرج وزارة السياحة والآثار المصرية، ببيان أو توضيح من جانبها لكشف غموض ما التبس لدى الجمهور حول هذه القضية التي تصدرت محركات البحث خلال الأيام الماضية.
من جانبه أكد الدكتور حسين عبدالبصير، عالم الآثار المصرية، أن الملك شاشانق الأول ينحدر من أصول ليبية، وكان من الجنود الليبيين الذين تم توظيفهم في الجيش المصري وتمصيرهم في مصر في نهاية عصر الدولة الحديثة في منطقة الدلتا المصرية.
وأضاف أن الملك شاشانق الأول هو مؤسس الأسرة الثانية والعشرين الليبية أو الأسرة البوباسطية، كما يطلق عليها المؤرخ المصري الشهير مانيتون السمنودي، وذلك نسبة إلى منطقة تل بسطة التي عاشوا فيها في شرق الدلتا في دلتا نهر النيل. وحكمت الأسرة من منطقة تانيس في شرق الدلتا.
وأكمل عبدالبصير: حكم شاشانق الأول من عام 945 إلى عام 924 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام. وعُرف باسم شاشانق مري آمون حكا خبر رع ستب إن رع. وكان هو البداية للفرع الليبي المتمصر الذي حكم مصر لمدة مائتي عام. وربط الملك شاشانق الأول نفسه بالأسرة السابقة من خلال الزواج من ابنة الملك السابق عليه، بوسينس الثاني. وزاد من دعم موقف الملك شاشانق الأول أنه جاء من خلفية عسكرية؛ إذ كان القائد الأعلى لكل الجيوش المصرية.

قائد عظيم
وتابع: تشير النقوش القادمة من منطقة طيبة أو الأقصر الحالية إليه على اعتباره القائد العظيم لقبيلة المشوش الليبية الأصل، والذي تم تعيينه من قِبل القبائل الليبية كقوة شرطية داخلية. وكي يظهر نفسه كفرعون مصري قادر على حكم مصر، اتخذ لنفسه العديد من الألقاب الملكية مثل أسلافه من ملوك مصر السابقين، وتحديدًا اتخذ لنفسه ألقاب سلفه الملك سمندس الذي سبقه بنحو مائة عام.
وأكمل: كان الملك شاشانق الأول حاكمًا قويًا قام بتوحيد مصر المقسمة إلى مدينتين حاكمتين: الأولى في تانيس في شرق الدلتا في الشمال، والأخرى طيبة في الجنوب، في دولة واحدة موحدة تحت سلطته الحاكمة. وكان من الذكاء بمكان حين قام بتعيين العديد من أبنائه في المناصب المهمة والحساسة في الدولة. وجمع في يديه بين السلطة الدينية والمدنية وفي شخص واحد حين قام بتعيين ابنه الأمير إيبوت في منصب حاكم مصر العليا أو الصعيد، وفي نفس الوقت، عينّه ككبير كهنة الإله آمون وفي منصب القائد الأعلى لكل الجيوش المصرية. وقام ابن آخر من أبناء الملك شاشانق الأول، وهو الأمير جد بتاح إيوف عنخ، بدعم أخيه إيبوت من الناحية الدينية حين اتخذ لنفسه منصب الكاهن الثالث للإله آمون. 
وتابع: بعد وفاة الملك سليمان، تعرضت كل من مملكتي يهودا وإسرائيل تحت حكم رحبعام ابن سليمان ويربعام الأول للهجوم العسكري المصري القوي بقيادة الملك شاشانق الأول، أو الملك شيشاق كما تطلق عليه التوراة، وهزم الملك المصري شاشانق الأول المملكتين شر هزيمة في عام 925 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام في حملة عسكرية لم تر أرض فلسطين مثلها منذ أيام المحارب العظيم الملك رمسيس الثالث، آخر فراعنة مصر العظام.
وواصل: قام الفرعون شاشانق الأول بتصوير انتصاره على جدران معبد ربه الإله آمون في طيبة في جنوب مصر، وعلى الرغم من أن الملك شاشانق الأول كان من أصول ليبية، غير أنه عاش في مصر وتربى في أرض مصر وتعلم الثقافة المصرية والتحق بالجيش المصري. وهو محارب مصري من طراز رفيع عاش في فترة كانت مضطربة في بلاد الشرق القديم. وفي عهده، عادت مصر كي تمارس دورها القيادي والرائد في المنطقة كقوة عسكرية لا يُشق لها غبار بفضل بسالة وشجاعة الفرعون شاشانق الأول وعظمة مقاتلي مصر الشجعان.
فيما أكد باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس عدم وجود أية حقائق تاريخية وأدلة أثرية عن أسطورة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، يوم 12 يناير، والمرتبطة بانتصار ملك أمازيغي يدعى "شاشانق" على الملك المصري رمسيس الثالث. 
وقال عباس: إن شاشانق الأول (945 – 924 ق.م) هو مؤسس الأسرة الـ 22 في تاريخ مصر القديمة وهو أقوى وأهم ملوك هذه الأسرة، وكانت أصوله ليبية، حيث كان أسلافه ضمن الأسرى الليبيين الذين أحضرهم الملك رمسيس الثالث إلى مصر بعد انتصاره التاريخي الكبير على القبائل الليبية في معركتين وقعتا في العامين الخامس (1180 ق.م ) والحادى عشر (1174 ق.م) من عهده على حدود مصر الغربية. 


انتصار رمسيس
وأضاف أن تفاصيل انتصار الملك رمسيس الثالث على القبائل الليبية سجلت بشكل مسهب من خلال نصوص ومناظر معبد مدينة هابو في البر الغربي بمدينة طيبة المجيدة والتليدة.
كما أوضح أنه بعد هذا الانتصار جلب الملك رمسيس الثالث الآلاف من الأسرى الليبيين إلى مصر - كما تشير نصوصه - للعمل في الخدمة العسكرية داخل الجيش المصري أو للعمل في المشروعات العمرانية للدولة المصرية، وبمرور الوقت تمصر هؤلاء الأسرى وأصبحوا ينتمون إلى مصر وثقافتها وحضارتها. 
وأكد أنهم خلال نهاية عهد الإمبراطورية المصرية زاد شأنهم وتولوا مناصب عسكرية رفيعة المستوى، حتى استطاعوا الوصول إلى عرش مصر في النهاية عن طريق الملك الليبي الأصل شيشنق، ومن ثم فقد أطلق المؤرخون على هذه الأسرات الحاكمة في تاريخ مصر القديمة (الأسرات الليبية) لأن ملوكها كانوا من أصول ليبية. 
وكشف عن ذكر (شيشنق) للمرة الأولى في نص طويل عثر عليه في أبيدوس، حيث كان الرئيس العظيم للمشوش (وهو اسم أحد القبائل الليبية الكبرى)، وقد مات أبوه نمرود فدفنه في أبيدوس، ثم حدث اعتداء على قبره فذهب إلى الملك في تانيس شاكيا، فاهتم الملك بالأمر وسافر بنفسه إلى قبر أبيه وأمر بإرسال تمثالا باسم والد شيشنق يوضع في معبد أوزير بأبيدوس.
وقال باحث المصريات: "مما لا شك فيه أن هذا الحدث يشير بوضوح إلى قوة بعض العائلات ذات الأصل الليبى ومحاذرة الملك وكبير الكهنة من إغضابهم، كما يشير إلى أن هؤلاء الليبيين كانوا قد تمصروا تماما واعتنقوا ديانة المصريين".