الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

إسلام حسين خبير علم الفيروسات: اللقاحات الحالية قادرة على التعامل بفاعلية مع سلالة «كورونا» الجديدة.. «الصيني» أفضل في الظروف المصرية.. و«فايزر» يحتاج لوجستيات خاصة ودرجة حرارة 70 تحت الصفر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في حوار خاص عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» من ولاية «بوسطن» الأمريكية، التقت «البوابة نيوز» العالم المصري الدكتور إسلام حسين، الباحث المتخصص في علم الفيروسات، وكبير الباحثين في شركة "ميكروبيوتكس" المختصة في اكتشاف وتطوير الأدوية، وأكد حسين أن ظهور لقاحات لمكافحة فيروس كورونا المستجد يعد الأمل الأكبر للقضاء على هذه الجائحة التي غزت بلدان العالم أجمع.


وأكد أن التحدي الأكبر الذى يواجه الحكومة المصرية هو جلب وتوزيع اللقاحات.
وشدد أستاذ علم الفيروسات، على أن اللقاحات المكتشفة قادرة على التعامل بفاعلية مع السلالات الجديدة من كورونا، مؤكدا أنه لا داعي للقلق من اللقاحات وأن تناول اللقاحات هو الخيار الأفضل لتفادى مخاطر العدوى غير المتوقعة.
نص الحوار..

■ إلى أي مدى تعد الموجة الثانية من كورونا أكثر خطورة؟
- مما لا شك فيه أن الموجة الثانية بحسب التوقعات المتشائمة ستكون «خطيرة»، ولكن أحد أهم الإيجابيات في هذه المرحلة هو ظهور اللقاحات، لذا فوجود اللقاحات يعنى وجود الأمل في العلاج وأن تمر الموجة الثانية بسلام، ولكن بشرط أن تقابل الموجة بالالتزام وتطبيق الإجراءات الاحترازية بكل حزم، وتطبيق قواعد الوقاية بارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، فمصر للأسف بعد أن طبقت الإجراءات الاحترازية بكفاءة في الموجة الأولى، عاد المواطنون للإهمال مع دخول الصيف وانخفاض أعداد الإصابات، لذا يجب أن نعود من جديد للالتزام بالكمامة والإجراءات الاحترازية، والبعد عن التصرفات والسلوكيات الاجتماعية المضرة مثل السلام باليد والأحضان والتقبيل.
■ ما التحدي الأكبر الذى يواجه مصر في الموجة الثانية من كورونا؟ 
- الحكومة المصرية تبذل جهودا كبيرة للتوعية بمخاطر الموجة الثانية من كورونا، ولكن يجب أن يكون المواطنون أنفسهم مسئولين مع الدولة في تطبيق الإجراءات الاحترازية، ومن هنا نقول إننا مطالبون بتحمل المسئولية المجتمعية، فالإحساس بالمسئولية على المستوى الفردى يجب أن يزداد، والالتزام بالكمامة والتباعد الاجتماعي والمسافة الآمنة في الأماكن المزدحمة، وتجنب الاختلاط بأكبر قدر ممكن، نحتاج إلى تصرفات وسلوكيات من نوع خاص.
النقطة المهمة أيضا هو استمرار إنتاج اللقاحات لتغطية أكبر عدد ممكن من المحتاجين للقاحات، والأشخاص الأكثر تعرضا للعدوى مثل الأطباء والأطقم الطبية وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة والعاملين في المدارس والمواصلات العامة لتغطية أكبر قطاع من العاملين في الخطوط الأولى.
التحدى الأكبر أمام مصر وكل حكومات العالم هو جلب وتوزيع اللقاحات على الأشخاص الأكثر احتياجا وهذه هى المهمة الأصعب في هذه المرحلة، لذا ستنجح مصر إذا استمرت وسائل الإعلام في بث رسائل التوعية والتزم المواطنون بالإجراءات الاحترازية وعندها ستكون مهمة توزيع اللقاحات أقل صعوبة. 
■ هل ستكون اللقاحات فعالة مع السلالة الجديدة من كورونا؟ 
- لا يوجد دليل قاطع على أن اللقاحات الحالية لن تكون فعالة على السلالات الجديدة أو بالأحرى «التحورات الجديدة» لفيروس كورونا المستجد، وحتى في أسوأ الاحتمالات ستحد اللقاحات الجديدة من أضرار الفيروس، السيناريو المحتمل في حال الطفرات والتحورات الخاصة بالفيروس هو أن اللقاحات الحالة ستكون فعالة بدرجات متفاوتة في التعامل مع السلالات الجديدة للفيروس والشركات التى تطور اللقاحات ستعمل على تجارب معملية لتحليل فعالية اللقاح على المرضى ودرجة مقاومته للفيروس، وهو الأمر الذى من شأنه التعرف أكثر على تأثير وفاعلية اللقاح على الفيروس الجديد الذى انتشر بشدة في بريطانيا مما لا يدع مجالًا للشك حول فعالية اللقاحات ضد السلالة الجديدة للفيروس، ويجب أن نعلم أن الطفرات والتغيرات والتحورات هو شيء طبيعى جدا في حياة الفيروسات ومن المتعارف عليه أن الفيروسات شديدة التغير لذا لا داعى للقلق من هذا الأمر، والعلماء والباحثون في مجال الفيروسات يعلمون جيدا أنها يتعاملون مع نظام ديناميكى متغير، وغالبا ما يكون متغيرة والأمر المطمئن أكثر بشأن فيروس كورونا المستجد هو أنه لا يتغير بسرعة مما يتيح المجال للعلماء للتعرف أكثر على المخاطر التابعة لهذا الفيروس، ومن هنا نقول إن معدل الطفرات في كورونا أقل.
ولا خوف من مخاطر السلالة الجديدة على اللقاحات حتى لو فشلت اللقاحات في التعامل مع السلالات الجديدة، فالعلماء قطعوا شوطا كبيرا في الأبحاث الخاصة بكورونا وفى حالة فشل اللقاح في التعامل مع عرض أو أكثر من أعراض السلالة الجديدة من فيروس كورونا فإن العلماء قادرون على تغيير تركيبة اللقاح لتكون أكثر فاعلية مع التحور الجديد أو السلالة الجديدة، ولكن لن يفقد اللقاح فعاليته التامة في التعامل مع الفيروس.
حتى في أسوأ السيناريوهات اللقاحات الجديدة خاصة لقاح فايزر وموديرنا بنيت على منصات تسمح بمرونة التعامل مع الفيروس، إلا أنه في حالة اللقاح الصينى فإن العملية قد تستغرق بعض الوقت لأننا سنكون أمام حالة جديدة من الفيروسات يجب أن نعمل على تخليق لقاح من نفس عينة الفيروس بعد التعامل معها معمليا وإنتاج فيروس في حالة ميتة يصلح للاستخدام في اللقاح على غرار الموجود الآن في الصين واستلمت شحنات منه مصر والإمارات، لهذا نقول إنه باختصار «لسه الأمل موجود ولم نصل إلى طريق مسدود».

■ هل تنجح مصر في التحول لمركز تصنيع اللقاحات في أفريقيا؟
- في مصر توجد شركة «فاكسيرا»، وقد تكون مصر تجهز لعمليات تصنيع اللقاحات، ولو كانت هناك تحركات على أرض الواقع نحو تصنيع لقاحات في مصر، فذلك سيحدث فرقًا وطفرة كبيرة في مستقبل مصر، وليس في موضوع كورونا فقط بل هناك العديد من التحديات أكبر من كورونا في المستقبل.
إذا توافرت لدينا البنية التحتية القادرة على الاستجابة بسهولة لمتطلبات تصنيع كورونا فذلك سيؤثر كثيرا، فمصر بلد كبير يتخطى الـ ١٠٠ مليون مواطن فما بالك لو استهدفنا الدول الأفريقية أيضا، من هنا نتمنى أن تنجح هذه الخطط في تحقيق هدفها مما يسهم في تعزيز مكانة مصر بين دول العالم. التقنية التى بنى عليها لقاح فيروس عملية معقدة للغاية نطمح أن تصل لها مصر في المستقبل، ولكن في الوقت الحالى التكنولوجيا الخاصة بلقاح فايرز ليست مستحيلة بل تصحبها العديد من التحديات والتقنيات المعقدة والحساسة، كما أن تصنيع اللقاحات تحتاج تراخيص وكيفية التحضير بالإضافة إلى أسرار أخرى لا تنشر في الدوريات العلمية.
البنية التحتية المصرية تتناسب أكثر مع اللقاح الصينى ونتمنى أن نمتلك في المستقبل المنصات والبنية التحتية لإنتاج لقاحات مثل فايزر.
■ هل هناك أفضلية لبعض اللقاحات؟
- هذا السؤال يشغل بال الناس، لكن له العديد من الجوانب العلمية، وهناك ٣ محاور للمفاضلة بين اللقاحات وهى الفعالية وسلامة اللقاح وإتاحته وتوفيره لأكبر عدد.
في الفعالية نعتمد على النشرات العلمية وبيانات الدوريات والمنظمات الصحية الموثوقة، على غرار ما حدث عند الموافقة على لقاح فايزر بكل شفافية في مؤتمر علمى علنى تم على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وعرضوا النتائج كاملة، مما دعم موقف لقاح فايزر وأصبح الأكثر فاعلية وموثوقًا لدى قطاع كبير حول العالم، ولكى نحكم على اللقاحات يجب أن تتوافر لدينا كل البيانات الخاصة باللقاحات بكل تفاصيلها.
■ هل سيواجه العالم مخاطر كبيرة في الموجة الثانية؟
- التحدى الأكبر في الوقت الحالى هو إتاحة اللقاحات والحصول عليها، وكثيرا ما تؤثر العوامل السياسية على انتشار اللقاحات في بلدان بعينها، فأمريكا على سبيل المثال يكون من المستحيل أن تلجأ للقاح الروسى أو الصينى نظرا للخلافات السياسية المحتدمة في الفترة الأخيرة، والحصول على اللقاح وتوزيعه هو المهمة الأصعب في المرحلة الحالة. 

■ ما أفضل اللقاحات بالنسبة لمصر؟
- بالنظر إلى الواقع المصرى نجد أنه من الصعب على مصر الاعتماد على لقاح فايزر أو مودرنا لصعوبة استيراده وتخزينه لأنه يحتاج للتخزين في درجة حرارة أقل من ٧٠ تحت الصفر، ولذلك يتبقى أمامنا الأمان والفعالية والنشر بشفافية في الدوريات العلمية والمرور بمراحل التجارب السريرية الثلاث، والموافقة عليه من قبل المنظمات الصحية العالمية، وهو ما حدث في لقاحات فايزر ومودرنا، ولقاح «أسترازينيكا» بالتعاون مع جامعة أكسفورد، وهو الذى يدخل مراحله التجريبية والسريرية ويسير في نفس الطريق للحصول على الموافقة، ويتبقى أمامنا اللقاح الصينى وهو مهم لبلد مثل مصر وتم نشر المرحلة الأولى والثانية للتجارب السريرية والنتائج العلمية وهى المراحل التى تقدر بمئات الحالات، أما المرحلة الثالثة فتستهدف عشرات الآلاف، لذا تم تجربته في الصين وفى الإمارات على ٣٠ ألف شخص وأثبت فعالية بنسبة ٨٦ ٪، وأعلنت الإمارات عن جلب لقاح فايزر بجانب اللقاح الصيني.
اللقاح الصينى تتضارب الأرقام حول عدد الأشخاص التى تمت تجربة اللقاح عليهم فمرة يقال ١٠٠ ألف ومرة يقال مليون حالة، وهو رقم أكبر من الحالات التى تم تجربة لقاحات فايزر وموديرنا و«أسترازينيكا» إكسفورد مجتمعة، لكن الغموض هنا في عدم نشر نتائج هذه الحالات، وهى نقطة لا يجب الاستهانة بها، فبالنسبة للمختصين القصة غير مكتملة، وهو ما ينطبق أيضا على اللقاح الروسي، ونتمنى أن تنشر نتائج هذه اللقاحات في أسرع وقت ممكن حتى نقنع الناس وننشر النتائج، ويطمئن الناس، وبناء على التجارب السريرية في مصر تمت تجربة اللقاح الصينى على ٣ آلاف حالة، وهو رقم بسيط خصوصا أن المرحلة الثالثة تتطلب أعدادًا أكبر فلقاح فايزر ومودرنا تمت تجربته على من ٣٠ إلى ٤٠ ألفًا، واللقاح الصينى تمت تجربته على أعداد ضخمة في أكثر من ١٠ بلدان حول العالم، فلماذا لا ننشر نتائج هذه الأعداد، وهى مسئولية كل البلدان التى جربت اللقاح، فعلى المسئولين في الصين والإمارات ومصر العمل على إخراس كل الألسنة ونشر النتائج العلمية الخاصة بالمرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الصيني.نحن لا نريد تخويف الناس بل نريد أن تكون كل الأركان مكتملة وواضحة بشافية أمام العالم أجمع حتى لا يكون هناك خلاف أو جدل عالمى حول سلامة هذه اللقاحات. 
■ هل نأخذ اللقاح أم لا؟
- للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نوضح محورين أساسيتين، المحور الأول اللقاحات ليست اختراعًا جديدًا، ولكن شيئًا تمت تجربته منذ عشرات السنين، بل يمكننا القول أن اللقاحات هى أفضل إنجاز طبى على مر السنين، وتأثيرها على البشرية يجعلها أفضل ابتكار طبى تم اكتشافه، وبعض الحالات النادرة هى التى لها آثار جانبية تتسبب في تفاقم الحالة الصحية للمرضى.
وطالما أن اللقاح تمت تجربته ومر بالمراحل الثلاث للتجارب السريرية، وتمت الموافقة عليه فلا خلاف على أن أخذ اللقاح يصبح ضروريا في هذه الحالة
المحور الثانى «هل نخاف من اللقاح أكثر من الفيروس؟».. بالطبع لا فكل شيء في حياتنا يعتمد على القرارات والمخاطرة، ولهذا نقول إن اللقاحات المنفعة المتحققة منها أفضل بكثير من المخاطر المتمثلة في العدوى والإصابة بالفيروس، إذًا مقدار الخطورة المصاحب للقاح أقل بكثير من الإصابة بالفيروس غير المتوقع نتائجه.
نحن نعلم أن هناك فئات عمرية أشد خطورة في حالة الإصابة مثل كبار السن، ولكن أيضا بعض الشباب يصابون بالفيروس ويروحون ضحية للإصابة، لذا من المتوقع أن يكون للفيروس عواقب صحية في المستقبل، فبعض الباحثين حذروا من احتمالية تأثير الفيروس على تلف الرئة أو على القلب، إلا أنه لم يثبت حتى الآن أية نتائج.
تأثير الفيروس
■ انتشرت أقاويل كثيرة حول تأثير الفيروس على الصحة الجنسية، هل للفيروس تأثير على الوظائف التناسلية عند الرجال؟
- بالفعل ظهرت بعض النتائج المبكرة تشير إلى أن لفيروس كورونا المستجد تأثيرًا على الوظائف التناسلية عند الرجال، وثبتت أدلة تؤكد أن الفيروس يصيب بعض الخلايا في المناطق التناسلية عند الرجال، الأمر الذى قد يحدث خللا في هذه الوظائف في المستقبل، فهل نفضل الإصابة بالفيروس بكل هذه المخاطر المحتملة، ولا نفضل تعاطى اللقاح الحاصل على موافقات بعد تجارب سريرية أثبتت فاعليته. ومن غير المنطقى تفضيل العدوى عن تناول اللقاحات في ظل نجاح اللقاحات في مكافحة الأمراض والأوبئة على مدى ٨٠ سنة ماضية، وبحسبة بسيطة مخاطر العدوى أكبر بكثير من مخاطر تناول اللقاح والاحتمال الضعيف حول مضاعفاته على الجسم.