الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عندما تنزف الوردة إبداعا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نادرة تلك المجموعات القصصية التي لا تحمل اسم احد نصوصها وهو ما فعلته في هذه المجموعة القصصية أديبتنا عزة ابو العز في كتابها الثالث الذي يحمل مسمي "نزف الوردة"، الصادر عن دار طيوف للطبع والنشر ويضم نحو ٢٥ قصة قصيرة كلها تتناول معاناة المرأة المصرية بل قل الشرقية في العموم.

ويمكن أن نصنف الكتاب بيقين بأنه من "الإبداع النسوي " ! رغم تحفظي على تسمية إبداع " نسوي "لان المبدع الرجل يمكن أن يجسد أوجاع المرأة وعذاباتها بقدر كبير من الدقة تلامس الحقيقة وهو ما فعله احسان عبدالقدوس في معظم أعماله وكما فعلها العميد طه حسين في "دعاء الكروان" وفعلها غيرهم كثيرون.

ويبدو أن مبدعتنا عزة أبو العز قد تلقت خيط الإبداع النسوي من العميد الذي جسد معاناة "هنادي" تلك الفتاة القروية البسيطة التي قضت غيلة من أجل قصة حب محرمة على يد "البيه" صاحب القصر الذي كانت تعمل فيه، فأقامت "أبو العز" الحبل على استقامته لكي نذرف معها دموعا جديدة على ضحايا جدد في الكتاب الذي بين أيدينا،ما زلن يتلمسن الحب في قصور "البهوات" فما يلبثن يحمن حوله حتى يقعن فيه،كفراشات خيل لها خيالها أن النار نور فوقعن فيها بعد أن خلبها وهج الضياء فكان فيه حتفهن.

نزف الوردة يتعرض في سلاسة أدبية،تخلو من التكلف اللغوي،فتصل إلى القلب بسهولة، تحت وقع نبض قلب الكاتبة، فتدرك بعد أن أن تنهي قرائتك أنك عشت المعاناة كاملة وفقدت حيادك الرجولي لتنحاز إلى هذه المرأة التي عانت وما زالت تعاني، وكأنها تعيش معاناة أبدية أزلية.

كشفت عزة أبو العز أن معاناة المرأة القديمة ما زالت تكرر وقائعها في قرانا وريفنا، بل معظم مجتمعاتنا كل يوم،وكأن هذه المعاناة متلازمة مع وجود الانثي،متي حلت وأينما وجدت،فما زالت الانثي تجد نفسها محاصرة بعقد الزوج "الطاووسية"،التي تزين له سوء عمله،وتصنع منه كائنا فوق الحساب،لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكأن الاسر المصرية اعتادت إنتاج الزوج الديكتاتور، الذي يجب أن تري زوجته بنفس عينه،بحيث تتوحد رؤيتها مع ما يراه، مهما كان حجم ما يراه وضيعا أو محمودا، فقدرها أن تدور في نفس الفلك الذي تدور فيه رؤاه.

الكاتبة تضغط على الجرح النازف فينا الذي يبدو أزليا،وما زال ينزف بلا رحمة،وتضعنا في مواجهة الوجع، كي نتشارك معها ما نحاول أن نتناساه من ذنوب اعتدنا اقترافها في حق "القوارير"،اللاتي يعشن معنا شقائق للروح نعشق تحطيمها، في سادية تاريخية متوارثة من اب عن جد.

فما زالت الانثي مبتورة الأعضاء، بحكم أنوثتها التي يراها المجتمع جريمة لم تقترفها،ورغم ذلك نعاقبها عليها، وكأننا نري الخالق عز وجل قد خلق لها جسدا ومشاعر مجرّمة، يجب بترها ومعاقبتها عليها،وهو ما نراه كائنا حتى الآن في الريف المصري،رغم حملات التوعية والتنوير، بل ورغم قوانين التجريم التي نادرا ما تطبق،لأن الضحية هنا وهي الطفلة لا يمكنها أن تخرج عن عصا طاعة الاهل،وترفض الجريمة التي أرتكبت بحقها.

الكتاب الذي بين ايدينا اليوم يجب أن يكون بلاغا للنائب العام،لوقف الظلم الواقع على شقائق الرجال، ووثيقة للمجلس القومي للمرأة،ودليلا للمجلس القومي للطفولة والامومة،كي نوقف مهازل شتي تتعرض لها المرأة المصرية منذ ولادتها وحتي يتوفاها الرحمن ويتغمدها برحمته.