الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حوار الطرشان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصارحكم القول إننى لا أستطيع أن أخفى إعجابى بالموقف السودانى الأخير من مفاوضات سد النهضة بعدما أعلن الدكتور ياسر عباس وزير الرى والموارد المائية السودانى في تصريح شجاع وضع فيه النقاط فوق الحروف أن بلاده أوقفت المفاوضات حول سد النهضة لعدم جدوى التفاوض المباشر مع إثيوبيا والذى بات أقرب للتفاوض في دوائر مغلقة مشيرا إلى أن السودان لم ينسحب من مفاوضات السد بل احتج على آلية التفاوض مضيفا أن النقاط الخلافية المتبقية تتمثل في ثلاث نقاط قانونية جوهرية تحتاج لإرادة سياسية جوهرية مكانها خارج غرف التفاوض مطالبا بدور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض مذكرا إلى أن الأطراف اقتربت من توقيع اتفاق بواشنطن، ولكن إثيوبيا انسحبت من التوقيع.
ولأن الأشقاء السودانيين المعروفين بالطيبة والسماحة وطول البال فاض بهم الكيل مثلنا من إثيوبيا التى ترى أن اتفاقات النيل السابقة تمت في عصر الاستعمار ولا تعترف بها شدد وزير الخارجية السودانى عمر قمر - لا فض فوه- على أن اتفاقات مياه النيل ملزمة للجميع محذرا إلى أنه إذا لم يتم التواصل إلى اتفاق مع إثيوبيا فإن الأزمة ستدخل في نفق يصعب الخروج منه مؤكدا تمسك السودان بخيار التفاوض بوساطة أفريقية إن أمكن أو بوساطة أخرى أو بخيار التحكيم إذا وصلت الأمور لنقطة يصعب فيها التوصل لاتفاق.
نعود ونقول إن الجميع بالعالم وأولهم إثيوبيا يعلمون أننا والأشقاء بالسودان لن نضرب رءوسنا في الحيط أو الحائط، وتلك كانت رسالة الغضب التحذيرية النى وجهها الأشقاء السودانيون مؤخرا لإثيوبيا بإعلان عدم استمرارهم بمفاوضات سد النهضة إلا بموجب وجود مفاوضات حقيقية تهدف إلى الوصول إلى حل.
وبالطبع إن ما قامت به السودان مؤخرا بعد اكتشاف سوء نوايا الجانب الإثيوبى اكتشفته مصر قبلها بسنوات وشهور، وقامت أم الدنيا من منطلق حرصها على العلاقات الطيبة مع الجميع، وأن يكون الخير للجميع بأفريقيا والعالم بتحذير الإثيوبيين أكثر من مرة، وعندما وضح أن جلدهم سميك وسمعهم ثقيل ولا حياة لمن تنادى ولا يريدون سوى حوار الطرشان لم تجد مصر مفًارا من تعرية إثيوبيا أمام العالم ومنظماته الدولية التى تتبع سياسة اللف والدوران عبر مفاوضات لا تنتهى بنتيجة، وإذا وصلت إلى اتفاق وحل مرضٍ الجميع تختفى عند التوقيع مثلما حدث بالمفاوضات التى رعتها أمريكا بمشاركة البنك الدولى.
الآن ماذا نحن والسودان فاعلون أعتقد أن البلدين وصلا إلى قناعة تامة بأن الحكومة الإثيوبية التى أعلنت في يوليو الماضى أنها بدأت في تعبئة السد، وهو الأمر الذى أثار غضب كل من مصر والسودان فقد وضح أن إثيوبيا لا تريد حلا بل مفاوضات إلى أن يتم الانتهاء تماما من بناء السد وتوليد الكهرباء منه، وهو ما اعترفت به إثيوبيا فعليا بأنه سيتم بدء توليد الكهرباء في يونيو عام2021.
ولا أدرى لماذا هذا التعنت الإثيوبى الذى يصل إلى حد الغباء لأن قادتها يعلمون جيدا وجديا أن مصر التى لم ترضخ لأحد على مدى تاريخها منذ أيام الفراعنة وحتى الآن لن ترهن مستقبلها المائى الذى هو خط أحمر ومسألة حياة أو موت بيد إثيوبيا أو غيرها لأن هذا حقنا وليس اغتصابا.
ونعود لنسأل وماذا عن استمرار التعنت الإثيوبى، وهل نضرب رأسنا في الحائط كما يريد الإثيوبيون ونستمر بحوار الطرشان ونرضى بالأمر الواقع والإجابة لا أعتقد أن مصر سترضخ للأحلام الإثيوبية بقبول الفتات أو قطرات من مياه النيل، واذا أردنا المزيد علينا بالدفع، فالنيل ليس ملكا لإثيوبيا ولنا حق فيه مثلهم والسودان وجميع الدول الأفريقية التى يمر عليها، وأعتقد أن الشهور القليلة المقبلة ستكون حاسمة وكل الخيارات مفتوحة فالسودان زهق ونحن زهقنا ونحن الاثنين لن نضرب رأسنا في الحائط يا إثيوبيا.

ولكن يبقى علينا أن نعترف أننا حتى لو حصلنا على حصتنا كاملة من مياه النيل فهى غير كافية حتى لو تمت معالجة مياه الصرف التى ستوفر لنا كمية من المياه لا بأس بها، ولكنها لا تفى إلا بالقليل، ولهذا تتحرك مصر خارج حدودها باستكمال قناة جونقلى بجنوب السودان والتى ستوفر كمية محترمة من المياه للنيل، ولكنها أيضا ليست هى الحل الكامل لمشكلة العجز المائى لمصر التى دخلت في مرحلة الفقر المائى، ولاحل هنا لنا سوى نهر الكونغو الذى سنتكلم عنه إن شاء الله من جديد بمقال قادم فهل هو حلم أم سراب.