الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اللقاح في عالم حقوق الإنسان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو واضحًا للعيان أن ما يعرف بالعالم المتقدم لا يهمه من جملة حقوق الإنسان سوى حق الرأي والتعبير والمعارضة السياسية؛ حيث يغض الطرف اليوم عن واحد من أهم الحقوق وأعلاها في سلم الأولويات الإنسانية، ألا وهو الحق في الصحة وإتاحة الحصول على الدواء بوصفه جزءًا أساسيًا من حزمة الحقوق التي يجب أن تلتزم بها الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، التي تشمل الحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في الاستفادة من التقدم العلمي.
تسعى الدول الغنية والمتقدمة اليوم لتأمين الجرعات المطلوبة من لقاحات فيروس كورونا الذي يضرب العالم أجمع بلا هوادة، بينما تقف الدول الفقيرة والنامية عاجزة عن توفير احتياجاتها.
سيكون لقاح كورونا متوفرًا في كل الدول المتقدمة والغنية بعد أسابيع قليلة، وخلال يناير المقبل ستبدأ في تطعيم مواطنيها ضد فيروس كورونا القاتل، فيما سينتظر بقية العالم منتصف العام على أقل تقدير ليبدأ عملية التطعيم. 
لا أتمني أن يكون ولاء شركات الأدوية المسئولة عن إنتاج اللقاحات لجيوبهم فقط لاسيما وأننا في ظروف استثنائية لايجوز فيها التعامل بحسابات "البيزنس".
وأدعو من هذا المنبر أن تحذو الشركات المنتجة للقاحات كورونا حذو شركة "مدترونيك"، أشهر مُصنع لأجهزة التنفس الصناعي، التي أسقطت حقوق الملكية الفكرية الخاصة بأجهزة التنفس الصناعي التي تملكها.
شاركت الشركة الرائدة في مجال التكنولوجيا الطبية علانية مواصفات التصميم ونشرت الرسوم الهندسية على شبكة الإنترنت مارس الماضي في أوج انتشار الفيروس، لتمكين العالم أجمع من التصنيع السريع لأجهزة التنفس الصناعي لمساعدة الأطباء والمرضى الذين يتعاملون مع فيروس كورونا.
جاء قرار الشركة متوافقا تماما مع المباديء الإنسانية بعيدا عن أية حسابات تجارية، إيمانًا منها بحقوق الإنسان وإدراكا للحاجة الماسة لأجهزة التنفس الصناعي كأجهزة منقذة للحياة في مواجهة الفيروس.
أتمني أن تسعي الدولة المتقدمة للتعاون مع بقية دول العالم لتوفير اللقاحات بصورة عاجلة، عن طريق توفير التركيبة لإنتاجها في كل الدول وتوفير خطوط إنتاج، أو على الأقل توفير الدعم اللوجيستي لنقل اللقاحات بأسرع وقت لكافة دول العالم بما يسمح بتطعيم الجميع في توقيتات متزامنة. 
من الأهمية أن تنجح الجهود المبذولة لتوفير اللقاح لدول العالم الثالث في نفس الوقت، فالحق في الصحة لاسيما في زمن الأوبئة القاتلة حق أساسي من حقوق الإنسان وجزء من الكرامة الإنسانية يجب أن يحصل عليه الغني والفقير.
نعم حرية الرأي والتعبير حق أصيل لا ينبغي التفريط فيه تحت أي ظرف من الظروف، لكن سيبقي بلا معني دون الحفاظ على وجود الإنسان نفسه.