السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الذكرى الخمسون لتعرض البابا بولس السادس لمحاولة الاغتيال في الفيليبين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لخمسين سنة خلت، وبالتحديد في السابع والعشرين من نوفمبر من العام 1970 تعرض البابا الراحل بولس السادس لمحاولة اغتيال فور وصوله إلى الفيليبين في إطار زيارة رسولية إلى قارتي آسيا وأوقيانيا كانت الأطول في حبريته كلّها.

اقترب من البابا مونتيني – الذي كان يبلغ الثالثة والسبعين من العمر – رجلٌ يرتدي زي كاهن، كان يحمل بيده المصلوب وباليد الأخرى خنجرا. وقد فشلت محاولة الاغتيال بفضل جهوزية وتنبه معاوني البابا الذي كان يقوم بهذه الزيارة لمناسبة انعقاد المؤتمر الأول لمجلس أساقفة آسيا الشرقية، وقد شاء أيضا أن يلتقي عن كثب بالشعوب التي تعيش في تلك البقعة من العالم حاملا معه رسالة أراد من خلالها أن يوضح معنى انثقاف الإيمان ويُغني علاقات الشركة داخل الكنيسة الكاثوليكية.

البابا بولس السادس نفسه وخلال إحدى مقابلاته العامة مع المؤمنين تحدث عن مختلف محطات هذه الزيارة التي بدأت بثلاثة أيام في مانيلا لتليها محطة في إحدى جزر بولينيسيا، ثم سيدني بأستراليا وبعدها العاصمة الإندونيسية جاكارتا قبل أن يتوجه في زيارة خاطفة إلى هونغ كونغ بهدف التعبير عن تقدير ومحبة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الصيني العظيم، كما قال، ليتوجه بعدها إلى كولومبو بسريلانكا. انطلق البابا من روما في السادس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر 1970 وحطت الطائرة في طهران لفترة وجيزة حيث كان في استقباله الشاه محمد رضا بهلوي. وأضيفت على جدول الزيارة محطة، لم تُقرر في السابق، وهي في دكا، بباكستان الشرقية آنذاك، حيث التقى البابا مونتيني بضحايا إعصار ضرب المنطقة. وقدّم مساهمة مادية في إطار جهود الإنقاذ، وهي عبارة عن حملة لجمع التبرعات نُظمت على متن الطائرة البابوية وشارك فيها الصحفيون الذين رافقوه.

صبيحة السابع والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر حطت الطائرة البابوية على أرض مطار مانيلا بالفيليبين، حيث تعرّض بولس السادس لمحاولة الاغتيال. يقول سكرتيره الخاص Pasquale Macchi إن البابا مونتيني تلقى تحذيرات عدة بشأن إمكانية تعرضه لمحاولة اغتيال منذ زيارته الرسولية الأولى إلى الأرض المقدسة ولغاية الزيارة الأخيرة إلى الشرق الأقصى. وهي تحذيرات تلقتها أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان من أجهزة الاستخبارات. ومع ذلك لم يتردد البابا في القيام بزيارته الرسولية، قائلا إنه يتوكل على الله. لكن خلال تلك الزيارة تحققت المخاوف وتعرض بولس السادس فعلا لمحاولة اغتيال.

كتب سكرتير البابا الخاص في مذكراته أن مونتيني وفيما كان يحيّي السلطات المدنية والكرادلة والأساقفة، تعرض لهجوم من قبل رسام بوليفي في الخامسة والثلاثين من العمر، يُدعى Benjamin Mendoza y Amor، كان يرتدي زي كاهن وكان يحمل بيده مصلوبا ذهبيا، وفي اليد الأخرى خنجرا، وتمكن من جرح البابا في عنقه قبل أن يجرحه في صدره على مقربة من القلب. وكتب البابا نفسه عن هذا الحادث مشيرا إلى أنه فيما كان يلقي التحية على السلطات، شاهد رجلا يقترب منه بسرعة، فاعتقد أنه يريد أن يلقي التحية أو أن يقبّل يده أو يقول له شيئا ما. وعندما صار أمامه أقدم على طعنه.

أما سكريتيره الخاص فيروي أنه رمى بنفسه على المهاجم كي يمنعه من الحراك ودفعه بعدها باتجاه رجال الشرطة مانعا إياه من طعن البابا مجددا. وأضاف أن ابتسامة عذبة زيّنت وجه البابا الذي صعد على المنبر ليلقي خطابه على الرغم مما تعرض له وكان ثوبه الأبيض ملطخا ببقعة من الدماء. ولدى وصوله إلى مقر السفارة البابوية في مانيلا خضع البابا لفحص الأطباء. ويروي هو نفسه أنه قام بخلع ملابسه وشاهد بعقة كبيرة من الدماء على صدره والسبب يعود إلى جرح طفيف أصيب به على مقربة من القلب، لافتا إلى أن الجرح كان سطحيًا ولم يسبب له ألما يُذكر. وأضاف أن قميصه تمكن من وقف النزيف، كما لاحظ وجود جرح آخر طفيف وسطحي عند أسفل العنق.

قام طبيب البابا البروفيسور Mario Fontana بمعالجة الجرحين ونصحه بتعليق برنامج الزيارة لفترة بعد الظهر بيد أن بولس السادس أصر على متابعة التزاماته بحسب البرنامج كي لا يخيّب آمال الناس من جهة ومن أجل التكتم عما جرى من جهة ثانية. وهكذا تابع البابا زيارته ملتقيا بالرئيس الفيليبيني والسلك الدبلوماسي ووفد قدم من فورموزا. لكن سرعان ما انتشر خبرُ تعرض البابا لمحاولة الاغتيال، مع أن الكرسي الرسولي لم يُؤكد رسميا صحة النبأ. وقال المعتدي إنه يأسف لأنه باء بالفشل، وهو مستعد لمعاودة الكرة في حال تسنت له الفرصة. أُدخل السجن قبل أن يُطلق سراحه بعد سنوات قليلة لأن الفاتيكان لم يتخذ صفة الادعاء.