الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المكنز الأفريقي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المأثورات الشعبية مركب خصب من الثقافة الروحية والمادية، وهي علم إنساني يختص بقطاع معين من الثقافة الجمعية، الشعب مؤلفها، وحاضنها، ووارثها، ومتداولها، تشترك الأجيال في صنعها، كل يضيف أو يحذف، أو يُبدل، وإن كان واقع الحال يلزمنا بمحاولة مناهضة "عملية" غسيل الذاكرة وتعطيل المخيلة، والمساهمة في إحداث القطيعة التامة بين الموروث وحامليه، وارتهانهم أغترابا لثقافات لا تمُت بصلة لذائقتنهم،وذلك لا يعني النبذ والعداء لفنون وثقافة الآخر بل هي بموضع الأعتراف والتقدير، شرط أن لا نتخذها بديلا عن الأقرب لنا وما يمس مشاعرنا وإرثنا المتعاقب الجدير بالبحث والدراسة، كما لنا أن نميز منها مارتبط بزمنه وفقط، والمتخلف عن حاضرنا، وبين ما هو راق يستمتع وينتفع به ويجذر القيم الأخلاقية، وفي ذلك تنبيه إلى قيمة التراث وتربية المخيلة، كما هي التربية العقلية والتربية الجسدية. 
وذلك ما جرى في مناقشات المؤتمر العلمي التراثي الأفريقي الثالث الذي عقدته أكاديمية الفنون بالقاهرة في منتصف نوفمبر الجاري، تحت رعاية وزارة الثقافة، وبمشاركة مصر، تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا،السودان، الصومال،جيبوتي،ارتيريا،جزر القمر،غينيا، وغيرها من البلدان العربية الأفريقية، المختص في هذه الدورة بفنون الطفل الأفريقي:تراثه حكايات ونصوص غنائية، وسينما، ومسرح، وموسيقى، وعروض الفرجة والألعاب بالشوارع والميادين، والفنون التشكيلية، كما وعني المؤتمر بجانب فنون الطفل وعلاقتها بالتربية والتعليم الإلكتروني،وفنون الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة،وفي ظل المتغيرات الراهنة، وقد شاركتُ في المؤتمر الذي جرى عبر شبكة ZOOM، وموقع اليوتيوب، بعرض فرجوي حول الألعاب التراثية للأطفال بليبيا. 
وفي خلاصة توصيات المؤتمرات الأفريقية الثلاث التي عقدتها أكاديمية الفنون،بإدارة د.غادة جبارة، والمقررة د.أيمان مهران، حيث وفي عامين أقامت الأكاديمية ثلاثة مؤتمرات للفنون الأفريقية نتج عنها أبحاثًا تراثية مهمة.وجاء حصاد المؤتمرات الأفريقية الثلاث،والتي أقيمت تحت عنوان رئيس" الفن الأفريقي أيقونة الفنون الإنساني" بأجندة عمل وتوصيات، وستشرع أكاديمية الفنون في العمل على تنفيذها،وهي إصدار "مكنز" للفنون والثقافات الأفريقية، وبشراكة وتنسيق مع منظمة الكوديسريا(السنغال)،وعضوية العديد من الدول الأفريقية، وستكون ليبيا حاضرة بممثلين عن جغرافيتها،ولعل ذلك يلفت أهتمام الدوائر الرسمية، والجمعيات التراثية التي تأسست عقب فبراير 2011،وقد أتيح لها الاستقلالية في خارطة عملها أن تُعنى بمسألة الحفظ والتوثيق والأرشفة.
والمكنز هو أداة علمية منهجية،ستتوفر كقاعدة بيانات موسعة،مقدمة لكل مهتم وباحث وسينفذ ورقيا (كتاب)، ورقميا (موقعا)، والعناصر الفلكلورية الشارحة التي ستتوافر به أهمها، المعتقدات والمعارف الشعبية،العادات والتقاليد الشعبية،فنون الأداء الشعبي،فنون التشكيل الشعبي،كل هذه العناصر وغيرها سيجري ثبتها جغرافيا لمجمل الدول الأفريقية.
ومنتج المكنز سيتيح المادة الشعبية (الميدانية والمنشورة) من المنجز العربي الأفريقي، ما يوحد المتشابه والمختلف،تنوعا وتناغما تحت عين المُطالع،المهتم،الباحث مرفقة بجميع الوسائط الموضحة من صور، فيديو، شواهد وروايات صوتية مسجلة،ما جرى خزنه قديما كوثائق وشواهد أو ما تم التقاطه حديثا من عناصر فولكلورية،وفي ظني أن هذا المكنز تتوسع دائرة المستفيدين منه في مجالات علمية إنسانية عدة،وليس حكرا على مهتمي الفلكلور الشعبي، فلمختصي علم المكتبات مثلا يوفر لهم قاعدة بيانات بكل الأصدارات الفلكلورية مما يسهل البحث عنها،كما يؤسس للمعرفة والمرجعية التاريخية لرواد الأثار،والجغرافية السياحية،ولمجالات الفنون والأدب، والفلك،والطب،والرياضة،وإدارة المؤسسات، وغيرها.
ومن التوصيات أيضا إطلاق مجلة "الفنون الأفريقية" على أن تكون مُعتمدة ومُحَكْمة، والبدء في تأسيس كيان "المعهد العالي للفنون الأفريقية" في محافظة أسوان،على أن يتضمن متحفًا للإنسان الأفريقي معبرًا عن حضاراته وثقافاته المختلفة،وتم أقتراح أبوسمبل بأسوان مقرًا لكل تلك الكيانات الثقافية المهمة والتي ستعزز العلاقات العربية الأفريقية في مجال البحث والدراسة نظريا وعمليا.