الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

د. خالد كمال يكتب: السر الغامض وراء سفاح الجيزة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعت بمرارة عبر الأسابيع الماضية هذه القصة العجيبة التي تذكرنا بأسوأ أفلام هوليوود عن الجريمة المتسلسلة أو القتلة السفاحين الذين يرتكبون لأسباب مختلفة جرائم قتل متكررة ويفلتون لفترة من العدالة ثم ما يلبث هذا السفاح أن يخطئ ويقع في أيدى العدالة بشكل غير مقصود أو بشكل مقصود أحيانا بسبب تأنيب الضمير.
شغلتنى أسئلة أساسية (مبنية على المعلومات المتناولة في وسائل الإعلام المختلفة وليس بناء على ملاحظة علمية أو استقراء لشخصية القذافي القاتل)
كيف يجمع كل جيرانه ومن يعرفوه منذ صغره وحتى ارتكاب آخر جرائمه على أنه مواظب على الصلاة خفيض الصوت وكان ملتحى وملازم للمسجد في مراهقته وبداية شبابه لا يسىء لأحد ولا يمارس الممارسات الطائشة التي يقوم بها زملاؤه المراهقين طبقا لشهادة جيرانه في احد التقارير التليفزيونية، وما زال في التحقيقات يستشهد بآيات القرآن والاحاديث النبوية وكل هذا يدل على انه شخص متدين فعلا!
فأنى له القوة والجسارة لارتكاب هذه الجرائم الشنيعة؟
السؤال الثاني كيف يمارس حياته بشكل طبيعي مرة أخرى طبيعي فيتزوج ويقيم الافراح ويقضى اشهر عسل وينجب ويخطط لسرقات جديدة بعد كل جريمة؟!
السؤال الثالث لماذا لم يقتل كل زوجاته فالصيدلانية اكتشفت بعض اسراره ومع ذلك لم يقتلها بل طلقها وترك الحى الذى تسكن فيه وذهب إلى منطقة جديدة في الإسكندرية مما يعنى ان هناك معايير للقتل يضعها فهو لا يقتل كل مصدر للتهديد كما نتصور؟
في محاولة للفهم والإجابة عن هذه الأسئلة وضعت احتمالين، إما أنه صحيح نفسيًا وهذا مستحيل على أي ميزان أو مقياس علمى (وهنا لا يتصور البعض اننا نطرق باب الجنون لينجو هذا المجرم من فعلته ابدا والله فهو يستحق الإعدام الف مرة عن كل نفس ألمها وروح ازهقها) لانه الفطرة السليمة والنفس السوية لا ترتكب مثل هذه الجرائم.
يبقي الاحتمال الأرجح وهو انه مريض نفسي وليس عقلى أي أنه يستحق العقاب، على أي حال.
وما هى نوعية الاضطراب التي ارجح انه مصاب بها انه اضطراب انفصام الشخصية أو اضطراب الشخصيات المتعددة وهو اضطراب يرتبط بانهيار الذاكرة والوعى والادراك والهوية وهذا قد يدفع الإنسان لتطوير شخصية بديلة لشخصيته التي عادة تتسم بالهدوء والخنوع وعدم القدرة على التحدى هذه الشخصية تكون عكسها تمام جسورة منحرفة تتحدى المعايير والقيم الاجتماعية.
وقد بدأ اكتشاف هذا المرض في ولاية جورجيا بأمريكا عام 1951 حيث كانت سيدة ريفية بسيطة ربة منزل تدعى ايفا وايت يأتي بها زوجها رالف وايت لعيادة الطبيب كورتيس لوثر لشكه في غرابة تصرفاتها المهم ان الطبيب اكتشف ان هذه السيدة تتبدل إلى شخصيتين أخريين منهما بائعة هوا وشخصية أخرى مثقفة وقوية فاكتشف هذا الاضطراب وقد جسدت هذه القصة في عدة أعمال فنية منها الفيلم العربي بئر الحرمان لسعاد حسنى، لتيسير الفهم على القارئ.
الشاهد هنا اننى ارجح أن هذا المجرم كان يمر بهذه الحالة من الاضطراب فتتبدل شخصيته إلى أخرى عكس طبيعته المعروف بها وهذا يجيب عن السؤال الأول
واحد أهداف هذا الاضطراب الرئيسية انه يستخدم كآلية لفصل الذكريات المؤلمة عن الوعى الطبيعى وقطع الاتصال بها وهذا ما كان يمكنه من تجاوز كل جريمة والعيش بطريقة طبيعية والزواج والاحتفال لأنه تمكن من الدفن الكامل للجرائم التي ارتكبها بعيدا عن الوعى.
أتصور ان المحققين في الأيام التالية قد يستعينون بطبيب نفسي لانهم سيلاحظون ان هناك تغيرا يحدث في شخصية هذا المجرم بين جلسة تحقيق وأخرى وانه قد يزعم انه لم يرتكب جرائم أخرى ثم في بعض جلسات التحقيق سنجده يتذكر بشكل واضح ما ارتكبه من جرائم ومكان دفن الجثث اعتقد انهم سيتجاوزون العشرة بقليل.
مرة أخرى هذا إن صح لا يبرر أي شيء مما فعله هذا السفاح فنحن نتمنى عدالة ناجزة لكن ليس قبل التأكد من أننا اكتشفنا كل ما لديه من اسرار وهذا هدف هذا المقال.