الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مطالبات بتعديل "قانون الطفل" بعد واقعة "طفل المرور"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
موجة من الغضب العارمة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام خلال الآونة الأخيرة مع تصاعد جرائم العنف التي يرتكبها الأطفال صغار السن، سواء من خلال التدني الأخلاقي والتربوي من جهة أو بسبب الاحتماء بالنفوذ والمنصب من الوقوع تحت طائلة القانون من جهة أخرى، ووسط كل ذلك لاحت في الأفق تساؤلات عديدة حول قانون الطفل في مصر، وهل هو يسمح لمن لم يبلغ حاجز الثامنة عشرة من عمره بارتكاب الجرائم مع الإفلات من العقاب، وإذا ما كان ذلك القانون في حاجة ماسة إلى إعادة النظر.




مخاليف: تغيير تصنيف سن العقوبة والمحبس التربوي "ضرورة" لإعادة تقويم سلوك الأطفال
في مايو الماضي قضت محكمة جنايات بورسعيد (إقليم القناة)، بالسجن ٢٠ عامًا على المتهم محمود محمد محمود، و١٥ عامًا على علاء حسب الله المتهمين باغتصاب وقتل الطفلة زينة.
وقالت المحكمة إنها مقيدة بقانون الطفل، لأن المتهمين لم يبلغا ١٨ عامًا، ولذا لا يمكن توقيع عقوبة الإعدام عليهما، وكذلك عقوبة السجن المؤبد أو المشدد.


وفي واقعة أخرى جذبت أنظار الشارع المصري طويلًا، قضت محكمة جنايات الطفل بشبين الكوم بمحافظة المنوفية "محكمة الأحداث "، برئاسة المستشار باهى حسن، بمعاقبة المتهمين بقتل محمود البنا والمعروف إعلاميا بـ"ضحية الشهامة"، بالسجن على المتهم الأول محمد راجح ١٥ عامًا، إسلام عواد ١٥ عامًا، مصطفى محمد ١٥ عامًا، إسلام البخ ٥ سنوات.


ومؤخرا ألقت أجهزة الأمن بالقاهرة، القبض على الطفل سائق السيارة المرسيدس، المتنمر على رجل شرطة بمنطقة المعادي، و٣ من أصدقائه؛ وذلك بسبب فيديو ظهروا فيه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعد إطلاق سراحه يتنمرون ويلفظون ألفاظًا خادشة للحياء.
وكانت «النيابة العامة» طلبت تحريات الشرطة حول المقطع المتداول موضوع التحقيق، والتي أسفرت عن تحديد فرد الشرطة المعتدَى عليه، وشخص الطفل المعتدِي، ومالك السيارة التي كان يستقلها بالكشف عن بيانات لوحاتها المعدنية.
وسألت «النيابة العامة» فرد الشرطة فشهد أنه في ظهيرة يوم السادس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي أُخطر من مواطنين بقيادة طفل سيارة برعونة بمنطقة زهراء المعادي -محل خدمته-، فاستوقف السيارة، وتبين أن طفلًا يقودها في صحبة آخرين من ذات عمره، فسأله عن تراخيص السيارة والقيادة ففوجئ بتعدي الطفل ومَن معه عليه بالقول وتوعدهم له بالإيذاء، ثم دار بينه وبين قائد السيارة الحوار المصور حتى توجه لمقدمة السيارة لتدوين رقم لوحاتها المعدنية وتحرير مخالفة بالواقعة، ففوجئ
بتحرك الطفل بالسيارة مما أخل بتوازنه واصطدمت رجله بباب السيارة، فدون رقم لوحاتها وحرر مخالفة بها، ثم جاءه الطفل قائد السيارة ومن معه لاحقًا للاعتذار إليه، فقبل اعتذاره نافيًا إصابته من الواقعة.
وفي سياق آخر أظهرت كاميرات المراقبة المثبتة، في محافظة أسيوط لحظة دهس سيارة لأربعة أطفال ومصرعهم جميعا، في مركز أبنوب بمحافظة أسيوط، حيث أظهر فيديو تم تناقله بشكل كبير عبر منصات السوشيال ميديا، السرعة الكبيرة التى كان يسير بها قائد السيارة وانحرافها تجاه الأطفال ودهسهم.
ووفقا لما ظهر في الفيديو أيضا، أن السيارة كان يقودها مجموعة من المراهقين، وفروا هاربين بعد اصطدامهم بالأطفال، وحاول المارة مطاردتهم واللحاق بهم لتقديمهم إلى العدالة.


يقول النائب عاطف مخاليف عضو مجلس النواب، إن الدستور ينص في المادة ٨٠ على أن سن الطفولة لا يتعدى حاجز ١٨ سنة، وما تحت ذلك فهو في سنة الطفولة، وهناك اتفاقات دولية موقع عليها من ١٠٢ دولة تقريبا تتفق أن سن الطفولة يصل إلى ١٨ عامًا لحد ١٨ سنة، ليضيف: ولكن في رأيي أن تكرار معدل الجرائم بين الذين يبلغون ١٦ أو ١٧ سنة لا يُصنف في عصرنا هذا على أنها جرائم أطفال.
وأضاف: في مجتمنا نرى من يبلغ ١٦ سنة، ويكون على دراية كاملة بما يدور حوله في درجة من النضج الفكري التي تتشابه مع نضج الرجل البالغ، ولو طالبنا بتعديل هذا القانون سنضطر إلى تعديل المادة ٨٠ من الدستور التي تنص على أن سن الطفولة، هو من وقت مولد الطفل لحين بلوغه ١٨ سنة، ووقتها الطفل تكون له إجراءات خاصة به تتمثل في عدم الدفع به داخل المحبس على أن يتم إلحاقه في مؤسسات الرعاية.
وتابع: أرى أن القوانين الخاصة بالطفل حتى الآن رادعة وكافية، ولكن ينبغي تطبيقها بالشكل الصحيح، فعلى سبيل المثال واقعة تعدي طفل المرور على رجل الشرطة، لو تم إخضاعه إلى مؤسسة رعاية خاصة سيكون العقاب شديدًا بالنسبة له ولأهله، وينبغي الوضع في الاعتبار كونه في سن الطفولة، فإن عقوبته يجب أن تتمثل في وضعه داخل محبس تربوي وليس سجنًا، فهناك فارق بين الاثنين، وفي المحبس التربوي يتم قضاء فترة عقوبته محبوسا مع إعادة تأهيل سلوكه في الحياة بالصورة الطبيعية التي فشل أهله في تربيته عليها، وليس مشروطا أن يكون سلوك الولد سيئا بسبب الأب والأم، فهناك من يخضع لظروف تربوية صارمة، ولكن لا يجدي الأمر معهم نفعا، بالتالي هي جينات لدى الأطفال ينبغي الانتباه لها جيدًا، والتعامل معها على النحو الأمثل دون الاكتفاء بالنظر إليها من خلال منظور واحد ضيق، ومن الممكن إعادة تقويم قانون الطفل، ولكن مع تقليل سن الطفولة، ويحب إدراجه على الأجندة التشريعية الدولية، وهنا المؤسسات العقابية دورها فعال جدًا، ولكن إذا طبقنا العقاب فيه بشكل صحيح، فمثلا لو ارتكب الطفل جريمة قتل يكون من الطبيعي عدم الحكم بإعدامه، ولكن بدلا من ذلك يكون من المناسب وضعه تحت إشراف المؤسسة العقابية لمدة ١٥ سنة لكي لا يفلت من العقاب أولا، وكذلك لكي يبلغ النضج الكافي والسلوك النفسي القويم من ناحية أخرى، ولكي يكون قادرا تماما على الاندماج على العيش داخل إطار المجتمع.


فيما يقول المخرج Skip Navigation Links
 تامر الخشاب إن للإعلام دورًا كبيرًا، وهو توصيل الرسالة بأن العقوبة رادعة في مثل هذه الحالات، فمثلا لو وقعت عقوبة صارمة على طفل واقعة المرور ثم التقاط صور له أثناء ذلك وهو يُبدي الندم، فمن المؤكد أن ذلك سيؤثر بالإيجاب على كل من يحاول نهج مثل هذه السلوكيات المشينة، وقانون العقوبات له جوانب كثيرة يتم إقرار سن العقوبة من خلاله، متعلقة بدرجة اكتمال عقل الطفل، فمن غير المعقول معاقبة طفل يبلغ مثلا ١٣ سنة بوضعه في السجن ثم بعد خروجه يكون قد فات الأوان على إصلاح سلوكه، ولكن دور الإعلام والصحافة خلق حالة من الردع الإعلامي من خلال إبراز مثل ذلك السلوك المرفوض، وتسليط الضوء عليه لعدم تكراره بين الأطفال الآخرين.
ويردف: كان ينبغي أن يتم تصوير طفل المرور أثناء اعتذاره لرجل الشرطة مع تصوير مانشيت بعنوان "أمين الشرطة يسترد كرامته من الطفل المستهتر"، بجانب ذلك هناك فكرة أخرى تتعلق بإخضاعه لعقوبة موازية لحجم فعلته بأن يقوم بتنظيف الشارع لمدة أسبوع، لأنه ليس من المنطقي أن يحكم عليه بالسجن في هذه المرحلة المبكرة من حياته، ففي النهاية قد يكون ضحية لتربيته بشكل خاطىء، ومثل هؤلاء الأطفال يجب أن يعلموا أن للبلد حقوقًا عليهم. 
وأضاف: بالنسبة لجرائم القتل والاغتصاب التي يقدم عليها الأطفال يجب في هذه الحالة التأكد من وصوله لسن البلوغ أولا من خلال عمل تحليل طبي للقطع ببلوغ الطفل من عدمه، وبالتالي يكون الأمر حاسما حول العقوبة التي يخضع إليها وفقا لما ارتكبه من جرائم.


بينما تقول الدكتورة رحاب العوضي أستاذ علم النفس السلوكي، إن الأطفال التي تقتل وتغتصب وترتكب جرائم ممنهجة ينبغي الحكم بإعدامهم، معللة ذلك بأن عقوبة السجن في هذه الحالة لن تعود بالإيجاب على تحسين سلوك الطفل، كما أن مصر تحكمها اتفاقيات دولية بأن سن الطفولة يصل إلى ١٨ سنة، والتجربة أثبتت أنه آن الأوان لإعادة النظر في هذه الاتفاقيات فمن غير المعقول أن يقدم الطفل على الاغتصاب إلا إذا كان على دراية تامة بما يقوم به وهو ما ينطبق على جرائم القتل، مثلا في واقعة قتل محمد راجح لزميله، هنا كان مبيتًا النية لقتله وأعد العدة من خلال المشاركين معه والسلاح المستخدم في الجريمة والخطة لتنفيذها، ومن هنا كيف يمكن تصنيف من دبر ونفذ هذه الجريمة بأنه طفل، وأن الواقعة كلها كانت مشاجرة، القاتل هنا واضح أمام الجميع، ويجب إنزال أشد العقاب به، كما أن الأهل مشاركون أيضا في جريمة أبنائهم وينبغي عقابهم بمثل ما ارتكبوه من جرائم.
وأشارت إلى أن الجماعات الإرهابية تستغل سن الأطفال في أعمالهم من خلال استغلال رأفة القانون معهم، وهو ما يسهل عليهم تنفيذ أعمالهم الإرهابية، ومن هنا يجب تعديل الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن، من أجل الحفاظ على وحدة وتماسك المجتمع، ومن الممكن رفع قضية مستقلة أو عمل استفتاء إلكتروني لمطالبة جميع الدول بتغيير قانون الطفل، وما حدث في واقعة طفل المرور ما هو إلا نتاج موروث اجتماعي في مهن ضد الأخرى نتيجة نظرة الفوقية والطبقية المنتشرة في المجتمع منذ أزمنة طويلة، ورغم كل التقدم الذي يراه العالم العربي إلا أن هذا التقدم هو مجرد ادعاء على صفحات التواصل الاجتماعي والبرامج والجمعيات الخيرية فقط، ومسئولية تربية الولد تقع على عاتق أمه ووالده وتربيته السيئة والتعالي الذي يصدر عنه ما هو إلا انعكاس لحياته بصحبة أهله.


الدكتورة إلهام شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية، ترى أن هناك قواعد شرعية تحكمنا، ولكن مرجعيتنا دائما هى الدين، فالإسلام جعل الإنسان مسئولًا ومكلفًا أمام الله منذ سن البلوغ، فهو سن المحاسبة أمام الله، وإذا كان الإنسان محاسبًا أمام الله في هذه السن فلماذا لا يحاسب أمام القانون أيضا، بما يعني أنه بمجرد البلوغ يصبح مسئولًا عن أعماله قانونا مثلما هو شرعًا، لنتساءل "لماذا نؤخر سن العقوبة إلى ١٨ سنة"؟ الحل يكمن في أن نطالب بتعديل سن العقوبة لكي تكون منذ سن البلوغ، ومن هنا يتحتم تعديل سن العقوبة حتى ولو بعمل استفتاء شعبي لتعديل المادة التي تنص على أن سن العقوبة تبدأ من ١٨ سنة، نظرا لأن الضروره تقتضي ذلك الأمر، لأن هناك قاعدة تقول "إن الله يردع بالسلطان ما لا يردع بالقرآن" وهو ما يعني أن القوانين تردع شريحة كبيرة من الناس أكثر من الردع بكلام الدين، فالهدف من هذا هو إصلاح الناس وحثهم على السير على خطى صحيحة، بما يتحقق من خلاله أمن الاجتماع وأمانه من خلال الأخلاق السامية والقانون والسلطة التنفيذية القوية وتنفيذ الأحكام بالعدل.


ويقول الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري، إنه اذا أصبح السن عقبة أمام تنفيذ العقوبة، وأصبحت عندنا جرائم الآن يرتكبها أطفال يقتربون من سن البلوغ، فيجب على المشرع إعادة النظر فيما جري من أحداث غريبة عن المجتمع المصري ليعدل التشريع بما يتناسب مع ما يجري في وقتنا هذا، خاصةً أننا دائما نقول إن النصوص تتناهى والوقائع لا تتناهى، فإذا كانت عندنا الآن جرائم دخيلة على مجتمعنا تُرتكب في سن الطفولة في وجود قانون الطفل، هنا يصح للمشرع أن يعيد النظر بعد أن تكاثرت مثل هذه القضايا حتى من باب التحذير والتنبيه، وإعطاء السلطة إلى القاضي في اختيار ما يجده مناسبا للعقوبة لكي يأخذ القانون مجراه وتحقيق مبدأ المساواة بين الجميع في كونهم يقعون تحت طائلة القانون.


قال اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن الطفل منذ سن السابعة يصبح على مقدرة مميزة في تحديد الأشياء وإدراكها بشكل جيد، ومن هنا فهو يعرف ما قد يؤدي إلى الثواب والعقاب مقارنةً بالطفل الذي يبلغ الثالثة من عمره، ولكن عندما يصل إلى ١٣ أو ١٤ سنة فهو يستوعب تماما ما يدور حوله في التعامل مع الآخرين، ومن هم أكبر منه سنا، ولكن بشرط حمايته ومنعه من مزاولة المهن الخطرة في تلك السن، وهو ما يساهم في تولد السلوك الطيب لديه، وإذا ما خرج عن ذلك السلوك يتم النظر في كيفية عقابه من خلال الأهل، وطبيعة الطفل حاليا مختلفة عما كانت عليه منذ عقود بعيدة، وفي السابق كان الطفل في عمر ١٥ سنة لا يعلم أي شىء عن الأمور الجنسية أو التطاول على من هم أكبر منه، وكان لا يعرف شيئًا سوى الدراسة واللهو في وقت الإجازة ومشاهدة الكرتون، أما الآن فقد أصبحنا في عالم مفتوح ومباح فيه معرفة أي شيء وكل شيء فنجد الأطفال يعرفون كل شيء بدرجة أكثر من الكبار بسبب الثورة التكنولوجية الهائلة التي نعيشها حاليا، كل هذا أصبح بين يديه من خلال أجهزة صغيرة.
كما أصبح الطفل على دراية بجميع أسماء لاعبي كرة القدم حول العالم، بجانب درايته عن العلاقات الزوجية وفي بعض الأحيان يقوم الأطفال بالتخطيط لارتكاب الجرائم، وبالتالي أصبح التعامل معهم اليوم مختلفا بصورة كلية عما كانت عليه منذ سنوات، فلا بد أن يتواكب التشريع مع العصر ومع التطوير. الطفل يُقال عليه طفل إلى أن يستوعب حتى عمر ٧ سنين، وهو ما يطابق مع حديث الرسول بضرورة حث الأطفال على الصلاة منذ صغرهم.
وفي وقتنا هذا نرى الطفل يبلغ ١٦ سنة ويقود سيارة يطيح خلالها بالآخرين في الشارع مخالفًا للقانون، كما نرى الطفل ممسكا بالمطواه في المدرسة ويقتل زميله، كذلك الطفل الذي يغتصب ويتحرش. ولذلك يجب أن تكون العقوبة مواكبة لعصرنا الحالي، فالتشريع عبارة عن روشتة علاج توضع حسب حالة المريض، فما أكثر جرائم الأطفال اليوم، فأصبح اليوم الطفل الحدث محصنا من العقوبة مثل عضو مجلس النواب، فيتاجر في المخدرات ولو تم ضبطه يطلق سراحه لكونه طفلًا في نظر القانون، وبهذه الطريقة يفلت الجاني من عقوبته، وسبق أن قامت الجماعات الإرهابية باستغلال الأطفال من خلال ارتدائهم الأكفان في رابعة، ولكن لا يتم النظر لهم على أنهم إرهابيون، لأن القانون لم يصنفهم بعد على أنهم أشخاص راشدون يخضعون للعقوبة.