الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«بيروقراطية الرقمنة» فى مدارس طارق شوقى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم كل ما تحقق من تطور ملموس فى العملية التعليمية والوصول إلى تقنية التعليم «عن بعد» والمدرسة الإلكترونية، تصر بعض الإدارات التعليمية فى عدد غير قليل من المحافظات على تحصيل قيمة المصروفات الدراسية مقسمة إلى ثلاثة أقسام كل جزء منها يتم دفعه فى جهة مختلفة عن الجهتين الأخرتين، ما يتنافى تماما مع عصر «الرقمنة» الذى تسعى الحكومة إلى اعتماده خلال فترة وجيزة.
قطعت الدولة بالفعل شوطا لا بأس به على الطريق نحو الحوكمة الإلكترونية، إلا أن البعض يصر على ممارسة هواية خلق الطوابير وجمع الإيصالات والأوراق والمستندات، والتلذذ بتعذيب خلق الله، واستحداث بيروقراطية جديدة من شأنها أن تقضى على أى أمل فى التطوير.
فرغم صدور قرار من وزارة التربية والتعليم بتعدد طرق دفع المصروفات المدرسية، تيسيرا على المواطنين وتفاديا للتزاحم فى ظل الإجراءات الاحترازية للحد من الهجمة الارتدادية لفيروس كورونا المستجد، إلا أن الكثير من مسئولى المدارس الرسمية للغات أو ما يطلق عليها المدارس التجريبية، يصرون على ضرورة دفع المبلغ مقسما فى جهات ثلاث.
الجزء الأول من المصروفات يتم سداده عن طريق حوالة بريدية بمكاتب البريد لصالح صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، فى ظل ظروف بالغة السوء ووسط طوابير طويلة داخل المكاتب تتعدد بين صرف الحوالات البريدية وأخرى لقبض المعاشات، وعلى ولى الأمر أن يقضى يوما كاملا أمام مكتب البريد «محشورا» فى الطابور الخاص بدفع المصروفات حتى يتمكن من دفع هذا الجزء والحصول على إيصال من المفترض حسب التعليمات أن يتوجه به لإدارة المدرسة وتسليمه للموظف المختص.
أما الجزء الثانى من المصروفات فلابد أن يتم دفعه عن طريق «الفيزا كارد» أو من خلال خدمة «فوري»، وهو المبلغ الخاص بأنصبة المديريات التعليمية وديوان عام الوزارة إلى جانب وزارة المالية ومستحقات لجهات حكومية أخرى.
فيما يتبقى الشوط الثالث والأخير فى رحلة معاناة دفع المصروفات داخل المدرسة نفسها لسداد المبلغ الخاص بالكتب الدراسية.
إنها مأساة جديدة تضاف إلى جملة المآسى اليومية التى تعيشها الأسر المصرية، مع وزارة التربية التعليم التى عجزت عن إيجاد آلية لتحصيل مصروفات المدارس التجريبية من خلال منفذ واحد، على أن يتم توزيعه بمعرفة الحكومة نفسها على أصحاب الأنصبة.
للدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، تصريح شهير قبل أيام، أكد من خلاله أن هناك علاقة تعاقدية بين ولى الأمر والمدرسة، وأن ولى الأمر وافق على هذة العلاقة وبالتالى فهو ملزم بسداد قيمة المصروفات الدراسية، وهذا الكلام صحيح تماما، لكن ليس من حق الطرف الآخر فى العلاقة، وفق معادلة الوزير، «مرمطة» ولى الأمر بين المدرسة ومكاتب البريد وماكينات «فوري»، لاستلام قيمة هذا التعاقد، مصحوبا بمصاريف إدارية إضافية داخل كل جهة من هذه الجهات.
كل ما نحتاج إليه - يا سيادة الوزير - هو ضوابط لإحكام هذه العلاقة التعاقدية، لاسيما وأن كل إدارة تعليمية تعيش فى جزيرة منعزلة عن بقية الإدارات وبعيدا عن القرارات الوزارية التى تحمل توقيعك.
سيادة الوزير.. هل من الحكمة والمنطق فى زمن «الحوكمة» أن «يدوخ ولى الأمر السبع دوخات» لسداد المصروفات المدرسية، وهل من العدل وفق العلاقة التعاقدية أن يتكفل ولى الأمر بتوزيع الأنصبة بنفسه على الجهات الحكومية؟!.