الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

برنارد شو.. الفقر والإثم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جعل الكاتب الإيرلندي الراحل برنارد شو من كتابته هدفا لمكافحة الفقر الذي هو مصدر الجرائم والآثام، حيث برز اسمه كأحد أبرز مفكري ومؤسسي الاشتراكية الفابية، فقد أسس الجمعية الفابية مع سيدني ويب وجراهام والاس في عام 1884 وسعى أعضاؤها إلى نشر مبادئ الاشتراكية بالوسائل السلمية.
في وقت كان فيه ابن العاصمة الإيرلندية دبلن قد أثبت براعته بعدما انتقل إلى لندن حين أصبح في العشرينات من عمره، وكانت أول نجاحاته في النقد الموسيقي والأدبي، ولكنه انتقل إلى المسرح، وألّف ما يزيد على ستين مسرحية منها ما هو مفعم بالكوميديا، لكن تقريبا كلها تحمل رسائل رغب في أن يحتضنها جمهوره، ليحوز على جائزة نوبل في الأدب للعام 1925 وجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو في العام 1938.
عاش شو حياة فقيرة وبائسة أيام شبابه عندما غادر إلى لندن، لكنه بدأ يتردد على المتحف البريطاني لتثقيف نفسه، الأمر الذي كان له الفضل الكبير في أصالة فكره واستقلاليته، وبدأت مسيرته الأدبية في عاصمة الضباب حيث كتب خمس روايات لم تلق نجاحًا كبيرًا وهي "عدم النضج" و" العقدة اللاعقلانية" و"الحب بين الفنانين" و" مهنة كاشل بايرون " و"الاشتراكي واللا اشتراكي" لكنه اشتهر فيما بعد كناقد موسيقي في إحدى الصحف، ثم انخرط في العمل السياسي؛ وكان معجبًا بالشاعر والكاتب المسرحي النروجي هنريك إبسن الذي بدا تأثيره واضحا على شو في بداياته.
عندما أصبح شو غنيا لم يكن بحاجة للجوائز التي تمنح أحيانا لمن لا يستحقها مثلما قال، ولأن حياته كانت في بدايتها نضالا ضد الفقر، فقد جعل من مكافحة الفقر هدفا رئيسيا لكل ما يكتب وكان يرى أن الفقر مصدر لكل الآثام والشرور كالسرقة والإدمان والانحراف، وأن الفقر معناه الضعف والجهل والمرض والقمع والنفاق. ويظهر ذلك جليا في مسرحيته "الرائد باربرا" التي يتناول فيها موضوع الفقر والرأسمالية ونفاق الجمعيات الخيرية.
كتب شو عن جان دارك الملقبة ( بعذراء أورليان)، والتي ولدت لعائلة من الفلاحين في الوسط الشرقي من فرنسا عام 1412 وتوفيت في 30 مايو 1431، وتُعدّ بطلة قومية فرنسية وقديسة في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.. ادّعت جان دارك الإلهام الإلهي، وقادت الجيش الفرنسي إلى عدة انتصارات مهمة.
وتعد مسرحية شو "المسيح ليس مسيحيا" التي يتصدى فيها إلى تحليل العقيدة المسيحية على ضوء المفاهيم الخلقية والسياسية الحديثة بأسلوبه اللاذع الساخر الذي ينتزع الابتسام من أشد الناس عبوسا. ولأول وهلة يبدو شو منكرا للشريعة التي قدمها المسيح للإنسانية لكنك تجده في الحقيقة يشرح الدور القذر الذي لعبته طبقات معينة لتشويه تلك العقيدة وإبعادها عن المفهوم الإنساني الذي قصده المسيح نفسه.
وفي مسرحيته "الإنسان والسلاح" كتب: كوميديا ضد الرومانسية، والرومانسية هنا هي رومانسية الحب والبطولة. فشخصية الفتاة راينا بايرونية التفكير والعواطف: تبدأ بالتفكير جديًا في الزواج من سيرجيوس سارانوف بعد أن سمعت من أمها قصة انتصاره الباهر حين اقتحم هذا الضابط خطوط مدفعية العدو بجرأة وشجاعة منقطعتي النظير. لكن، وحين يلجأ إلى غرفتها السويسري المتطوع/المرتزق، هربًا من مصادريه البلغار، يزيل هذا الرجل العملي الرأسمالي، الغشاوة الرومانسية عن عيني هذه الفتاة العاطفية بذكر حقيقة بطولة خطيبها الذي تصمم على الزواج منه.
أما "بيوت الأرامل" فهي تمثل خصائص برنارد شو بوضوح. أنها تعلمنا كيف يعرض فكرته على لسان شخصياته بحيث تستنفذ كل شخصية وجهة نظرها في كل موقف. وهي تعلمنا معنى الصراع وتعطينا فكرة عن قوة الحوار وتبين لنا لمحات رائعة من سخرية برنارد شو فهي تمثل روعة في الظهور وهى تعلمنا فعلا معنى الصراع وتعطينا فكرة عن قوة الحوار وتبين لنا لمحات رائعة من سخرية برنارد شو وترينا كيف يشيعها ببراعة منقطعة النظير.
تردد شو كثيرا في قبول جائزة نوبل حين عرضت عليه عام 1925، ولكنه قبلها وقال "إن وطني ايرلندا سيقبل هذه الجائزة بسرور، ولكنني لا أستطيع قبول قيمتها المادية، إن هذا طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلا إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر" وتبرع بقيمة الجائزة لتأسيس منشأة تشجع نشر أعمال كبار مؤلفي بلاد الشمال إلى اللغة الإنجليزية.
يشار إلى أن برنارد شو ولد في السادس والعشرين من يوليو لعام 1856 ثم رحل في الثاني من فبراير لعام 1950.