الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

جمعية "فسيلة" الجزائريّة تطلق جائزتين أدبيتين بالدينار الرمزي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تعد "فسيلة الإبداع الثقافي" في مدينة برج بوعريريج، شرقي الجزائر العاصمة، مجرد جمعية محلية تحاول أن تثبت نفسها من حين إلى آخر وتطلّ في هذه المناسبة أو تلك، كما تفعل آلاف الجمعيات في الوطن العربي، بل باتت مؤسسة مدنية حقيقية تشكل النموذج في العمل الثقافي والأدبي والفني وثقافة المبادرة، بالرغم من كونها جمعية تطوعية ولا تملك رصيدا ماليا أو دعما من الوصاية الحكومية. 
انطلاقا من هذه الروح المبادرة أطلقت "فسيلة" التي يشرف عليها الكاتبان عبد الرزاق بوكبة ورشيد بلمومن، رفقة نخبة من الشباب الجامعيين والفنانين، جائزتين أدبيتين على التوالي هما جائزة عمار بلحسن للإبداع القصصي وجائزة الحسين الورثيلاني في أدب الرحلة. 
أوكلت مهمة التحكيم في الجائزتين إلى نخبة من الباحثين والكتاب والإعلاميين من الجزائر والوطن العربي، فكانت المصداقية سمة بارزة فيهما جعلت الأقلام المعنية بالمشاركة تغضَ الطرف عن كونهما بالدينار الرمزي، وتركز على الجانب المعنوي والرمزي، في ظل جوائز عربية تستند إلى أرصدة مالية ضخمة. 
فقد استقطبت جائزة القصة القصيرة التي حملت اسم واحد من القامات القصصية المهمة في المشهد الجزائري وهو عمار بلحسن - توفي بالسرطان عام 1993 - 68 مشاركة في فرعي القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا، انبثقت عنها قائمتان قصيرتان ضمت أحد عشر اسما، ثم انبثق عنها ثلاثة فائزين بالجائزة الكبرى هم طاهر بوغدير وشهرزاد دوس ويوسف إزرارن، بالإضافة إلى القاصة زكية علال الفائزة بالجائزة التقديرية التي خضعت لترشيحات أعضاء لجنتي التحكيم.
يحظى الفائزون بجوائز "فسيلة"، إلى جانب الدينار الرمزي، بطبعة جزائرية عربية مشتركة، فقد تولت دار ضمة في الجزائر ودار خطوط في الأردن نشر أعمال الفائزين في جائزة القصة، وبدرع التميز الإبداعي وبتحويل أعمالهم إلى أفلام قصيرة، أما جائزة أدب الرحلة التي تم إطلاقها قبل أيام، فأضافت إلى جملة الامتيازات رحلتين إلى دولتين لتوقيع الكتاب الفائز. 
يرفض الكاتب والإعلامي والناشط الثقافي ونائب رئيس جمعية فسيلة عبد الرزاق بوكبة، في حديث حصري، أن تتقبل الجمعية الخضوع للإكراهات المالية، فلا تنشط ولا تبادر إلا بتوفر المال، قائلًا: "لذلك قررنا الاعتماد على أفكارنا، فالفكرة رأس مال أيضا، وأطلقنا جملة من المبادرات التي لا تتطلب مالا أصلا أو تتطلب مالا قليلا نستطيع توفيره من جيوبنا الخاصة أو من جبوب المتعاطفين مع مشروعنا الثقافي، وحدث أن عرفت كل تلك المبادرات نجاحا كبيرا وباتت تشكل الفارق في المشهد الثقافي ونموذجا يحتذى". 
ففي مجال الجوائز مثلا، يواصل صاحب كتاب "كفن للموت" المنشور في القاهرة عن دار العين: "راهنّا على الجانب الرمزي وأطلقنا جائزتين ولدتا كبيرتين، في الوقت الذي تعاني فيه جوائز تضمن مبالغ ضخمة للفائزين بها من أمراض واختلالات كثيرة. 
ويواصل "بوكبّة": "هذا لا يعني أننا نرفض دعم جوائزنا ومبادراتنا ماليا من أطراف حكومية ومستقلة، فنحن نعرضها قبل إطلاقها في سوق الرعاية لمن شاء، لكننا حين نتعثر بالرفض أو الصمت نقوم بإطلاقها بالدينار الرمزي، حتى لا تبقى طي النسيان والتأجيل". 
ويشير عبد الرزاق بوكبة إلى أن المشهد الثقافي الجزائري بات يجني الثمار السيئة لاعتماد النشطاء الثقافيين كليّةً على الدعم الحكومي، وخضوع هذا الأخير لحسابات غير ثقافية أحيانا، خاصة إذا كان الفريق المشرف على الوصاية الثقافية ضيق الأفق، من تلك الثمار استهلاك المال العام من غير أثر عام. وهذا؛ بحسبه، وجه من أوجه الفساد. 
من هنا؛ يدعو محدثنا إلى أن تكتفي الوصاية الثقافية الحكومية بالدعم والمرافقة والتخطيط وتوفير المناخات اللازمة، في مقابل تولي المجتمع المدني الثقافي زمام المبادرة والاقتراح. 
جدير بالذكر أن "فسيلة" تُشرف على 18 مبادرة ثقافية، كانت آخرها إطلاق الشبكة الوطنية للمكتبات الشعبية. وهي المكتبات التطوعية التي توضع في المقاهي والحدائق والمستشفيات والسجون ومحطات السفر وقاعات الانتظار المختلفة. وقد لقيت تجاوبا ورواجا كبيرين في الجهات الأربع للجزائر. 
ومن ميزاتها أن تحمل كل مكتبة منها اسم فنان أو كاتب جزائري حي حتى يقوم بتحويلها إلى مجلس ثقافي دائم. 
ويختتم "بوكبة" بقوله: "نرى أنه عوض أن نلوك الشكوى من غياب المقروئية في مجتمعنا علينا باقتراح حلول ومبادرات مبتكرة وناجعة؛ تُراعي التحولات المختلفة التي عرفها التلقي لدى الإنسان المعاصر".