السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السويس تنتصر لمصر.. في عيدها القومي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمر ٤٧ عامًا على ٢٤ أكتوبر ملحمة المقاومة الباسلة لأهالى السويس في مواجهة قوات العدو الإسرائيلى التى تصورت أن المدينة خالية يسكنها الأشباح حيث فوجئوا برجال يخرجون من كل مكان ويواجهون دبابات العدو ويحققون الانتصار.
في هذه السطور القادمة تفاصيل مهمة في ذكرى النصر.. حيث أطلق الإسرائيليون على فرقته "أدان" المتخصصة لاقتحام المدن التى حاولت اقتحام السويس في ٢٤ أكتوبر ٧٣ فرقة "النحس" وذلك بسبب الخسائر التى لحقت بها.
وجاءت اعترفات جنود العدو بما شاهدوا خلال محاولاتهم اقتحام السويس في عدة كتب إسرائيلية منها كتاب "التقصير" الذى ألفه سبعة جنود من المراسلين الحربيين، والكتاب الآخر بعنوان "سرى للغاية" والكتابات يعتبران من أهم كتب الحرب الإسرائيلية.
فقد ذكرت هذه الكتب اعترافات العدو بالخسائر حين كلفت محاولة احتلال السويس ٧٧ ضابطًا و٢٣ مظليًا و٦٩ جنديا قتلوا جميعا في أيام حصار السويس بفعل المقاومة.
وهكذا باتت فرقة "أدان" فرقة النحس كما أطلقوا عليها ففى كتاب سرى للغاية يقولون: إن فرقة "أدان" فقدت وحدها ٥٠ دبابة وقتل ٢٠٠ جندى وضابط غير ٥٠ من الجرحي.
وتبدأ قصة الخسائر عندما أشارت عقارب الساعة الخامسة في يوم ٢٤ أكتوبر حين التقط اللواء "إبراهيم أدان" قائد الفرقة الإسرائيلية المدرعة التى كانت تحاصر السويس مكالمة عاجلة عبر جهاز اللاسلكى الخاص به وكان على الطرف الآخر اللواء "شموئيل جونين" قائد عمليات القطاع الجنوبى بالجيش الإسرائيلى وسأل جونين مرؤسه "أدان" هل تستطيع احتلال السويس في ساعتين ونصف الساعة؟ فأجاب "أدان" بقوله هذا يتوقف على عدد المصريين بالمدينة وشكل مقاومتهم لكن يمكننى على أسوأ الفروض احتلال جزء من السويس.
وفى فجر الأربعاء ٢٤ أكتوبر أمر اللواء "أدان" دباباته بالهجوم على مدينة السويس وتقدم ركب الدبابات إلى محور "الجناين" بقيادة الرائد "اورى أريل" في التاسعة والنصف بعد أن اختبأ داخل دبابة طوال الليل في منطقة جبلاية السيد هاشم لكن قوبل بمقاومة شديدة عطلت له أول دبابة على الجسر فاضطر للعودة للخلف.
أما العقيد "جابي" فكان مكلف بالهجوم على محور منطقة الزيتيه ووصلت تلك القوة مبنى الاتحاد الاشتراكى "مبنى الحزب الوطنى السابق المجاور للمحافظة" وجاءت فرقة الهجوم الخاصة بحى الاربعين بقيادة المقدم "يوسي" ومعه ٨ دبابات و١٦ عربة مصفحة ودخلوا المدينة وأرسل اللواء "أدان" برسالة لقيادة عمليات الجنوب يقول فيها "السويس مدينة أشباح ونحن نتقدم دون مقاومة" وفى هذه اللحظة كما هو مسجل في مذكرات الجنود الإسرائيلين كانت المفاجأة أمام قسم شرطة الأربعين حين تم تدمير إحدى الدبابات الإسرائيلية من نوع سنتريون العملاقة لتسد الطريق أمام تقدم المدرعة الإسرائيلية ويفاجأ الجنرال "أدان" وجنوده بأن مدينة الأشباح كما قال عنها تتحول إلى المقاومة من آلاف البشر ويأمر أدان جنوده وفق شهادته بترك المصفحات والدبابات والاحتماء بالمبنى المجاور "قسم شرطة حى الأربعين" وداخل القسم تتم محاصرة أدان وجنوده وانهالت رسائل القيادة الإسرائيلية لتسأل عن مصير ركاب العربة النصف مجنزرة التى ركبها ضباط المخابرات الإسرئيلية ولكن "أدان" كان يجيب لا أعلم حيث تحولت المنطقة إلى جحيم بسبب نيران المقاومة من كل مكان ومن نوافذ العمارات والأسطح ومن جميع الشوارع المحيطة بقسم الشرطة وكلها تتجه نحو الجنود الإسرائليين.
بعيدًا عن شهادات الأعداء كان على الجانب الآخر الأبطال الحقيقيون حيث المقاوم البطل إبراهيم محمد سليمان الذى دمر أول دبابة إسرائيلية بواسطة قذيفة من مدفع والذى استشهد بعد ذلك على سور قسم شرطة الأربعين أثناء محاولة اقتحامه ومواجهة الجنود الإسرائيليين داخله أما البطل "أحمد أبو هاشم" فقد استشهد عند كوبرى البراجيلى بعدما دمر دبابة سنتريون، والبطل "فايز حافظ أمين" الذى استشهد في معركة اقتحام قسم شرطة الأربعين بعد أن تمكن من اقتحام القسم واستشهد فوق السلم الداخلى بعد أن قتل عددًا من جنود العدو الذين كانوا يحتمون داخل القسم.
أما البطل أشرف عبد الدايم فقد اشترك في الهجوم على ما قبل قسم الأربعين واستشهد يوم ٢٤ أكتوبر ٧٣ ويبقى عشرات من الشهداء والأبطال الأحياء الذين قاموا بأعمال بطولية مشرفة من بينهم الابطال أحمد عطيفى - محمود عواد – عبد المنعم قناوي.. وهناك العشرات من القصص للبطولات بين المدنيين والعسكريين.
كما كشفت مذكرات الفريق يوسف عفيفى الذى كان قائدا للفرقة الـ ١٩ بالجيش الثالث الميدانى أثناء معركة أكتوبر في كتابه "مقاتلون فوق العادة" أسرار جديدة عن معركة صمود السويس التى اعتبرها ملحمة بطولية.
وكتب يوسف عفيفى أن قوات المقاومة وشدتها في الدفاع عن المدينة هى التى أجبرت "ديفيد العازر" رئيس الأركان الإسرائيلى بالاعتراف في مذكراته قائلًا "خدع الهدوء الذى ساد مدينة السويس قوات الجنرال أدان المتخصص في اقتحام المدن فاندفعت إلى داخلها لتنهال نيران المصريين وتشتعل الدبابات ويسقط القتلى والجرحى بالعشرات".
ويؤكد المشير محمد عبد الغنى الجمسى، في مذكراته بالحرف "يصعب على المرء أن يصف القتال الذى دار بين الدبابات والمدرعات الإسرائيلية من جهة وشباب السويس من جهة أخرى وهو القتال الذى دار في بعض الشوارع وداخل المبانى وبجهود رجال السويس ورجال الشرطة والسلطة المدنية مع القوة العسكرية أمكن هزيمة قوات العدو".
الحديث يطول لكن المساحة محدودة.. تحية لشهداء مصر وشهداء وأبطال السويس الصامدة أبدًا.