الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إمام الشارع الطويل (1 من 2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان الهدف وراء أجراء هذا التحقيق الصحفي أن ينمو العمل بحيث يشمل دول المغرب العربي كله،لذلك أخترت له عند النشر أسم " الشارع الطويل" الشارع الذي تسير فيه من الإسكندرية فتصل إلى ميناء طنجة ،شارع واحد، وعلى هذا الشارع عدة دول عربية،يبدأ بليبيا وينتهي بالمغرب. بهذه الأسطر قدم الكاتب الصحفي والمؤرخ عبد الله الأمام لكتابه "الشارع الطويل" (دار الشعب 1969م)، ولعل أنحيازه كعروبي لأن يختط هذا المشروع الترحالي الصحفي، وخاصة عبر طريق بري متجها للمغرب العربي، ما يعيد الأذهان إلى سيرة عائلية، حين كُلف والده مسئولا بدار الأفتاء بالمغرب أبان حكم الملك محمد الخامس، وفيها توفي.
يُذكر عبد الله قراءه بروابط الدم والقرابة بين الأهالي في مصر وليبيا وهو يقطع من السلوم إلى الحدود الليبية عام 1962م،ما فرضت على الاستعمار الأيطالي أتفاقية تسمح للقبائل أن تتنقل بين البلدين دون جوازات سفر أو هويات للمرور،وسيوثق ما شاهده أيضا من تطابق تعلق ببقايا وأثر حقبة استعمارية وحرب عالمية كمقابر الحلفاء والألمان في العلمين هي أمتداد لذات المقابر في طبرق، كما كهف رومل في مرسى مطروح شبيه بكهفه في الجبل الأخضر(شحات)،وساعة انطلق بسيارة أجرة من الإسكندرية رفقة ستة ركاب، شرع في تسجيل الحوارات التي دارت بين الركاب المصريين والليبيين، والسائق، سينزلون جميعا بطبرق، وسيقيم هو في فندق بدرجة أولى، وصباحا يقرر النزول إلى مدينة بنغازي وفي طريقه باتجاه درنه التي يسمونها درة الوادي، يلتقي شابا درس بكلية الحقوق بالقاهرة، ويجري معه حوارا قبل أن يستقل سيارة أجرة حول الأوضاع المعيشية، السيارة التي تقطع مرتفعا يُذكره بعمان،إلى أن تطلع أمامه أشجار من الصنوبر والخروب، والبطوم،فيعرف بأنه بالجبل الأخضر، الذي اخضراره طول العام،وأنه (كحديقة غناء مليئة بالزهور).
في بنغازي أبهره تواضع المحافظ الذي يحمل ما اشتراه من خضار ويقطع الطريق بمواجهته، ثم ببيت رئيس المجلس التنفيذي،يأخذ معلومات حول الخطة الخمسية القادمة بمشاريع التنمية والتعمير، ويسجل ملاحظته عن هجرة المراعي، وعن البترول الذي أمتص العمالة، وعن غلاء لاحظه في سعر الاقامة بالفندق ولم يمنع ذلك من زحمة بالفنادق، ويعرج بنا على حال التعليم فهو مجاني، ويُمنح طلبة الجامعات خمسة جنيهات، ويزور نقابة العمال ففي برقة تسع نقابات عمالية، ومشكلات العامل الليبي هي نفس مشكلات العامل في كل بلد عربي غير أن وطأة وأثر النفط ضربت بالطبقة العمالية، وتلك قضية برزت في صحف برقة التي طالعها عبد الله الأمام.
في طرابلس لفته حضور الأجانب في شوارعها، ما أضفى مظهرا مدنيا متحضرا في شوارعها عمر المختار، الاستقلال، 24 ديسمبر، ويسجل حدثا أنشغل به السكان،قرار حكومي بخفض الأسعار، وصرف علاوة، كما تقرير أقتصادي عن ماحققه مصنع التبغ 64 مليون سيجارة! كما يلتقط من الشارع موقف الناس من القاعدة العسكرية الأمريكية ومن التجار اليهود.
ومن طرابلس إلى الجنوب، سبها وقد نزل بفندق يديره الحاج مرسي زكي من رشيد، وله ثلاث سنوات بها، وساعده في التعرف على ثمان مزارع نموذجية بها ألات حديثة،وفي مرزق أشاد بوضعية النساء، فلهن كلمة ورأي في كل مايدور بالبيت، وسوق يبعن فيه منتجاتهن، كما لفته أن الجرائم لاتذكر بالجنوب، وينقسم وقت الناس إلى نهار للعمل،وليل للترفيه والاحتفاء، وقد دعي لحفل بمدينة غات مقاربا مجتمع الطوارق مفصلا في معيشتهم الاجتماعية والاقتصادية، معتبرا الجنوب منبعا للفنون الشعبية الليبية.