الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الشعر يجمعنا.. "يا كاسي الأخلاق في" لحافظ إبراهيم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "يا كاسي الأخلاق في" للشاعر حافظ إبراهيم.

يا كاسِيَ الأَخلاقِ في
بَلَدٍ عَنِ الأَخلاقِ عاري
لَم يَبقَ فينا مَن يُجادِلُ 
في مَقامِكَ أَو يُماري
بِالأَمسِ قَد عَلَّمتَنا
أَدَبَ الكِتابَةِ وَالحِوارِ
وَاليَومَ قَد أَلطَفتَنا
بِالطَيِّباتِ مِنَ الثِمارِ
بِكِتابِ رَسطاليسَ تاجِ 
نَوادِرِ الفَلَكِ المُدارِ
جاهَدتَ في تَفضيلِهِ
وَوَصَلتَ لَيلَكَ بِالنَهارِ
تَزِنُ الكَلامَ كَأَنَّهُ
ماسٌ بِميزانِ التِجارِ
وَتَصونُ مَعنى رَبِّهِ
صَونَ اللَآلِئِ في المَحارِ
وَتَضَنُّ دُهقانَ الكَلامِ 
كَضَنِّ دُهقانِ النُضارِ
حَتّى حَسِبتُكَ في الأَناةِ
وَالاِختِبارِ وَالاِختِيارِ
صَنَعًا يُصَوِّرُ في الفُصوص
ِ لَدى الفَراعِنَةِ الكِبارِ
إِنّي قَرَأتُ كِتابَهُ
بَينَ الخُشوعِ وَالاِعتِبارِ
فَإِذا المُتَرجِمُ ماثِلٌ
جَنبَ المُؤَلِّفِ في إِطارِ
وَعَلَيهِما نورٌ يَفيضُ
مِنَ المَهابَةِ وَالوَقارِ
قالوا لَقَد هَجَرَ السِياسَةَ 
وَاِنزَوى في عُقرِ دارِ
تَرَكَ المَجالَ لِغَيرِهِ
وَرَأى النَجاةَ مَعَ الفِرارِ
لا تَظلِموا رَبَّ النُهى
وَحَذارِ مِن خَطَلٍ حَذارِ
هَجَرَ السِياسَةَ لِلسِياسَةَ 
لا لِنَومٍ أَو قَرارِ
لَو أَنَّهُم عَلِموا الَّذي
يَبني لَهُم خَلفَ السِتارِ
لَسَعَوا إِلى حامي الفَضيلَةِ 
وَالحَقيقَةِ وَالذِمارِ
وافاهُمُ بِدَعائِمَ الأَخلاق
ِ وَالحِكَمِ السَواري
أُسِّ السِياسَةِ وَالنَجاحِ 
وَحِصنِ سَيِّدَةِ البِحارِ
كَلِفَت بِها وَتَمَسَّكَت
قَبلَ الفَيالِقِ وَالجَواري
يا عاشِقَ الخُلُقِ الصَريحِ
وَشانِئَ الخُلُقُ المُواري
إِنّي اِختَبَرتُكَ في الكُهولَةِ
وَالصِبا حَقَّ اِختِبارِ
لَم يَجرِ في ناديكَ هُجرُ 
القَولِ أَو خَلعُ العِذارِ
حُلوُ التَواضُعِ وَالتَواضُعُ 
آيَةُ القَومِ الخِيارِ
مُرُّ التَكَبُّرِ حينَ يَدعوكَ 
التَواضُعُ لِلصَغارِ
سِر في طَريقِكَ وادِعًا
فَلَأَنتَ مَأمونُ العِثارِ
وَاِجعَل عَلى لُقَمِ الطَريقِ 
صُوىً تَلوحُ لِكُلِّ ساري
إِنّا إِلى كُتبِ السِياسَة
ِ يا حَكيمُ عَلى أُوارِ
عَجِّل بِها قَبلَ الفَسادِ 
وَقَبلَ عادِيَةِ البَوارِ
إِنّا نُناضِلُ أُمَّةً
أَقطابُها أُسدٌ ضَواري
عَرَكوا الزَمانَ وَأَهلَهُ
وَتَحَصَّنوا مِن كُلِّ طاري
أَمسَت سِياسَتُهُم كَطِل
لَسمٍ يُحَيِّرُ كُلَّ قاري
إِن يَنكِروا بَعضَ الغُموض
ِ عَلى أَديبٍ ذي اِقتِدارِ
فَلِأَنَّهُم لَم يَذكُروا
أَنَّ المُتَرجِمَ في إِسارِ
لَم يَعيَ أَحمَدُ أَن يَجيءَ
بِآيِ قَيسٍ أَو نِزارِ
وَهوَ المُجَلّي في أَساليب
ِ الفَصاحَةِ وَالمُباري
لُغَةُ العُلومِ حَقائِقٌ
هِيَ عَن زَخارِفِنا عَواري
تَأبى الغُلُوَّ وَتَحسَبُ الإِغراق
َ كَالثَوبِ المُعارِ
وَالنَقلُ إِن عَدِمَ الأَمانَةَ 
كانَ عُنوانَ الخَسارِ.