الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أمن الوطن يا خلق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يتوقف القلم الحر طالما الكاتب قلبه ما زال ينبض وما زال ذهنه يطلق أفكارًا وطالما يحركه ضميرٌ حيً، لا ينجرف وراء تيار بعينه ولا يوجه قلمه نحو صدر فريق ضد آخر، لا يُستقطب ولا يُزايَد عليه ولا ينضم إلى قضاة تفتيش النفوس، لا يرى الدنيا ألوانًا، فيرى الأبيضُ، أبيض والأسود، أسود. 
ما يحدث الآن في المجتمع المصري لهو أمر مؤسف لم نره من قبل سواء في الأوساط الاجتماعية، السياسية أو حتى الدينية، فالبعض يتصيد أخطاء البعض الآخر وينشرها دون تحقق على وسائل التواصل الاجتماعي ازداد الكاذبون، ازداد المتآمرون، ازداد الجهلاء مدعو العلم والمعرفة. ظهر من يتاجر بالإيمان وهو لم يقرأ كتاب الله. ظهر من يتاجر بالعلم وهو لم يقرأ كتابًا. ظهر من يطعن في أعراض الناس وهو من يتحرش بهم مساء في الخفاء. 
ظهرت فرق ولجان إلكترونية تتصيد أخطاء الشرفاء وتلوث سمعتهم. وظهرت صفحات تنقاد لفكر لم يقرأوا عنه شيئًا بل اعتنقوه ثقة في قائله ليس أكثر، متناسين قول الكتاب:"فتشوا الكتب" ! وفوق هذا يتهمون من يخالفهم هذا الفكر بالكفر والهرطقة والابتداع يُخيل لهم أنهم يملكون الحقيقة المطلقة وهم إما مغيّبون أو متغيّبون فلا أحد يمكنه أن يدّعي هذا، فالحق المطلق هو الله أما أنا وأنت فكما يقال، إن رأيك صواب يحتمل الخطأ ورأي خطأ يحتمل صوابًا. 
قد تختلف أيديولوجيتنا لم لا وقد تختلف معتقداتنا، توجهاتنا أو أولويات أهدافنا، ولكن هناك أمورًا لا تقبل الاختلاف هي إنسانيتنا، وطنيتنا، تعايشنا السلمي، احترامنا بعضنا البعض، رُقي حواراتنا. دعني أتكلم معك بكل صراحة فكل إنسان في هذه الدنيا دينه ومعتقده أغلى ما يملك وبأكثر صراحة دعنا لا نلملم جراحتنا بل نعالجها. 
أقول هذا لأن التلاسن والتناحر امتد في كل اتجاه بين الساسة وبين أفراد كل الطائفة، على أن أخطرهم الحروب الإلكترونية التي تصدر من المتعصبين، فهو أمر خطير وناقوس خطر يمس الأمن القومي، فكم من حروب اشتعلت من شرر بسيط هنا أوهناك فقد تبدأ حرب من مجرد ترحم مسلم على متوفي مسيحي.
أتذكر يوما كنت في احتفال للعرب الأمريكيين في جنوب كاليفورنيا.أثناء مروري بين الخيام المنصوبة لبيع التذكارات والملابس العربية وجدت من يعطيني إنجيلًا كهدية مجانية بعدها مباشرة وجدت من يعطيني قرآنًا كهدية مجانية وفرحت بهذا المشهد الراقي وقلت في نفسي هذه هي الحرية الحقيقية والقدوة لأولادنا في احترام الآخر إلا أن فرحتي لم تدم كثيرًا ففي منتصف اليوم فوجئت بأصوات سيارات الشرطة تتداخل مع أصوات مشاجرة بالأيد والألسن بين مجموعة من العرب تعود إلى أن بعض المسيحيين والمسلمين وجدوا مجموعة من الأناجيل والمصاحف ملقى بهم في سلة المهملات. منع البوليس بيع هذه الكتب وطلب من المتشاجرين التصالح وإلا سيقبض عليهم. 
وجدت نفسي أطلب ورقة وقلمًا وأكتب رسالة تهدئة ومودة ونشرتها في صحيفة عربية توزع مجانا في المحال العربية بعد أيام قليلة وجد رسائل هجوم عنيف على شخصى من بعض أعضاء الجالية من الطرفين، مسلم يقول لي أنت لا تؤمن بديننا فكيف تأتي بآيات من عندنا، ومسيحي قال لي كيف تكتب في صدر الخطاب باسم الإله الواحد الذي نعبده جميعا. فوقفت أمام حقيقة واحدة علينا أن نفضحها علنا، أننا لم نتعلم لا في منازلنا ولا مدارسنا ولا مساجد وكنائسنا أن نقبل الآخر بكل ما نختلف فيه عنه. 
الحل يا عزيزي ما طالب به البابا شنودة الثالث مرارا، قالها يوما أمام السادات وصفق له ومعه الجميع ولم يتحرك ساكنًا. طالب البابا أمام شيخ الجامع الأزهر بكتابة كتب مشتركة تدرّس في المدارس نكتب فيها كل ما تتفق فيه الأديان من مُثُل وقيم وسمو المبادئ ونربي عليها الأجيال ونتفق على المواطنة وقبول الآخر مع وجود الاختلاف ولا نحاول أن يكفر أحدنا الآخر.