الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

ماذا تعنى فترة رئاسية ثانية لترامب بالنسبة لآسيا؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما تكون المناظرة الأولى بين المرشحين الرئاسيين للانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب وجو بايدن قد قلبت الأمور رأسًا على عقب، كما يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يتعافى بقوة من الإصابة بفيروس كورونا، وعلى الرغم من أنه لا يزال متأخرًا في معظم استطلاعات الرأى، ولكن كان هذا هو الحال أيضًا في عام ٢٠١٦، وفى النهاية فاز ترامب. 
يشير كريستيان ويتون أحد كبار مستشارى وزارة الخارجية في إدارتى ترامب وجورج دبليو بوش. هو زميل أقدم في مركز المصلحة الوطنية، إلى أن العواقب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وشرق آسيا مأساوية بالنظر إلى التوقعات السابقة والاختلافات السياسية بين كل من ترامب وبايدن. 
في السياق ذاته، نشرت صحيفة نيويورك تايمز في ١ يوليو الماضى، افتتاحية بعنوان "هل تراجع موقف ترامب؟" استشهدت مقالة الرأى بأرقام استطلاعات الرأى التى أظهرت أن بايدن يتقدم على ترامب بأرقام مزدوجة وأظهرت فرص ترامب الضعيفة في الفوز، فبمقياس الكلية الانتخابية يمتلك ترامب فرصة للفوز عند "واحد من كل ١٠" فقط، وخلص المؤلف إلى أن "وضع ترامب يبدو مريعًا".
كما أعاد العديد من المحللين تقدير التنبؤ المفضل لليسار في العقود الأخيرة وتبين أن الناخبين الأصغر سنًا والأقل بياضًا سيقومون بانتخاب ترامب، وهو ما وصفه أحد الكتاب بأنه "تغييرات ديموغرافية مهمة"، بينما افترض آخرون أن الضرر الاقتصادى الناجم عن جائحة الفيروس التاجى سيضر بترامب بشكل غير مسبوق. 
لكن حتى بعض استطلاعات الرأى الخارجية، التى قللت من دعم ترامب في عام ٢٠١٦، أظهرت الدعم الواضح له في الولايات المتأرجحة مثل أريزونا وفلوريدا وميتشيغان، كما انتعش الاقتصاد بشكل كبير؛ حيث أظهر الربع الثانى من العام الجارى أقوى نمو للناتج المحلى الإجمالى في التاريخ وانخفضت البطالة من ذروة الوباء بنحو ١٥٪ إلى أقل من ٨٪. 
وأظهر استطلاع صادم للرأى في أوائل سبتمبر ٢٠٢٠ أن ترامب قد تعادل مع بايدن بين الناخبين من أصل إسبانى في مقاطعة ميامي-ديد الديمقراطية في فلوريدا، وهى واحدة من العديد من المؤشرات التى تدعو إلى الشك في آمال الديمقراطيين بالحتمية الديموغرافية. علاوة على ذلك، يهيمن ترامب على الحملة الانتخابية بأحداث حظيت بحضور جيد ومتناقضة بشكل إيجابى مع المرشح الديمقراطى جو بايدن. 
كما تحولت الدورة الانتخابية أيضًا لصالح ترامب من خلال بعض الأحداث التى تمثلت في الاحتجاجات العنيفة في المدن التى يحكمها الديمقراطيون والمعركة غير المتوقعة لتعيين قاضٍ جديد في المحكمة العليا. 
في السياق ذاته، يؤكد الكاتب أن كل هذه التطورات من شأنها إثارة سؤالًا هامًا يتمثل في كيف ستبدو ولاية ترامب الثانية لأمريكا وشرق آسيا؟ وللإجابة على هذا التساؤل يمكن القول إنه عادة ما تتراوح فترات الرئاسة الثانية من سيئ إلى أسوأ؛ حيث كانت الولاية الثانية لبيل كلينتون هى المثال الأبرز على ذلك، كما انخفضت شعبية جورج دبليو بوش على خلفية فشله في العراق، ونشوء أزمة مالية كبيرة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فضلًا عن الركود الاقتصادى الكبير في عهد الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، والذى خلق فرصة لترامب.
فعادة ما تتعرض الإدارات خلال الفترة الرئاسية الثانية للاضمحلال؛ حيث يغادر الموظفون الأذكياء والمحفزون الذين يثق بهم الرئيس من حملته ويحل محلهم المهنيون الباهتون، كما ينقلون التركيز من إنجاز الأشياء إلى ترسيخ إرث الرئيس، كما يفقد الرؤساء خلال الولاية الثانية أيضًا سلطتهم على الكونجرس ويتجهون أكثر إلى الشئون الخارجية، وبالتالى ينصرف تركيزهم على جانب واحد فقط. 
لكن يشير الكاتب إلى أنه قد يثبت ترامب أنه استثناء لهذا الاتجاه؛ فلقد بدأ في الواقع بموظفين غير فعالين وغير موالين، لكن تحسن الوضع فيما بعد مع الموالين الفعالين والحيويين مثل وزير الخارجية مايك بومبيو، والمدعى العام بيل بار، ومستشار الأمن القومى روبرت أوبراين. كما أنه فيما يتعلق بالسياسة الخارجية فإن الحديث عن صفقة تجارية ثانية مع اليابان لن يكون ذا قيمة، ولكن الأمر المؤكد هو ضمان استمرار مما قوة العلاقة بين واشنطن وطوكيو. لكن من المتوقع أن يختلف الوضع مع بكين؛ حيث اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من حلفائها خطوات رئيسية لوقف جهود الصين لجهة الهيمنة على مجالات مثل الذكاء الاصطناعى والاتصالات، ومن المقرر أن يستمر ترامب ومساعدوه في ذلك، وهو الأمر الذى اتضح في تقييد تكنولوجيا أشباه الموصلات ومنع الصين من الوصول إلى مؤسسات بحث أجنبية كبرى.
كما قد يؤدى إعادة انتخاب ترامب إلى نقل القوة العسكرية الأمريكية أخيرًا من الشرق الأوسط وأوروبا إلى منطقة المحيط الهادئ، وهو الشيء الذى كان هناك الكثير من الحديث عنه منذ عقد من الزمان. ففى حين أنه رفض إنهاء المرحلة الأولى لاتفاقية التجارة الموقعة مع الصين، لكنه من المحتمل أن تبقى على قيد الحياة اسميًا فقط، وطالما أن الصين بحاجة إلى استيراد المنتجات الزراعية الأمريكية، من المحتمل أن يؤدى إعادة انتخاب ترامب إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الهند، فيتنام وتايوان.
واللافت للانتباه في هذا السياق، أن هذا المسار يقف في تناقض صارخ مع نهج المرشح الديمقراطى جو بايدن؛ ففى حين ادعى مساعدوه أن سياسته تجاه الصين ستكون مماثلة لسياسة ترامب، رفض بايدن مؤخرًا حتى وصف بكين بأنها "خصم"، واختار بدلًا من ذلك "المنافس". عارض بايدن أيضًا تعريفات ترامب للأمن القومى "البند ٣٠١" فيما يتعلق بالصين. كما يشير مستشاروه إلى أنه يمكن أن يساوم بايدين بكين على صفقة تغير المناخ التى سيكون الرئيس الصينى شى جين بينغ سعيدًا جدًا بالتوقيع عليها، لكنه سيتجاهلها فيما بعد. 
على الصعيد المحلى، من المحتمل أن تشهد فترة ولاية ترامب الثانية إجراءات ضخمة فيما يتعلق بالقضاء على كثير من الإجراءات الروتينية والاتجاهات التنظيمية التى دامت عقودًا بالنسبة للشركات والتى كانت تزيد من تكلفة الطاقة، وبالتالى تكلفة كل شيء، الأمر الذى من شأنه أن يجعله المرشح المفضل بالنسبة لكثير من الناخبين.