الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

غائبة عن الشاشات عمدا أم سهوا بطولاتنا الوطنية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع كل مناسبة قومية تعرض الفضائيات نفس الأفلام التى تم إنتاجها تخليدا لتلك الأحداث، لدرجه أن الجمهور بات يحفظها عن ظهر قلب، بل ويتوقع "الأيدى الناعمه" و"شروق وغروب" فى ذكرى ثورة يوليو، و"الرصاصه لاتزال فى جيبى" أو "بدور" أو "حتى أخر العمر" و بقية الأفلام التى تم انتاجها تخليدا لهذا الإنتصار العظيم.
فيما مناسبات أخرى مثل ذكرى تحرير سيناء، أو ذكرى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، على سبيل المثال لا الحصر لم تجد من يؤرخ لهم سينمائيا برؤية محايدة وشفافة. والسؤال الذى يفرض نفسه كل عام هو ما السبب وراء هذا التجاهل لمناسباتنا القومية وبطولاتنا حتى تكون هذه الأفلام تأريخا للأجيال القادمة. وهل اكتفى صناع الفنون بشكل عام والسينما المصرية بالأخص بتلك الأعمال قليلة العدد، وتكتفى بأن تتداولها القنوات الفضائية فى تلك المناسبات الوطنية من دون إنتاج أعمال جديدة؟ علي الرغم من التطور الذى شهدته صناعة السينما وظهور أجيال جديدة من الممثلين والنجوم والمخرجين والمنتجين فى السنوات الماضية، وظهور العديد من القنوات الفضائية الخاصة، إلا أن أفلام المناسبات القومية مازالت ثابتة من دون جديد، تتكرر كل عام، وعليه لم تعد تجذب إهتمام المشاهد لكونها محفوظة عن ظهر قلب نظرا لتكرارها الدائم.
الأمر ينسحب الأمر أيضا على مستوى الدراما التليفزيونيه فعلى الرغم من أهمية نصر أكتوبر العظيم كمثال لأحد أهم لحظاتنا القوميه إلا أنه غاب عن اهتمام صناع الدراما التلفزيونيه الا مرورا عابرا فى بعض الأعمال كما فى مسلسل "رأفت الهجان" مثلا أو غيرها من الدراما المستوحاه من المخابرات، كذلك عمل مثل "ليالى الحلميه" والتى سجل من خلالها المبدع الراحل أسامه أنور عكاشة الكثير من لحظاتنا المهمه ولكن يبقى أننا لم نشاهد عملا دراميا يتمحور عن أى من أحداثنا المهمه.
على الجانب الأخر نجد السينما الأميركية مازالت تنتج حتى وقتنا هذا أفلاماً عن الحرب العالمية سواء الأولى أو الثانيه لعل أخرها فيلم ١٩١٧للمخرج سام ميندز والذى حصد العدد من الجوائز أبزها جوائز من الأوسكار كأحسن تصوير وأفضل مؤثرات بصرية وأخيرا أفضل مكساج ما يشير لأهمية الدور الذى تلعبه السينما ليس فقط فى تخليد هذه الأحداث فحسب ولكن طرحها للنقاش مجددا على الرغم من مرور سنوات طويلة على الحدث.
ما يجعلنا نسأل مجددا عن سر غياب مؤسسات وشركات الإنتاج الكبرى فى دعم مثل هذه الأحداث ليس فقط لتخليدها ولكن لتعريف الأجيال القادمة بها، تلك الأعمال والتى عاده لن تجد منتج خاص يتحمس لها خشية ألا تحقق نجاحا خصوصا وأن هذه الأعمال تتكلف ميزانيات ضخمه، بالإضافة لصعوبة الحصول على المعدات الحربية أو توافر أعداد كبيرة لتدريبهم لتحقيق المصداقية وأخذ التصاريح الخاصة بتصوير مثل هذه المشاهد، رغم أن التجربة أثبتت العكس بدليل ما حققه فيلم "الممر" للمخرج شريف عرفه من نجاح تكرر مع عرض الفيلم على شاشة التلفزيون مؤخرا.
توقف التليفزيون الرسمى عن الإنتاج الدرامى بشكل عام والأفلام بوجه خاص عائق أخر يحول دون ظهور مثل هذه الأعمال للنور سواء المتعلقة بحدث أو مناسبة معينة وحتى أفلام الأطفال نتيجة الحالة الاقتصادية والميزانية المتراجعة، بعكس فترات سابقة كان التليفزيون المصرى ووزارة الثقافة يساهمان بشكل كبير لإخراج أفلام ثقافية وتاريخية مفيدة للمجتمع.
مرة أخرى تراجع الإنتاج نظرا لضعف الإمكانيات المادية بالأساس وأسباب أخرى كثيرة فتح الباب أمام ظهور أعمال أخرى دون المستوى، مع الترويج بأن الذوق العام الحالى لا يفضل مثل هذه الأعمال و يفضل بدلا منها الأعمال الكوميدية، وهو تصور خاطئ بدليل نجاح "الممر" وغيره من الأعمال الجيده التى نجحت فى فرض نفسها، ما ينف مقولة أن الجمهور يفضل الأعمال التافهه.
المؤكد أن ظهور أفلام من هذه النوعية الجيدة ستسهم فى إعادة تشكيل وعى المشاهد، إلا أنه و للأسف هناك من يفضل "اللعب فى المضمون" و تقديم أعمال لا تطمح فى طرح قضايا جاده تشكل وعى المشاهد وتبقى حاضره في ذاكره الجماهير والسينما معا.
مرة أخرى يجب ألا تتخلى أجهزة الدولة عن مسؤلياتها فى مثل هذه الانتاجات نظرًا لأهميتها، ايضا يجب إستحضار المشاريع التى سبق وأعلن عنها لتخليد الكثير من المناسبات القوميه والوطنيه، مثل فيلم عن نصر أكتوبر كان قد تحمس الراحل أسامه أنور عكاشه لتقديمه ورحل قبل أن يتمه، وغيرها من المشاريع التى تحولت لحبر على ورق .