الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر جاية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعرض بعض الأصدقاء على صفحات التواصل الاجتماعي، بيتاً من الشِعْر، لشاعر مصري، يستحث فيه المصريين منذ سبعين عاماً، وقد اشتد ثراءهم، لنصرة أشقائهم الذين أصابتهم المجاعة؛ إلا أنهم يعرضون ذلك البيت من الشِعْر كنوع من العظة والاعتبار من تداول الأيام. ومع ما نعلمه من حُسن نية الكثيرين من هؤلاء الأصدقاء، إلا أن هذا الطرح قد يترك صورة سلبية، غير حقيقية، لدى بعض شبابنا، عن مصر.
لذا، فإننا نحاول في هذا المقال تصحيح تلك الصورة غير الحقيقية عن مصر. ونبدأ بأن نطمئنهم بأن مصر لم تصل، لا في ماضيها ولا حاضرها، ولا مستقبلها، بإذن الله، إلى أن تكون العبرة لغيرها. فمصر، بفضل الله، لم تشهد المجاعات عبر تاريخها، بل أطعمت كل الجوعى الذين جاءوا إليها ضيوفاً أو غزاة. وأن مصر اليوم تسير بخطى واثقة نحو مستقبل تنموي واعد، بعد أن أعادت ترتيب أولوياتها وتحديد أهدافها. ونستعرض في هذا المقال، وبالأرقام وطبقاً للتقارير الدولية، بشائر هذا التحسن المذهل الذي تشهده مصر، اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً، والذي أشادت به العديد من المنظمات الدولية.
- الناتج المحلي الإجمالي: الأسرع نمواً عربياً وإقليميا
جاء معدل النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي في مصر، العام الماضي، 2019، ليكون الأعلى على الإطلاق بين جميع الدول العربية؛ مرتفعاً بنسبة 250% في أربع سنوات، من 2.2% عام 2014، إلى 5.6% عام 2019؛ وذلك حسب قاعدة بيانات البنك الدولي.
وعند أخذ الحجم السكاني في الاعتبار، فإن معدل النمو في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، كان أيضاً هو الأعلى على الإطلاق بين جميع الدول العربية، وبمعدل نمو 3.5% عام 2019؛ وعندما تتكلم الأرقام، تخرس الألسنة.
- الديون الخارجية: تحت السيطرة
وهنا فإن هناك معيارين مهمين؛ الأول، نصيب الفرد من تلك الديون، وليس إجمالي حجم الدين؛ والثاني، نسبة هذا الدين من الناتج المحلي الإجمالي. وطبقاً لهذين المعيارين، فإن مصر في موقف أفضل من جميع الدول العربية، رغم كونها دولة غير نفطية.
ففيما يتعلق بنصيب الفرد من الديون الخارجية، لم يتجاوز نصيب الفرد من الديون الخارجية في مصر 1000 دولار عام 2018، بينما ارتفع نصيب الفرد من الديون الخارجية فى دول عديدة، وذلك طبقاً لـ "The World Factbook, CIA". ولكي تزول الدهشة التي قد تعتري قارئنا الكريم من هذه الأرقام، من المهم أن نوضح أن حجم الدَين الخارجي في قطر، بنهاية عام 2017، كان أكثر من ضعف حجم الدَين الخارجي في مصر (2.2) !!!. The World Factbook, CIA".
وفي ضوء هذه الحقائق، تتوقع العديد من المنظمات الدولية تحسن الترتيب الاقتصادي لمصر بين دول العالم؛ إذ يتوقع بنك ستاندرد تشارترد أن تحتل مصر المرتبة السابعة عالمياً ضمن أكبر 10 اقتصاديات في العالم بحلول عام 2030.
- الاحتياطي النقدي: غير مسبوق
وهنا تسجل مصر نجاحاً مبهراً، فبعد أن هوى احتياطيها النقدي من 36 مليار دولار قبل ثورة يناير 2011 إلى نحو 13 مليار دولار فقط في 2013، تضاعف احتياطيها النقدي ثلاث مرات تقريباً في أربع سنوات، ليسجل 36.53 مليار دولار في سبتمبر 2017، وليواصل الصعود إلى 44.3 مليار دولار في منتصف العام 2018؛ وليصل إلى أعلى مستوى في تاريخ مصر، مسجلاً 45.45 مليار دولار في بداية العام الحالي، 2020.
- التنافسية العالمية: قدرة متزايدة
كشف تقرير التنافسية العالمية لعام 2019، الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، عن تحسن كبير في ترتيب مصر بين دول العالم، متقدما 26 درجة في خمس سنوات؛ من الرتبة رقم 119 عام 2014، إلى 93 عام 2019. وقد جاء أكبر صعود لمصر في مؤشر الابتكار لتحتل المركز 61 مقارنة بالمركز 64 العام الماضي، 2018. كما ارتفع ترتيب مصر في مؤشر البنية الأساسية لتحتل المركز 52 العام الحالي بعدما كانت تحتل المركز 56 العام الماضي. كما تحسن ترتيب مصر في مؤشر سوق العمل لتحتل المركز 126 مقارنة بالمركز 130 العام الماضي. كما ارتفع ترتيب مصر في مؤشر حجم السوق لتحتل المركز 23 عالمياً بسبب القوة البشرية التي تتميز بها.
- الوضع الأمني: منافس إقليمياً ودولياً
أما نجاح مصر في مجال الأمن فهو نجاح مبهر يلمسه المواطن بشكل مباشر في محيط بيته ومدينته وعلى الطرق الإقليمية؛ وتقر به المنظمات الدولية. وتشير دراسة عالمية أجرتها "مؤسسة جالوب" عام 2019، إلى تقدم مصر المتسارع في مؤشر الأمن والأمان. فقد حصلت مصر على المركز الثامن عالمياً والثاني عربياً من حيث إحساس المواطنين والزائرين بالأمن، متقدمة على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبعد أن كانت في المركز الـ(16) عالمياً قبل عام واحد، في 2018 (13 June 2018).
- جيش مصر ... الأقوى في إفريقيا والشرق الأوسط
فطبقاً لتقرير مركز "Global Firepower" العالمي، المختص بتقييم الشأن العسكري للدول، الصادر هذا العام، يتقدم ترتيب مصر عسكرياً بشكل ملحوظ، وتأتي ضمن قائمة أقوى عشرة جيوش في العالم لعام 2020؛ فقد قفز تصنيف الجيش المصري من المركز الـثاني عشر عالمياً والثاني إقليمياً عام 2019 إلى المركز التاسع عالمياً والأول في إفريقيا والشرق الأوسط عام 2020. وطبقاً لهذا التقرير، تتفوق مصر عسكرياً على كل من تركيا وإيران وإسرائيل، بعدما تراجع تصنيف الجيش التركي إلى المركز الثالث عشر هذا العام والذي كان يحتل المركز التاسع عالمياً والأول في المنطقة خلال 2019.
هذا الوضع المشرف لهذا الجيش العظيم هو ما جعل مصر قادرة على أن ترسم بثقة خطوطها الحمراء، ويقف عندها الجميع.
........................
هذا النهوض الاقتصادي والأمني والعسكري المذهل يؤكد أن مصر ليست عِبرَة، بل نموذجاً للتحدي والنهوض لمن أراد أن يقتدي. وهنا تحضرني كلمات عمنا الرائع، أحمد فؤاد نجم، رحمه الله، عندما تَغَزَّل في أمه، مصر: ....
مصر يا "امّه" يا "بهية" .... يام طرحة وجلابية
الزمن شاب وانتي "شابة" .... هو رايح، وانتي "جاية"
ما أجمل هذا الحب، وما أصدق النبوءة ..... فحقاً، (مصر جايه).

*أستاذ التخطيط الحضري والتنمية الإقليمية، كلية الهندسة، جامعة المنيا