الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

في ذكرى وفاته الـ50.. «عبدالناصر».. كان الحلم والأمل في عيون وقلوب المصريين.. ارتفاع عدد التلاميذ في المراحل الأساسية للتعليم بنحو الضعف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الذكرى الخمسين لوفاة الزعيم جمال عبدالناصر، تستعيد «البوابة نيوز»، التاريخ المضيء للزعيم الفذ، الذى حاز على شعبية، لم يصل إليها أحدٌ في آسيا وأفريقيا.. في هذا الملف تناقش «البوابة» قضية التعليم، والثورة الاجتماعية، التى قادها الزعيم، والتى ساهمت في تغيير بنية المجتمع المصرى.
لقد أولى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، التعليم عناية كبرى، خلال سنوات حكمه، التى امتدت لنحو 14 عامًا، إذ بنى فلسفته الخاصة بالتعليم في عبارة: «أريد لأطفال مصر والعالم العربى تعليمًا جيدًا مثل ذاك المتاح للأطفال في أوروبا».
وعمل عبدالناصر، منذ نجاح ثورة ٢٣ يوليو المجيدة، على إرساء قواعد التعليم الحديث في مصر، ورأى أنه حق لكل مواطن، وواجب على الدولة توفره للمواطنين، لعل ذلك ما شجع عبدالناصر على إلغاء اسم وزارة المعارف، ليكون وزارة «التربية والتعليم»، تعبيرًا عن أهداف الثورة المجيدة.
وقف نزيف الدم "الفلسطينى ـ الأردنى" آخر ما قدمه عبد الناصر للعرب في أسبوع رحيله 
ووفقًا للدكتورة هدى عبدالناصر، ابنة الزعيم جمال عبدالناصر؛ فإن الأهداف العامة للسياسة التعليمية، تبلورت في العيد الثالث للثورة، في ٢٣ يوليو ١٩٥٥، حين أعلن الزعيم توفير فرص متساوية لجميع أبناء الشعب، كى يأخذوا قسطًا متساويًا من التعليم الابتدائى المجانى، ووضع لذلك برنامجًا لإعداد نحو ٤ آلاف مدرسة، و٤٠ ألف معلم ومعلمة، وذلك في نحو ٨ أعوام.
ويقول الدكتور سعيد إسماعيل، في كتابه «التعليم في ظلال ثورة يوليو ١٩٥٢»، إن عبدالناصر وزعماء يوليو، بدءوا في وضع برنامج لإرسال المبعوثين في بعثات صيفية، وأخرى طويلة، في كل أنحاء العالم. وفى عام ١٩٥٦ صدر الدستور، بعدما تم الاستفتاء عليه في ٢٢ يونيو، ونصت المادة ٤٨ منه، على أن التعليم حرٌ في حدود القانون والنظام العام والآداب، وقد وردت بالنص من قبل في دستور ١٩٢٣.
ويُضيف «إسماعيل»، في كتابه، بأن الجديد في قضية التعليم، هو ما نصت عليه المادة ٤٩ من الدستور، حيث جعلت التعليم حقًا للمصريين جميعًا، تكفله الدولة؛ بإنشاء مختلف أنواع المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية، والتوسع فيها تدريجيًا، وتهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدنى والعقلى والخُلقى.
كما نظمت المادة ٥٠ من الدستور، على إشراف الدولة على التعليم العام، وتنظيم القانون شئونه، وهو في المراحل المختلفة بمدارس الدولة بالمجان، في الحدود التى ينظمها القانون. كما نصت المادة ٥١ على أن التعليم في مرحلته الأولى إجبارى، وبالمجان في مدارس الدولة، وفقًا للكتاب.
ويُوضح الدكتور عبدالمنعم الجميعى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الفيوم، أن «الزعيم عبدالناصر، وثورة يوليو، كانت نقطة فارقة في تاريخ مصر بالكامل، والتى انتقلت من الملكية إلى الجمهورية، وأصبح حكم الشعب للشعب». ويُتابع «الجميعى»، بأن عبدالناصر ألغى مجتمع النصف في المائة، وبات الجميع متساوون أمام القانون والدستور، وأوضح أن المجتمع المصرى تغير رأسًا على عقب، بسبب الثورة؛ لافتًا إلى أن مصر ظهرت في الميادين العالمية كدولة ذات قيادة، وأصبح لها شأن كبير، وبات جمال عبدالناصر، زعيمًا ومحط أنظار العالم.
ويلفت أستاذ التاريخ الحديث، إلى أن عبدالناصر، غير تاريخ منطقة الشرق الأوسط، من المحيط إلى الخليج، حيث تحررت الدول العربية تباعًا، فضلًا عن قيادة عبد الناصر حركة التحرر في أفريقيا، حتى أصبح في كل عاصمة عربية وأفريقية شارع باسم جمال عبدالناصر.
نقلة في أعداد المدارس
تنقل مجلة «بليتز» الهندية، حديثًا أُذيّعَ في ١٧ أبريل ١٩٥٩، للزعيم جمال عبدالناصر، قال فيه: «إننا ننشئ ثلاث مدارس جديدة كل يومين، والحق أن ما حققناه في ميدان التعليم مدهش، وجدير بالدراسة، وأنا وزملائى نتابع موكب التطور العالمى، خصوصًا في البلاد التى تتشابه ظروفها مع ظروفنا؛ كالهند والصين مثلًا، ثم نقوم بدراسة مقارنة لمختلف المشكلات والحلول الموثوق بها».
وما يؤكد دقة كلام عبدالناصر، الدراسة التى قام بها أستاذ علم الاجتماع، بجامعة المنيا، الدكتور صابر الدكرورى، التى رصدت مصروفات الدراسة الجامعية في مصر عام ١٩٤٠، حيث كانت ٢٠ جنيهًا لكلية الآداب، و٤٥ جنيهًا للطب، والتجارة ٢٥ جنيهًا، في العام الواحد؛ بينما كان متوسط دخل الأسرة المتوسطة ما يقرب من ٤٩٠ قرشًا للإعاشة، وهو ما يؤكد أن التعليم الثانوى والجامعى كان مقصورًا على القادرين وحدهم.
ويُتابع «الدكرورى»، في دراسته الصادرة في ٢٠١٩، بأن عدد طلاب التعليم الابتدائي، وصل في عام ١٩٦٥، إلى نحو ٣ ملايين و٤١٧ ألف تلميذ، مقابل مليون و٣٩٢ ألفًا عام ١٩٥٢؛ لافتًا إلى أنه رغم زيادة أعداد الطلبة بالتعليم الثانوى العام، حيث وصل عدد المقيدين به عام ١٩٦٩، لنحو ٢٩٢ ألفًا و١٠٩ طلاب، مقابل ١٠٩ آلاف و٧١١ طالبًا عام ١٩٥٣؛ إلا أن نسبة القبول بالثانوى العام تناقصت، حيث كانت في عام ١٩٥٣، نحو ٨٤.٥٪، وتناقصت إلى ٥٤.٨٪ عام ١٩٦٩. وتشير الدراسة، إلى زيادة نسبة القبول بالتعليم الثانوى الفنى، من ١٥.٥٪ عام ١٩٥٢، إلى ٤٥.٢٪ عام ١٩٦٩، ويرجع ذلك إلى اتجاه الدولة للتصنيع وزيادته، وبالتالى احتاجت البلاد إلى الأيدى العاملة المدربة المتعلمة. ووصل عدد طلاب الثانوى الفنى بأنواعه المختلفة عام ١٩٦٩، نحو ١٩٧ ألف طالب، مقابل ١٥.٥ ألف طالب عام ١٩٥٣.
وأضاف «الدكرورى»، أن أعداد الطلبة بالجامعات والمعاهد العليا، ارتفعت، حيث وصل عدد الطلاب بالتعليم العالى، لنحو ١٢٢ ألفًا و٨٨٣ طالبًا عام ١٩٦٩، مقابل ٣٥ ألف طالبٍ عام ١٩٥٢، وعدد الطلاب بالمعاهد العليا بلغ ٣٤ ألف طالبٍ.
إلى ذلك يؤكد الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث، بجامعة حلوان، أن عبد الناصر قاد ثورة يوليو، وغير بها وجه مصر، ولفت إلى أن عبدالناصر قدم الكثير للمصريين، دون أن يطلبوا منه ذلك في أى مظاهرة؛ موضحًا أن ذلك ظهر في «مجانية التعليم، ومنع فصل العمال تعسفيًا».
ويُضيف «الدسوقى»، أن مصر تغَيرت، من دولة يحكمها الاحتلال البريطانى، إلى دولة متحررة، لها مكانة في العالم العربى، والعالم الثالث، وبات الجميع في العالم يعرف مكانة ومقدرة مصر، حتى إنه عندما تُوفى جمال عبدالناصر، رفعت الولايات المُتحدة شعار»No Nasser Again»، وفقًا لأستاذ التاريخ الحديث.