الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

باحثون يناقشون "التحرش والخلل المجتمعي" بصالون رفاعة الطهطاوي

صالون رفاعة الطهطاوي
صالون رفاعة الطهطاوي الثقافي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقد صالون رفاعة الطهطاوي الثقافي جلسته الرابعة تحت عنوان «قضية التحرش: والخلل المجتمعي في التناول»؛ بقاعة «مجال» بالدقي؛ وذلك في محاولة للوقوف على الأبعاد المختلفة المرتبطة بظاهرة التحرش.
وذكر بيان صادر عن الصالون اليوم الأحد أن الحوار أداره عبد الحافظ بخيت، مدير عام النشر بهيئة قصور الثقافة، بحضور منسق الصالون محمد فوزي، الباحث في الشؤون السياسية. 
افتتح الحديث "حسين القاضي" الباحث والكاتب بجريدة الوطن، حيث قام بالرد على ما يدعيه المتشددون أو ما يعتقده بعض الشباب من أن عوامل إغراء الفتاة أو لبسها مسوِّغُ للرجل للتحرش بها، فقال إن الفتاة لو ذهبت مع الشاب إلى بيته برغبتها من أجل الممارسة، ويسرتْ له كل السبل لذلك، وفعلت كل المقدمات، ثم فجأة قررت أن ترفض، فلا يحق له أن يجعل ما فعلته مسوِّغا وسببا لإكمال رغبته، بل إنه يكون متحرشًا ومغتصبًا لها ومفتقدًا لإنسانيته.
وأشار إلى أن هذا المعنى قد جاء في السنة النبوية في حديث الثلاثة الذين توسلوا بعملهم الصالح لرفع الصخرة التي وقعت عليهم، ففيهم واحد جلس مع فتاة كما يجلس الرجل مع زوجته وفعلت له كل المقدمات، وفي لحظة قالت له: "لا تفض الخاتم إلا بحقه"، فلما امتنع الرجل عن أن يجعل إغراءَها ودعوتَها له مسوغًا للفعل وهو قادر على ذلك، وانتصر لإنسانيته اعتبر الله ذلك عملا صالحا يتوسل به، وفعلا رفع الله عنه الصخرة.
وجاءت المداخلة الثانية من "سناء هاشم" أستاذ السناريو بالمعهد العالي للسينما وكاتبة السيناريو المعروفة، حيث سلطت الضوء على الطرح الدرامي والفني لقضايا المرأة عموما بما فيها قضية التحرش، وأشارت إلى أن الدراما والسينما لما بدأت في مصر بدأت كعمل وطني حيث صاغت وعبرت عن أفكار التحرر من الاستعمار وهو الأمر الذي تزامن مع مشروع طلعت حرب ومحاولة الخروج بالإنسان المصري من المهانة التي يتعرض لها، وكانت المرأة أول مرآة لهذا الأمر، حيث أشارت السينما إلى ضرورة أن تحظى المرأة المصرية بمكانة مختلفة وأن تعود إلى مكانتها الطبيعة في مقابل المرأة الأجنبية التي كانت موجودة أثناء فترة الاستعمار وكانت تحظى بامتيازات كبيرة جدا، وتابعت بأنه بالرغم من أن أوائل صناع السينما في مصر كانوا سيدات (بهيجة حافظ وعزيزة أمير وفاطمة رشدي) إلا أن قضايا المرأة لم يتم تناولها بشكل ايجابي بالرغم من دعاوى التحرر التي بدأت مع بداية القرن، وهو ما أرجعته إلى سيادة ما يعرف بالتقاليد والأعراف، ثم سلطت الضوء على الحقب المختلفة وتناول الدراما للمرأة فيها سواء في الأربعينيات، أو في الحقبة الناصرية، أو فترة السبعينيات، واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن ما يحول دون التناول المحترم من قبل السينما لقضايا المرأة بما فيها التحرش هو عدد من الظروف المرتبطة بتسييس السينما، فضلا عن تخلي صناع السينما عن رسالتهم في مقابل الشباك، وهو ما انعكس على أداء السينما وتعاطيها مع العديد من القضايا.
ثم تحدث " ياسر عمر" رئيس قسم اللغة الإنجليزية بمدارس القدس الخاصة، عن العلاقة بين المدرسة وقضايا التحرش، وعن غياب الوعي لدى معظم الطلبة بمفهوم التحرش وطبيعة هذا التصرف، الذي يعتبر قضية اجتماعية ملحة تقتضي من صناع القرار في منظومة التعليم، العديد من الخطوات المهمة في سبيل مواجهة هذه الظاهرة، كتأهيل الأخصائيين الاجتماعيين بما يمكنهم من التعامل مع هذه الظاهرة، فضلا عن تعريف التلاميذ بهذه الممارسات وكيف يميزها، فضلا عن ضرورة تشجيع الأسر وأولياء الأمور عن فضح المتحرشين وعدم السكوت عن هذه الجريمة تحت مبررات الخوف مما يرونه عارا، فضلا عن ضرورة عدم الاستهانة بهذه القضية أو تسطيحها أو الاستهانة بها ووضع استراتيجية لمناقشة هذه القضية وكل ما يتعلق بها وكيف يتم تحجيمها والقضاء عليها.
وتحدثت "عتاب عادل" الأديبة والكاتبة، عن عدم عكس السينما لقضايا المجتمع بشكل واقعي، بما فيها قضية التحرش، وأن الأدب تعرض بطبيعة الحال لقضية التحرش ولكن الإشكالية كانت في العرض السينمائي لهذا التناول.
أعقب ذلك حديث "حسام الضمراني" الصحفي بجريدة الدستور والباحث الإعلامي، حيث سلط الضوء في مداخلته على التناول الإعلامي لقضية التحرش من حيث إشكالياته وطبيعة التناول الإعلامي لهذه القضية، وما يتسم به هذا التناول من بعد عن تشريح هذه القضية وتناولها من جذورها، وما يترتب على عدم التشريح من تداعيات كارثية مجتمعيا تعزز تنامي هذه الظاهرة.
ثم تحدثت "مي حامد" عضو هيئة التدريس بجامعة القاهرة، والمدرب السابق بوحدة العنف ضد المرأة بالجامعة، عن مفهوم التحرش والخلط بينه وبين عدد من المفاهيم، فضلا عن كون التحرش غير مرتبط بمسألة الجندر أو النوع الاجتماعي، فضلا عن تفرقتها بين السبب والمبرر فيما يتعلق بالتحرش، فالمبرر هو الذي يخلقه المتحرش ليبرر فعله، أما السبب فهو مرتبط بسياق معين ثابت زمانا ومكانا، كذلك تناولت الأنواع المختلفة للتحرش، وأنهت حديثها برؤيتها لبداية معالجة الحل والتي تتمثل بالنسبة لها في تعميم الوعي بهذه القضية فضلا عن وجود قانون قوي رادع.
ثم تحدثت "دينا محسن" الصحفية والباحثة الإعلامية، عن أن مواجهة ظاهرة التحرش وغيرها من الإشكاليات التي يعاني منها مجتمعنا، تحتاج إلى استراتيجية ومشروع وطني يسخر طاقاته لرصد ومعالجة هذه الإشكاليات، وأن نقطة البدء في معالجة ظاهرة التحرش ترتبط بدراسة فلسفة التحرش نفسه والبيئة المحفذة له، وبناء عليه تتم المعالجة.
أعقب ذلك حديث ل "عمر الأصمعي" المحامي بالنقد والدستورية العليا، عن الجوانب التشريعة والقانونية المرتبطة بهذه الظاهرة، وأنه منذ سنوات كنا نعاني من قصور قانوني في التعاطي مع هذه الظاهرة، فلم يدخل لفظ التحرش إلى بنيتنا القانونية المصرية إلا منذ ثلاث سنوات تقريبا، وأشار إلى الأنواع المختلفة للتحرش والتي بدأ القانون يتعاطى معها ما بين تحرش جسدي ولفظي وإلكتروني، وما يترتب على كل واحد منها من عقوبات، وأشار إلى أن القانون بشكله الحالي غير كافي لكبح جماح المتحرشين، خصوصا في ظل الضغوط التي تمارس مجتمعيا للتصالح في هذه القضايا.
ثم تحدث "أحمد فتحي حجازي" الباحث بمجمع البحوث الإسلامية، وأشار إلى ضرورة وأهمية الحوار في مثل هذه القضايا، وأن الدين ذو خلفية قيمية وبالتالي عند مناقشة إشكال أو قضية كهذه لا يمكن تجاهله عند طرح أو تناول قضية كهذه، وأن هنالك مخطؤون من علماء الدين أو الدعاة في تناولهم لقضية التحرش، وأن تعليق التحرش على شماعة زي المرأة أو غيره هو مبررات واهية، ولا تبرر مطلقا التحرش، وأن الإسلام يرفض كافة أنواع التحرش سواء كان جسديا أو لفظيا ولا يبرره، وأن الحل يبدأ من خلال مشروع وطني تتوحد فيه كافة الجهود.
ثم تحدثت "مي منصور" عضو مجلس إدارة مؤسسة شباب المتوسط للتنمية، وناشطة في مجال مكافحة التحرش، وأشارت إلى أنه بالرغم من كم الصعوبات التي تواجه المرأة فيما يتعلق بقضية التحرش إلا أن هنالك بعض المتغيرات إلى الأفضل خلال السنوات الأخيرة، منها ما هو قانوني ومنها ما يرتبط بالفتيات وقدرتهم على الدفاع عن أنفسهم، كما تناولت جهود منظمات المجتمع المدني خصوصا الشبابية في هذا الصدد، لكن في المقابل يوجد سلبية مجتمعية إزاء هذه القضية من حيث محاولة التبرير أو إلقاء اللوم على المرأة.
ثم تحدث "سامي محمد علي" المخرج السينمائي، عن غياب "المشروع الوطني" بمفهومه المنضبط وما يترتب عليه من تداعيات سلبية خصوصا في التعاطي مع الإشكاليات التي يواجهها المجتمع كقضية التحرش.
ثم تحدثت "سمر سماح" الروائية والكاتبة، عن أن الفرد هو أساس الإصلاح، وعن الحاجة إلى وضع رؤية يقع في قلبها وضع دور لعلماء الإنسانيات كالنفس والاجتماع والقانون، تضمن معالجة الظاهرة بشكل منضبط وصحيح، ثم تناولت التعاطي السلبي المجتمعي مع الظاهرة.
أعقب ذلك مداخلة ل "أسماء سليم" الباحثة في الشؤون الأفريقية، ذهبت فيها إلى أن هنالك تدرج في معالجة الظاهرة يبدأ من الأسرة، ثم المدرسة، ثم وسائل الإعلام، فضلا عن القانون الذي يجب أن يأخذ صفة الردع.
ثم تحدث "محمود عبدالراضي" نائب رئيس قسم الحوادث في جريدة اليوم السابع، واستعرض زيادة معدلات التحرش بعد 2011، وجهود وزارة الداخلية في التعاطي مع هذه الظاهرة، والتي بدأت عام 2012 بإنشاء قسم مكافحة العنف ضد المرأة والتي ألحقت بقطاع حقوق الانسان بوزارة الداخلية، وتناول التزايد الرهيب في بلاغات التحرش منذ تأسيس الوحدة حتى اليوم، وكذلك تحول التهديد من الواقع الفعلي إلى العالم الإلكتروني، وهو ما استدعى التوسع في انشاء أقسام لمكافحة العنف ضد المرأة في كل المحافظات، وتناول كذلك السلبيات التي تحول دون حدوث الردع لهذه الظاهرة منها إحجام الناس عن تقديم بلاغات ضد المتحرشين بسبب قناعات خاطئة.
ثم تحدث "عبدالعزيز معروف" الباحث بمجمع البحوث الإسلامية، عن جهود المجمع في معالجة إشكاليات المجتمع المعاصرة بما فيها التحرش، انطلاقا من تحليل بنية الإنسان نفسه، والتي ترى في الانسان كائن مركب من مادة وروح، وبنى على ذلك رؤيته بخصوص عقلية ونفسية المتحرش، وهو ما ربطه بالمشروع الوطني وضرورة أن يضع هذا المشروع في اعتباره أن معالجة الاشكاليات يجب أن ترتبط بطبيعة الانسان نفسه، ووضع نسق للمعالجة يتناسب مع طبيعته وحقيقته وليس بالضرورة مع رؤانا، وأشار إلى خطورة التيارات الإسلامية وما ترتب على ظهورها وانتشارها من سيطرة للخرافة وتهميش للفكر والوعي.
واختتم الحديث "محمد فوزي" الباحث في الشؤون السياسية والكاتب بجريدة النهار اللبنانية، حيث أشار إلى وجود ثلاث اتجاهات رئيسية في تفسير ظاهرة التحرش، فهنالك اتجاه يحمل الفتاة المسئولية الكاملة، وهنالك اتجاه يربط الظاهرة بالسياق السياسي والمجتمعي والاقتصادي والنفسي المحيط بالمتحرش، وهنالك اتجاه ثالث تقدمي أو حداثي يربط الظاهرة بغياب الحريات والوعي الجنسي، وذهب إلى أن الإشكالية معقدة ومركبة ولا يمكن تفسيرها في ضوء اتجاه واحد، كما أشار إلى أن غياب فكرة "الردع المجتمعي" والتعاطي الإيجابي من المجتمع مع الظاهرة يرتبط بكون المجتمع "ذكوري" لأسباب وظروف عديدة، فيرى هذا المجتمع أن التحرش هو الرد الطبيعي على خروج المرأة عن الإطار المرسوم لها مجتمعيا، كما أشار إلى أن هنالك تقاطع كبير بين السياسة والتحرش، وهو ما رصده من جانبين: الأول هو أن التحرش في بعض الأوقات والمواقف يكون ممنهجا وهو ما عكسته من وجهة نظره بعض الأحداث عقب ثورة يناير وأثناء حكم جماعة الإخوان حيث تبرير التحرش بالمتظاهرات وممارسة العنف ضدهم، بل وإيجابه من بعضهم.
والثاني يرتبط بالأزمات الإقليمية التي تشهدها المنطقة خصوصا في دول الصراعات، وما يترتب عليها من زيادة معدلات العنف ضد المرأة والاستغلال الجنسي للمهاجرات من دول الصراعات.
وختم بأن وجود المشروع الوطني الذي يقع في قلبه فكرة بناء الانسان، هو الأساس لحل كل الإشكاليات التي يواجهها المجتمع.