الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

مسجد "عمرو بن العاص".. تحفة الثقافة والفنون

مسجد عمرو بن العاص
مسجد عمرو بن العاص
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يلقى كتاب «جامع عمرو بن العاص والحياة الثقافية المصرية» للدكتور عبدالله إبراهيم المصرى، الصادر ضمن سلسلة «تاريخ المصريين» بالهيئة العامة للكتاب، الضوء على أول جامع بنى في مصر والقاهرة الأفريقية عقب الفتح العربى لمصر عام ٦٤١م. 
يرى المؤلف أن هذا الجامع لعب دورا ملموسا في الحياة الثقافية بل ساهم في تغيير طرأ على المجتمع المصرى من اللغة والثقافة إلى العادات والفنون والتقاليد فلم يكن وظيفة هذا الجامع تعبدية فحسب بل كان بمثابة مؤسسة شاملة ومؤثرة في حياة الناس.
بين المصرى، أنه من خلال جامع عمرو بن العاص تأسست مدرسة للتاريخ الإسلامى عقب الفتح تخرج فيها العديد من المؤرخين الذين تناولوا التراث التاريخى عبر العصور المختلفة من بينهم: المؤرخ عبدالرحمن بن عبدالله بن عبد الحكم، وعقبة بن عامر الذى يعتبر واحدا من أبرز المؤرخين الذين كتبوا عن فتح مصر، وحسين بن شفى بن مطيع الأصبحى الذى تعتبر أكثر مؤلفاته في السير والمغازى.
أشار المؤلف في هذا الكتاب إلى أن المدرسة التاريخية التى أنشئت في هذا الجامع قد استقبلت أيضا كتاب السيرة النبوية ومنهم: عبدالملك بن هشام الذى كتب سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كاملة في كتابه «السيرة النبوية» ولم تقتصر المدرسة على كتابة السيرة النبوية فحسب بل تعدى الأمر إلى كتابة سير الملوك والأمراء والعلماء ومن كتاب السير المعروفين الذين نشأوا في هذه المدرسة أبوعمر الكندى، أحمد بن يوسف بن إبراهيم والمعروف بـ«ابن الداية». 
يوضح لنا المصرى أنه قد ظهر في مدرسة جامع عمرو بن العاص من جمع في التأليف بين التاريخ، والجغرافيا ومنهم المؤرخ أبوالحسن المسعودى، الذى يعتبر عراقى الأصل والنشأة وجاء إلى مصر لطلب العلم، ويعتبر من أقدر مؤلفى القرن الرابع الهجرى وشبهه الكثيرون بالمؤرخ الجغرافى المعروف «هيرودوت». 
يؤكد المؤلف أن المغاربة، والأندلس تأثروا بمدرسة جامع عمرو بن العاص اللغوية من خلال العلماء الذين وفدوا إلى مصر وعادوا إلى وطنهم بعد رحلة التلقى، فمهمتم لم تكن تنحصر في علوم الدين فحسب بل تخطتها إلى ألوان أخرى من علوم اللغة والنحو وهذا كان له عظيم الأثر في ازدهار علوم اللغة والنحو في المغرب، والأندلس نتيجة الاتصال بعلماء مصر في جامع عمرو بن العاص ومن هؤلاء العلماء أبو عبدالله الشمر بن نمير، وعالم الأندلس الكبير عبد الملك بن حبيب، عبدالله بن المبارك.
وقد أخذ الشعر أيضا نصيبه بجامع عمرو بن العاص فتبوأ منزلة عالية في رعاية الأدب والشعر، وساعد في ذلك أن كثيرا من الصحابة الذين عاشوا في الفسطاط كانت لهم اهتمامات بالشعر حفظا ورواية وتأليفا فكونوا وأسسوا البيئة الأدبية في مصر، وذلك منذ بداية الفتح لمصر وكان في مقدمتهم عمرو بن العاص بنفسه، وعقبة بن عامر الجهنى، قيسبية بن كلثوم الكندى، أبوقبان بن نعيم بن بدر التجيبى.
يوضح المصرى، أن الدروس التى كانت تعطى في جامع عمرو بن العاص كانت تطوعا ومجانا وكانت حلقات جامعة الفسطاط بجامع عمرو بن العاص من أشهر المراكز التعليمية والأدبية خاصة في الفقه والأدب، صحن الجامع مشهور بتاريخه الأدبى على مدى القرون العديدة فقد تكونت بين جدرانه الحركة الفكرية والأدبية في مصر وكانت هذه الحلقات تعقد بصفة دورية ومنتظمة بلا انقطاع وأهمها ما كان يقام ويعقد في عصر يوم الجمعة التى كانت تعتبر موسم أسبوعى وسوق علمية وأدبية كبيرة تعج بجمهور الأدباء والقراء وتعرض فيها البحوث الكلامية والمناظرات الأدبية والمطارحات الشعرية والقصص والروايات التاريخية وكانت تنظم في حلقات متفرقة أو متعاقبة.