الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

المخرج فهمي الخولي في حواره لـ"البوابة نيوز": مسرحياتى سياسية مرتبطة بقضايا الإنسان.. قدمت «رغدة» لأول مرة على المسرح في «الرهائن».. وتوقف بروفات "الأرض" لغز لم يفسره أحد حتى الآن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الوزير العاشق»، «سالومى»، «لن تسقط القدس»، «الرهائن»، «اثنين تحت الأرض»، «شكسبير في العتبة»، «باب الفتوح»، «حمرى جمرى»، وغيرها من المسرحيات التى أخرجها المخرج المسرحى فهمى الخولى، تُشكل ذاكرة المسرحين المصرى والعربى، ورحلة الكفاح الفنى الطويل، التى لا تُعد عند الفنان مجرد أرشيف للذكريات بل مصدر إلهام الغد، أعوام تتخطى نصف القرن من العمل الخلاق، فهى منبع التجديد والأصالة فيما يبدعه «الخولى» أحد رواد المسرح في مصر والوطن العربى.
يعتقد «الخولى» أن المسرح رسالة تنوير وأداة للتغيير نحو مستقبل أفضل، ومرآة يرى فيها البشر واقعهم وحاضرهم، لذا كان من الطبيعى أن يقضى قرابة الـ57 عامًا لخدمة المسرح، بحيث يأتى تكريمه في الخامس من سبتمبر الجارى من مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى ضمن احتفالية يوم المسرح المصرى كطريقة لرد الجميل والعرفان.
التقت «البوابة نيوز» بالمخرج المسرحى للحديث عن تكريمه، وأبرز المحطات الإخراجية في حياته وشئون المسرح.

■ ماذا يمثل تكريم احتفالية يوم المسرح المصري بالمهرجان التجريبي بالنسبة لك؟
- أود أن أشكر الدكتور علاء عبدالعزيز، رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبى على هذا التكريم، فهو شىء عظيم بالنسبة لى، وليس الأول، فقد كرمتنى الدولة من قبل ممثلة في المجلس الأعلى للثقافة بحصولى على جميع جوائز الدولة، مثل جائزة الدولة التقديرية في الفنون، ومن قبلها جائزة الدولة التشجيعية، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون، وغيرها من الجوائز والتكريمات. 
■ كيف كانت بداياتك في الإخراج؟
- كانت صدفة، جاء تعيينى في فرق التليفزيون وشاركت بمساعدة المخرج الإذاعى عصمت حمدى آنذاك، وكنا نقدم عروضا مسرحية للمدارس، وشاركته أنا والفنان محمود الحدينى في مساعدة الإخراج، بالصدفة أخرجت مسرحية «كل أبناء الله لهم أجنحة» تأليف يوجين أونيل لمدرسة الإبراهيمية، وكذلك لمدرسة الفسطاط، وقد حصلت المدرستان على المركز الأول على مستوى الجمهورية.
شاركت بمساعدة المخرج أحمد طنطاوى في مسرحية «الغول» بكلية علوم عين شمس، ولأنه كان دائم الانشغال فقد قمت بمهام عمله بدلا منه، وحضر العرض الدكتور أحمد زكى ولجنة التحكيم وحصلنا على المركز الأول، واكتشفوا أننى المخرج وليس طنطاوى.
بعدها أراد المخرج أحمد زكى أن يقدم نفس النص على مسرح الطليعة، فطالبنى بمساعدته، وقدمت العرض كما قدم في علوم عين شمس؛ وكذلك أثناء دراستى في معهد الفنون المسرحية، كان الأساتذة عبدالرحيم الزرقانى، حمدى غيث، كمال يس، يستعينون بى، لكى أخرج مشاهد امتحانات النقل أو التخرج للدفعات السابقة، وقد عُرف حينها أننى خير من يقوم بتدريب الملتحقين باختبارات المعهد، لدرجة أن تسعين في المائة من الطلبة الذين التحقوا بالمعهد حينها أصبحت سببا في التحاقهم، حتى شغلت منصب أستاذ التمثيل والإخراج بقسم المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ثم قدمت مجموعة كبيرة من العروض المسرحية سواء في مسرح الدولة أو القطاع الخاص تصل إلى مائة وثلاثة مسرحيات، منها «الوزير العاشق»، «لن تسقط القدس»، «نقول إيه»، «عشرة على باب الوزير» وهى قطاع خاص إنتاج فرقة «الفور إم» وظلت تعرض لمدة ستة أشهر على مسرح الهوسابير، والجلاء، والأولمبيا في باريس، «اتنين تحت الأرض» بالمسرح القومى استمرت ستة أشهر وحققت لافتة كامل العدد وغيرها، جميعها مثلت مصر في المهرجانات العربية والدولية.

■ قدمت خمس مسرحيات أثناء إدارتك المسرح الحديث في اليوم الوحد لم تحدث من قبل أو بعد، حدثنا عن هذه التجربة؟
-أثناء إدارتى المسرح الحديث، منذ عام ١٩٨٧ قدمت تجربة فريدة تضم خمسة عروض مسرحية في اليوم الواحد، على خشبة مسرح السلام وهذا شىء غير مسبوق لم يحدث في العالم، لا من قبل أو من بعد، كانت تبدأ في الحادية عشرة صباحا، بعرض الأطفال «الأرنب المغرور»، وفى الخامسة مساء عرض مشترك مع المجلس الثقافى البريطانى «الخزان العظيم» إخراج د. أحمد زكى، وآخر إنتاج مشترك مع التليفزيون المصرى «خمس نجوم»، وفى السابعة مساء مسرحية «عريس لبنت السلطان» إخراج محسن حلمى، لأول مرة كمخرج محترف، وفى التاسعة والنصف مسرحية «الملك هو الملك»، وحققت نجاحا كبيرا، كما يوجد الآن خمسة وثلاثين مخرجا مسرحيا كبيرا يتولون المسرح، أصبحت أول من قدمهم، من بينهم المخرج خالد جلال، حين شاهدت عرضا له في المسرح الجامعى واستقدمته للمسرح الحديث وقدمته كمخرج محترف في مسرحية «اللمبة»، ونفس الشىء لأشرف زكى عندما كنت مديرا للغد، أخرج لأول مرة مسرحية بعنوان «شفيقة ومتولى»، وفى نفس الموسم أخرج مسرحية «سعدى ومرعى»، وكذلك قدمت عدة مؤلفين لأول مرة، ووجوه أخرى جديدة.
■ ماذا عن تجربة «سالومى» العالمية التى قدمت وسط النيل؟
- أعتقد أنها تجربة عالمية في طريقة ومنهج وأسلوب العرض، حيث يقطن الجمهور ظهر باخرة تسير به وسط النيل بالقاهرة وتستقر أمام مقياس النيل وقصر المانسترلى، ليشاهدوا عرضا بمسرح مفتوح على نحو مساحة كيلو متر على مرمى البصر؛ يؤكد العمل حقيقة الصراع العربى الإسرائيلى، وفى النهاية يتناول الجمهور وجبة العشاء في المطعم ثم تعود الباخرة به مرة أخرى؛ إلى جانب مكان آخر لغير القادرين على دفع مبلغ ثلاثين جنيها للعشاء والمشاهدة، فيدفع ثلاثة أو خمسة جنيهات فقط ويجلس في جزيرة بوسط النيل للاستماع والمشاهدة، لذلك خلق العرض جوا ساحرا، وحصلت به على جائزة الدولة التشجيعية ونوط الامتياز والواجب.

■ من هم نجوم الفن الذين اكتشفتهم وقدمتهم للوسط الفنى؟
- اكتشفت مجموعة كبيرة من الفنانين وقدمتهم للوسط الفنى من بينهم: «أحمد زكى، شهيرة، ناصر عبدالمنعم، ياسر على ماهر، عبلة كامل، أحمد كمال،»، وقدمت أيضا محمود حميدة وهو طالب بتجارة عين شمس، فاروق الفيشاوى وهو طالب بآداب عين شمس، محسن حلمى بحقوق عين شمس، عصام السيد وكان طالبا بكلية التربية، وعددا كبيرا من نجوم مصر كانوا معى بمسرحية «باب الفتوح» عندما أخرجتها لجامعة عين شمس، إلى جانب عدد كبير من النجوم العرب من بينهم «رغدة» التى قدمتها لأول مرة على المسرح في عرض «الرهائن» بمسرح السلام في ١٩٨٢، وكانت تفتخر بأنها تلميذة في مدرسة فهمى الخولى، وبعدها خطفها منتجو السينما، وهكذا.
■ كيف تنظر للمسرح من واقع أعمالك الفنية؟
- نظرتى للمسرح أنه ينبع من الواقع والناس وما يهمهم، ومن مهام رجل المسرح أنه لا يقدم غير كل ما هو ممتع ومتمرد ومُغير للإنسان، والمشاهد الذى سيدخل العرض ثم يخرج منه يصبح عكس ما دخل، بمعنى أنه غير واع لأشياء كثيرة في واقعه فأنت تقوم بتوعيته وتقدم له نفسه وأحلامه وحلولا لحلم يعشيه لهذا الواقع وهو يحاول أن يفكر أو يساهم في التغيير، فكل عروضى سياسية مرتبطة بقضايا الإنسان.

■ قدم البيت الفنى للمسرح مبادرة «اضحك فكر اعرف» لمسرحيات تشيكوف شهدت تعقيبا لرواد المسرح على العروض لأول مرة كيف ترى ذلك؟
-هذه المبادرة يُشكر عليها سامح بسيونى، إيهاب فهمى، إسماعيل مختار، خالد جلال، ووزيرة الثقافة، لأنهم بحثوا في فكرة الأونلاين، نظرا لانتشار فيروس كورونا، وتقديم مسرحيات دون جمهور، كنت واحدا من بين الرواد الذين عقبوا على العروض، قدمت خلالها تعقيبا على عرض «أبوعطسة جنان» للمخرج هشام عطوة، لذا تعد المبادرة تجربة مميزة، مثلما كان «توفيق الحكيم» يقدم مسرحه الذهنى قائلا: «أقدم النص للمطبعة، والقارئ يقيم مسرحه من خلال ذهنه والقراءة»؛ لكن لم تستمر هذه المبادرة لأن المسرح لا بد من الضلع الثالث وهو الجمهور والمتعة الجماعية في المشاهدة واللقاء الحى المباشر، كذلك نفس الشىء يشكر عليه أيضا د. علاء عبدالعزيز، على إقامة مهرجان «التجريبى» في ظل هذه الظروف.
■ كيف ترى شباب المخرجين في الوقت الراهن؟
- هناك عدد كبير من المخرجين المتميزين أفضل منا ومن أساتذتنا، كل منهم له أسلوبه الخاص، والمميز من بينهم خالد جلال، جمال ياقوت، إسلام إمام، سامح بسيونى، محمد مرسى، طارق الدويرى، تامر كرم، محمد الصغير، أحمد رجب، محمد مكى، وغيرهم سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو الجامعة، ولكن أرجو أن يأخذوا حقهم في قيادة العملية المسرحية في كل المجالات ولا يستبعدوا.


■ آخر ما توصلت له المسرحية المنتظرة «الأرض» الآن؟
- عقب موافقة الرقابة على عرض «الأرض» أحد روائع عبدالرحمن الشرقاوى، أجريت بروفات للعمل ما يقرب من خمسة أشهر، ولكن صدر أمر بوقف هذه البروفات، ولم يعلم رئيس قطاع الإنتاج الثقافى المخرج خالد جلال بذلك الأمر، لكنه تواصل مع رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية الحالى في حضورى قائلا له: «يكفى أن تكتب عبدالرحمن الشرقاوى، وفهمى الخولى على باب مسرح البالون هذا شرف للبيت، فكيف تتوقف البروفات»، حسب قوله فلا أعلم بماذا أجابه! حتى الآن لا أدرى لماذا؟ علما أن ميزانية العرض أقل بكثير من العروض المقدمة حاليا على البالون، ومما يقال لى إن الناقدة الدكتورة وفاء كمالو، أعدت تقريرا بأن عرض كبير مثل هذا مكانه ليس فرقة الآلات الشعبية بل المسرح القومى، هذا التقرير بدلا من أن يتم تفسيره لصالح العرض والمخرج، أقروا بأن مكانه المسرح القومى وليس البالون، وهذه مهزلة! تقرير عظيم لناقدة كبيرة يقول: «إن هذا العرض مشرف»، لكنهم يفسرون هذا قائلين: «للأسف نحن لسنا بحجم هذا العرض»، فمدير الفرقة لا يفقه شيئا، وكذلك مدير الفرقة الاستعراضية ليس مخرجا ولا مؤلفا ولا فنانا من أصله ولا يعرف قيمة العرض، وفرقة أنغام الشباب أيضا، فكل ما يقدم هناك عروض فاشلة يصرف عليها آلاف الأموال بلا طائل دون المحاسبة، بل وما زالوا مستمرين.
■ كيف ترى المسرح المصرى الآن؟
- المسرح المصرى يعود لأوج ازدهاره على يد الشباب المبدعين دون المسئولين غير المبدعين الذين يقدسون النظريات، انظر إلى أى مبدع، هل تقول الدكتور سيد درويش، الدكتور بيتهوفن، دكتور فان جوخ؟ النتيجة أنه لا يوجد في معهد الفنون المسرحية ولا أكاديمية الفنون القيادة المبدعة مثلما كان هناك يوسف شاهين وصلاح أبوسيف في معهد السينما ليخرج على بدرخان وعاطف الطيب وخيرى بشارة، نحن نأمل أن تتكرر التجربة حاليا مع الفنان أشرف زكى.
■ ما هى الرسالة التى توجهها لشباب المخرجين؟
- أن يهتم هؤلاء الشباب بحسن اختيار النص والتوقيت المناسب للجمهور، أى يقدم ما يهم الناس ويساهم في التغيير والتمرد، لأن المُتفرج يستنير ويزداد بكم كبير من المعرفة والثقافة والوعى المجتمعى، وأن يؤمن بأن المسرح قضية من الناس إلى الناس.