الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تلك الكائنات النشطة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طلبت الإدارة ومعلماتنا أن نعود إلى المدرسة مع ظهيرة اليوم بملابس غير رسمية،ويفضل أن تكون رياضية هكذا قالت المعلمة مشرفة فصلنا، كنا تلاميذ الفترة الصباحية، حدث ذلك سنوات مرحلتنا الابتدائية،.فامتثلنا بعد أخذ الأذن من والدينا، فقلما يُطلب منا الأوبة للمدرسة في غير معتادنا معها، حين حضرنا جمعونا في ساحة مدرستنا، مدرسة الأنوار الابتدائية، وتقدم ألينا شباب وفتيات بدوا أكبر منا سنا، ومعهم قادتهم، تعلو وجوههم أبتسامة مقابل عيون الدهشة والاستغراب عندنا !، فمن هؤلاء من جاؤوا لأجلنا، ويتحركون بأريحية بمدرستنا وهم زوارها لأول مرة ؟، كنت بالصف الرابع، وآخرون رفاق بصفوف الخامس والسادس،جمعتنا وشوشات فور وصولنا، تُرجح أن موادا ودروسا جديدة تضاف إلى حِملنا الصباحي،أو لعلها حصص التوعية الصحية الوقائية، لمن كانوا يمرون بصفوفنا،ويصبون في أسماعنا جملا متسارعة، كلها تبدأ بيجب علينا أن نفعل هذا، وأن لا نفعل ذلك،ننتبه لبعضها،ونسهو عن بعضها الآخر،وأحيانا تأخذنا الضحكات فور مغادرتهم لفصل آخر، ونعلق أنها حكاية بلا صور، ثم لماذا لايجلبون معهم صورا، نستمتع بها فيصبح كلامهم كما درس القراءة أو الرسم لعلنا نتعلق بها أكثر.
صحونا من أندهاشنا بضيوف مدرستنا، بأشارة تبادلوها ثم تصفيقات بأيقاع مرتب يسهل تقليده كحركة يد،ولكن سيصعب علينا أن نكون موحدين في دقة وتوقيت ذاك التناغم الذي وصل أسماعنا منهم، على مسافة منا ما لم ننتبه له، باتجاه حديقة المدرسة، قطع من الفرش ذي ألوان جميلة، طلبوا منا أن ننطلق مجموعات ونجلس عليها، كان الطقس ربيعيا دافئا، شكلنا بمساعدتهم، جلسات بشكل دوائر، وتخلصنا من عادة الطوابير،المصفوفة المتتالية عنوان صباحاتنا،التي نعطي فيها ظهورنا لبعضنا البعض،لحظتها صرنا بمواجهة مكشوفة،ووجوهنا متقابلة، قنصنا أبتسامة تعلن أعجابنا المبدئي بما يحصل.ووقف أولئك الضيوف بملابسهم التي لم نعهدها حولنا،بمحيطنا المحدود، بدت كبدل أنيقة جميلة ألوانها متناسقة، وأجسادهم تتحرك حرة فيها، وإن اختلفت شاراتهم التي تزين تلك الملابس باستثناء علم البلاد، كما ألوان الأربطة التي احاطت بقمصانهم عند الرقبة،ما أتذكره ثلاثة ألوان مختلفة،حضر بها أولئك الشباب والفتيات وقادتهم، منها اللون الازرق (سحابي).
بدءوا يعرفوننا بأنفسهم أنهم الحركة الكشفية،علمونا معنى شاراتهم كما أنواع تحيتهم،حتى تلك التصفيقة المميزة ما بثت فينا حيوية وبهجة،حين طلبوها منا فور أشارتهم بذلك، وغنينا معهم أغنيتهم: ليلاي لاي ليلاي لاي أحنا الكشافة...، وأغنية وراء أغنية بما لم نعرف أو نسمع من كلمات تدعو إلى العمل والنشاط،والقيم الحسنة،حتى ألعابهم المحفزة لم نلعبها قبلا، فبدت لي وقتها كأنها أختراع يخصهم الفكرية منها والرياضية، قضينا أياما جميلة معهم، امتدت لأسبوع أتذكر أني رجعت في أحد تلك الأيام أستجدي والدي أن أنتسب للكشافة، وأصف له بطريقتي تلك الكائنات المرتبة النشطة، وكعادته لا يقدم رفضه بدون أسانيد ومبررات ليقنعني، وأنا تلميذة الابتدائي،وبعد مناقشة طويلة فيها أخذ ورد قال لي بحنو الاب: سيؤثر أنشغالك بالكشافة في تحصيلك الدراسي، وأنت المتفوقة وذات التراتيب المتقدمة غدا ستتراجعين هل ستقبلين ذلك !!، سلمتُ بالأمر الواقع، هواجس والدي وهو الصديق قبلا والناصح، لكن ذاكرتي لم تنس ولسنوات تلك الظهيرة ( لا أعرف الآن ما جمع ظهيرة !)، المشبعة بالحركة والنشاط، ودروس الالتزام والمسئولية، كما السلوك الحسن الذي أظهره أولئك الشبيبة في علاقتهم بنا، وبين بعضهم البعض من ساعة ألتقينا بهم وحتى يوم وداعهم لنا.ورغم أن ذلك لم يتكرر بمدرستنا أبدا غير تلك السنة، إلا أنها كانت ساعات وأيام استثناء، حققت لنا حلما أحببناه في مرحلتنا، بأن نتعلم شيئا جديدا وبطرائق متعددة جاذبة وجميلة !.