الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

دراسة: مقاطع الفيديو القصيرة تسهم في خلق تحوّل نوعى للحياة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد عايش الكثير منا عددًا من التطورات التكنولوجية المهمة في حياتنا، بما في ذلك انتشار وانحسار استخدام الهواتف الثابتة، والتقدم المتسارع والمتنامي لتكنولوجيا الهاتف المحمول والهواتف الذكية، وهيمنة الإنترنت على العديد من جوانب حياتنا، والمزيد غير ذلك. وهذه ليست سوى بعض من الاتجاهات التي أثرت بشكل مباشر على حياتنا، بل   شكّلت نقطة تحول حاسمة وبصمة كبيرة! وقد لعبت هذه التغيرات دوراً في إحداث تحول في كيفية تفاعلنا وتواصلنا حتى مع أفراد عائلتنا، وطريقة استخدام ومشاركة المعلومات، وكيف نقضي أوقات فراغنا. تخيل، على سبيل المثال، أن تخبر شخصًا نشأ في حقبة الثمانينيات، أن بمقدوره، في غضون سنوات قليلة، مشاهدة فيلمه السينمائي المفضل أو تعلم لغة جديدة في أي وقت، كل ذلك باستخدام جهاز أكبر بقليل من لوح الصابون!
لقد شكل هذا التدفق الهائل للمعلومات والمحتوى مصدر إلهام للأبحاث العلمية للتعمق أكثر في مسألة فترة الانتباه لمقاطع الفيديو، وذلك لتحديد المدة الزمنية التي تعتبر طويلة جداً وزائدة عن الحد. وتتمثل الإجابة المختصرة على ذلك التساؤل في أنه لا يوجد هناك صيغة محددة، باعتبار أن الأفراد يسعدون بمشاهدة والتفاعل مع مقاطع الفيديو ذات الفترات الزمنية المتنوعة وعبر مختلف منصات البث الرقمية، بدءاً من 30 ثانية على "إنستجرام" وصولاً إلى  دقيقتين على "يوتيوب". والأهم من ذلك أن الثواني الثلاث الأولى من أي مقطع فيديو هي ما يلفت انتباه المشاهد، ويضمن استمراره في المشاهدة حتى النهاية.
والتساؤل الذي يدور هنا، لماذا تعتبر الأرقام الإحصائية حول مدى تفاعل المشاهد، مهمة للغاية؟ ويعود السبب في ذلك إلى أن "يوتيوب" كانت قد أتاحت مساراً مهنياً جديداً كلياً للملايين من الأفراد حول العالم والذي يتمثل في إنشاء محتوى الفيديو. وفي موازاة تزايد عدد تطبيقات الفيديو، يتنامى حجم الفرص المتاحة بالوتيرة ذاتها. 
ومن المؤكد أيضاً أن منصة بث مقاطع الفيديو القصيرة تُعدّ بمثابة القطاع الأكثر رواجاً والأسرع نمواً في العالم على مدى السنوات الثلاث الماضية. وفي عام 2019، بلغ إجمالي عدد مستخدمي تطبيقات "تيك توك" و"لايكي" و"تريلر" أكثر من 9 مليارات مستخدم حول العالم. وقد تمكنت تطبيقات مقاطع الفيديو القصيرة من إرساء حضور بارز لها في المخيّلة الشعبية من خلال المساهمة بتحقيق وعد واضح وصريح يتمثل في مبدأ: "انت تبتكر، ونحن ندعمك بالقدرات التقنية". وإلى جانب ما سبق، تشكل منصة بث مقاطع الفيديو القصيرة ملاذاً للترفيه والتسلية بالنسبة لجيل الشباب، كما أنها تعتبر وسيلة إنتاج فاعلة للعديد من المواهب. ونظراً لأن المنصة مجهزة بمجموعة واسعة من الأدوات التي تشمل ميزات مثل الفلاتر والمؤثرات الخاصة وغيرها العديد من وسائل التحرير الإضافية المدمجة في التطبيق نفسه، فقد أصبح التخصص في مجال صناعة محتوى الفيديو، وعلى نحو مفاجئ، فرصة مهنية سانحة لعدة ملايين أخرى من الأفراد حول العالم. 
لقد استطاعت تطبيقات مقاطع الفيديو القصيرة بالفعل أن تثبت وجودها ودورها الفاعل في إحداث فرق كبير في حياة الأفراد، سواء كانت ربة منزل تود مشاركة شغفها في تحضير وطهي أشهى المأكولات المصرية التقليدية مع متابعيها، أو شاب يعاني من الإعاقة الحركية ويرغب بالبقاء على اتصال بالعالم الخارجي من حوله، وغير ذلك من الأمثلة  الأخرى. وهذه التطبيقات لا تقتصر فقط على مبتكري المحتوى، إذ إن هناك الملايين من المستخدمين والمشاهدين الذين يتدفقون على تطبيقات بث مقاطع الفيديو القصيرة مثل "تيك توك" و"لايكي" و"تريلر" والمزيد غيرها، ليكونوا جزءًا من هذا التطور. يتم عرض العديد من القصص المؤثرة والملهمة والإبداعية على منصات بث مقاطع الفيديو القصيرة، مثل حكاية طفلة فقيرة شُفيت من مرض السرطان بفضل تشجيع المعجبين، أو قصة شاب آخر يستعرض موهبته في تصوير الأفلام القصيرة، أو حكاية أخرى بطلتها ممرضة تستعرض على متابعيها تجاربها في مساعدة الناس خلال جائحة كوفيد 19. ولهذا، فإن مقاطع الفيديو القصيرة تتيح منصة مواتية ومجال رؤية أوسع لجميع الراغبين في الابتكار والعرض والاستكشاف والبحث.
ومع ذلك، بالتزامن مع هذا النمو في رواج منصات بث مقاطع الفيديو القصيرة في أوساط المستخدمين، ينشأ هناك تساؤل حول ملكية المحتوى والتأكد من مدى صحته وأهميته وصلته بواقعنا الحياتي. لقد ابتكرت كافة منصات التواصل الاجتماعي نظام آلياً لضمان أمن وسلامة الإنترنت. ومن ناحية أخرى، نود التأكيد على حقيقة مفادها أن حقوق المحتوى تقع في نهاية المطاف على عاتق المنشئ نفسه، كما يمتلك المضيف مفتاح التحكم لإزالة المحتوى الذي ينتهك سياسات المضيف والأنظمة المحلية.
وفي واقع الحال، يُعد هذا نموذجاً ينطوي على مزيج متناغم لضمان توفير أفضل محتوى على المنصة – فالمنشئ يقع على عاتقه جذب أعداد أكبر من المتابعين وزيادة الفرص الاقتصادية، في حين تلعب المنصة دوراً في إتاحة تجربة استخدام ممتعة وآمنة وملائمة ثقافيًا.