الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

يحاول السيطرة على ثروات البحر المتوسط.. أردوغان عدو الجميع.. انتهاك تركيا لسيادة اليونان وقبرص يهدد بإشعال حرب في المنطقة.. الاتحاد الأوروبى ضعيف وواشنطن تتجاهل لكن إسرائيل لن تبقى صامتة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يواصل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان سياساته العدوانية، ومحاولات السيطرة على موارد الطاقة، والتى تذكرنا بالسلوك العثمانى القائم على السيطرة ونهب موارد الدول الأخرى، وأدت التوترات المتصاعدة، بشأن احتياطيات الطاقة في شرق البحر المتوسط، إلى تصادم السفن الحربية اليونانية والتركية، مما يهدد بإشعال حرب في المنطقة.
كما تحتضن تركيا مجموعات متعددة من الجماعات الإرهابية المصنفة في دول العالم كمنظمات إرهابية، بالإضافة إلى أنها أرسلت قوات عسكرية إلى قطر بعد المقاطعة الخليجية لها، بعد أن اتهمت الدوحة بدعم الإرهاب من قبل الدول العربية، وتواصل عدوانها على أراضى سوريا.




ليبيا

صعد أردوغان سياساته العدوانية لتشمل منطقة شرق المتوسط، بعدما أرسل جنود أتراك وميليشيات مسلحة إلى ليبيا التى مزقتها الحرب، وذلك لمساندة حكومة الوفاق الخاضعة لسيطرة جماعة الإخوان الإرهابية، ووقعت الحكومة التركية اتفاقية للتعاون الأمني والبحرى مع حكومة الوفاق لتحديد مناطقها الاقتصادية الخالصة (EEZ)، وتجاهلت تمامًا حقوق قبرص واليونان خاصة أن اليونان عضو في حلف الناتو.
وتعد كل من اليونان وقبرص من أكثر دول المنطقة تضررا من محاولات تركيا لتحويل مساحات من البحر الأبيض المتوسط إلى السيادة التركية، وتستخدم أنقرة هذه الصفقة المشبوهة لإضفاء الشرعية على استكشافات الطاقة في مناطق تعتبر بمعايير القانون البحرى الدولى مياه اقتصادية يونانية وقبرصية، كما تهدد باستخدام أسطولها البحرى ضد أى دولة تحاول التدخل رغم أن هذا سيكون تصعيدًا كبيرًا على تعزيز الصراع بالإضافة إلى انتهاك تركيا لمبادئ القانون الدولى.


الاتحاد الأوروبى

اتجهت تركيا نحو التصعيد في منطقة شرق المتوسط، وأصبح الوضع معقدًا بسبب ضعف الاتحاد الأوروبى، الذى لا يستطيع التحرك بصورة جماعية لمواجهة التدخلات التركية، وتواجه دول الاتحاد معضلة أمنية كبيرة في ظل استمرار أردوغان في استخدام القوة العسكرية، خاصة أنه يدرك أن استخدام القوة يؤتى ثماره ما لم يكن الطرف الآخر على استعداد للرد بقوة أكبر.
وضمن هذا السياق هناك مجموعة من المحفزات تدفع تركيا لانتهاج هذه السياسات، خاصة مع تراجع تهديدات انتشار فيروس كورونا المستجد، كما أن تركيا تعانى مشكلات اقتصادية متعددة الأمر الذى لم يقف حائلًا أمام استمرارها في التصعيد العسكرى الإقليمى، ويمكن إرجاع هذه السياسات العدوانية من جانب تركيا إلى ضعف القوى الأخرى في مواجهتها خاصة دول الاتحاد الأوروبى التى تتشابك معها في بعض الملفات الحيوية مثل ملف اللاجئين، وهو الملف الذى تستثمره تركيا في الضغط على دول الاتحاد، كما أن اردوغان يريد أن يوسع نفوذ بلاده على حساب دول أخرى في البحر الأبيض المتوسط التى تُترك بدون دعم الولايات المتحدة ودول الاتحاد بالصورة التى تحافظ على مصالحهم.



تهديدات متعددة
من ناحية أخرى، يشكل التدخل المكثف للجيش التركى في ليبيا وإرسال ميليشيات وجماعات إرهابية إلى هناك تهديدًا مباشرًا لمصر وأمنها القومى ومصالحها الإستراتيجية؛ حيث تعتبر الإخوان الذين أصبح أردوغان زعيمًا غير رسمى لهم جماعة إرهابية، بعدما قامت هذه الجماعة بتنفيذ ورعاية الهجمات الإرهابية التى تتعرض لها الدولة المصرية.

من ناحية إسرائيل، وبصرف النظر عن البيان الأخير الداعم لحقوق اليونان، إلا أنها لم تشارك حتى الآن في أى صراع، فليبيا بعيدة جغرافيًا عن إسرائيل، ولا تهدد تركيا بانتهاك المنطقة الاقتصادية الخالصة لإسرائيل في البحر المتوسط، وعلى العكس من ذلك تتداخل مطالبات تركيا مع مطالبات اليونان وقبرص، والخلاف بين إسرائيل وتركيا هذه الأيام يتعلق بدعم أنقرة لحركة حماس، فضلًا عن مساعيها لكسب نفوذ بين الفلسطينيين من خلال الاستثمار في القدس الشرقية. وعندما أعاد أردوغان تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، كان هناك حديث عن أن المسجد الأقصى في القدس هو التالى في خط التحرير كنوع من أنواع جذب التعاطف الفلسطينى والعربى، لكن تركيا كانت حذرة من استخدام القوة في السياق الإسرائيلى منذ فشل مرمرة عام ٢٠١٠.
ومع ذلك، فإن لدى إسرائيل خططا واضحة للتعاون الاقتصادى مع أوروبا عبر خط أنابيب غاز واستثمارات في مجال الطاقة من المفترض أن يمر عبر قبرص، وهنا يبرز التساؤل حول ماهية الخطوات التى يمكن أن تتخذها تركيا في هذا الشأن، وهل ستحاول التدخل في هذه المشاريع على أساس أنها قطعت المنطقة الاقتصادية الخالصة التى أنشأتها أنقرة بدعم من حكومة الوفاق الوطني؟ وفى النهاية في حال اتجاه تركيا لمثل هذه السياسات فإنها ستكون بمثابة دعوة تركية صريحة لمواجهة عسكرية مع إسرائيل التى لن تتردد في الدفاع عن مصالحها الحيوية في البحر المتوسط.
وهناك مجموعة من التحديات تواجهها دول منطقة شرق المتوسط بسبب التهديدات التركية واستمرارها في الاعتماد على التصعيد العسكرى مع كل من قبرص واليونان، في ظل غياب الدور الفاعل والمؤثر لكل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية في مواجهة هذه التهديدات، وهو الأمر الذى من شأنه أن يتسبب هذا التوتر في حشد عسكرى مضاد لمختلف دول المنطقة في محاولة منها لمواجهة التدخلات التركية غير المشروعة للتنقيب عن الغاز في المناطق الاقتصادية الخاصة بدول المنطقة، وهذا الوضع مرشح للتصعيد في ظل عدم احترام تركيا قواعد القانون الدولى الهادفة إلى تنظيم التعاون في استغلال الثروات المكتشفة حديثًا.